الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة
في ضمان الوديع إذا نوى التعدي ولم يفعل
الحكم إذا علق بفعل لم يثبت بمجرد النية.
النية المجردة معفو عنها.
[م-1932] اختلف الفقهاء في الوديع ينوي التعدي على الوديعة إلا أنه لم يفعل، فهل إذا تلفت بعد ذلك يكون ضامنًا بسبب نية الخيانة، أو لا يكون ضامنًا لعدم الفعل؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول:
نية التعدي لا تجعل الوديع ضامنًا إذا تلفت الوديعة ولم يتعد، وهذا مذهب الحنفية، والشافعية في الأصح، ومذهب الحنابلة.
واستثنى الشافعية ما لو اتصل بالنية نقل من الحرز فيضمن.
والقول بعدم الضمان هو مقتضى مذهب المالكية حيث لم يجعلوه ضامنًا إذا تعدى، ثم رجع عن تعديه، فمن باب أولى إذا نوى التعدي ولم يتعد
(1)
.
(1)
المبسوط (11/ 112)، بدائع الصنائع (6/ 213)، العناية شرح الهداية (8/ 489)، البحر الرائق (7/ 277)، فتح العزيز بشرح الوجيز (3/ 329)، أسنى المطالب (3/ 79)، المنثور في القواعد (3/ 300)، الحاوي الكبير (8/ 362)، نهاية المطلب (8/ 450) و (11/ 399)، المبدع (5/ 240)، الإنصاف (6/ 334)، المغني (6/ 307)، الشرح الكبير على المقنع (7/ 319)، الإقناع (2/ 381)، شرح منتهى الإرادات (2/ 357)، كشاف القناع (4/ 176).
وانظر مذهب المالكية في الرجل يتعدى على الوديعة، ثم يرفع التعدي في: المدونة (6/ 147، 159)، الكافي لابن عبد البر (ص: 404)، القوانين الفقهية (ص: 246).
جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام: «نية التعدي المجردة بلا فعل ليست موجبة للضمان»
(1)
.
وجاء في الإنصاف: «لا يضمن بمجرد نية التعدي، بل لا بد من فعل، أو قول، وهو صحيح، وهو المقطوع به عند الأصحاب»
(2)
.
° دليل من قال بعدم الضمان:
الدليل الأول:
(ح-1183) ما رواه البخاري من طريق قتادة، عن زرارة بن أوفى،
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي عليه السلام قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم
(3)
.
الدليل الثاني:
لا يصير الإنسان متعديًا بمجرد النية، كما لا يصير غاصبًا بمجرد نية الغصب، ولا يصير بائعًا بمجرد نية البيع، ولا يصير مطلقًا بمجرد نية الطلاق.
القول الثاني:
إذا نوى التعدي، ثم تلفت بعد ذلك ضمن، وهذا وجه في مذهب الشافعية،
(1)
درر الحكام شرح مجلة الأحكام (2/ 308).
(2)
الإنصاف (6/ 334).
(3)
صحيح البخاري (5269).
حكاه العراقيون، ورجحه ابن سريج من الشافعية، وهو وجه في مذهب الحنابلة حكاه القاضي أبو يعلى
(1)
.
قال إمام الحرمين: «حكى العراقيون والشيخ أبو علي وجها غريبا أن مجرد النية يتضمن التضمين، كما أن مجرد نية الاقتناء تقطع حول التجارة»
(2)
.
° وجه القول بالضمان:
القياس على الملتقط إذا أخذها بنية التملك فإنه يضمنها فكذلك الوديعة.
° ونوقش هذا من وجهين:
الوجه الأول:
الكلام على النية الطارئة، أما لو أخذ الوديعة بنية الخيانة من الابتداء فإنه يضمن، وكذلك اللقطة إذا أخذها بنية حفظها لصاحبها، ثم نوى الخيانة فإن الخلاف يجري فيها كما يجري في الوديعة.
(3)
.
(1)
نهاية المطلب (11/ 400)، الحاوي الكبير (8/ 362)، روضة الطالبين (6/ 334)، نهاية المحتاج (6/ 129)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 187)، المبدع (5/ 240)، المغني (6/ 307)، الشرح الكبير على المقنع (7/ 319)، الإنصاف (6/ 335).
(2)
نهاية المطلب (11/ 400).
(3)
المغني (6/ 307).
الوجه الثاني:
الفرق بين عقد الوديعة واللقطة وذلك أن الوديعة عقد، والنية ضعيفة فيه فلا تؤثر بخلاف الالتقاط.
° الراجح:
أرى أن قول الجمهور أقوى، وأن النية بمجردها لا توجب الضمان، والله أعلم.
* * *