الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
يجب رد الوديعة متى طلبها صاحبها
الأمانات مؤداة إلى أربابها: الأبرار منهم والفجار.
[م-1922] تكلمنا في المبحث الأول من آثار عقد الوديعة عن وجوب حفظ الوديعة، ومن يستعين بهم الوديع في الحفظ من أهله وعياله، وحكم الاستعانة في الحفظ بأجنبي، ومتى يكون ذلك سائغًا، ومتى يكون ذلك تعديًا، ونتكلم في هذا المبحث عن آثر آخر من آثار عقد الوديعة، وهو حكم رد الوديعة إذا طلبها صاحبها.
وقد ذكر الفقهاء بالاتفاق أنه يجب على المودَع رد الوديعة إلى صاحبها إذا طلبها المودِع
(1)
.
وقد دل على ذلك الكتاب والسنة، والإجماع، والمعقول.
أما الدلالة من الكتاب فلقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58].
(1)
بدائع الصنائع (6/ 210)، العناية شرح الهداية (8/ 487)، تبيين الحقائق (5/ 77)، مجلة الأحكام العدلية، مادة (794)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 245)، الخرشي (6/ 117 - 118)، عقد الجواهر الثمينة (2/ 850، 853)، التاج والإكليل (5/ 265)، الشرح الكبير (3/ 431)، منح الجليل (7/ 41)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (3/ 566)، حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/ 276)، المنثور في القواعد الفقهية (3/ 204)، روضة الطالبين (6/ 343)، الفروع (4/ 490)، مجلة الأحكام الشرعية، مادة (1336)، الإنصاف (6/ 352).
(ح-1172) وأما الدلالة من السنة فلما روى الإمام أحمد من طريق حميد، عن رجل من أهل مكة، يقال له: يوسف، قال: كنت أنا ورجل من قريش نلي مال أيتام، قال: وكان رجل قد ذهب مني بألف درهم، قال: فوقعت له في يدي ألف درهم، قال: فقلت للقرشي إنه قد ذهب لي بألف درهم، وقد أصبت له ألف درهم، قال: فقال القرشي:
حدثني أبي، أنه سمع رسول الله عليه السلام يقول: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك.
[هذا إسناده ضعيف؛ لإبهام ابن الصحابي الذي روى عنه يوسف وله شواهد ضعيفة، قال أحمد: لا أعرفه عن النبي عليه السلام من وجه صحيح]
(1)
.
وأما الدلالة من الإجماع فقد قال ابن قدامة: «لا خلاف في وجوب رد الوديعة إلى مالكها إذا طلبها»
(2)
.
وقال ابن المنذر: «أجمع أهل العلم على أن الأمانات مؤداة إلى أربابها: الأبرار منهم والفجار»
(3)
.
ومن النظر: فإن عقد الوديعة عقد جائز من الطرفين، فإذا طلب المالك الوديعة فإن هذا يعني فسخ عقد الإيداع وهو حق ثابت له لعدم لزوم العقد في حق كل واحد من الطرفين.
قال الكاساني: «ويتعلق بكونها - أي الوديعة - أمانة أحكام منها: وجوب الرد عند طلب المالك»
(4)
.
(1)
سبق تخريجه، انظر (ح).
(2)
المغني (6/ 306).
(3)
الإشراف (6/ 330).
(4)
بدائع الصنائع (6/ 210).
وقال ابن شاس المالكي: «للوديعة عاقبتان: ضمان عند التلف، ورد عند البقاء، أما الضمان فلا يجب إلا عند التقصير، وللتقصير سبعة أسباب ..... ثم ذكرها.
العاقبة الثانية في الوديعة: رد العين عند بقائها، وهي واجبة مهما طلب المالك، وانتفى العذر
…
»
(1)
.
وقال ابن حزم: «فرض على من أودعت عنده وديعة حفظها، وردها إلى صاحبها إذا طلبها منه
…
»
(2)
.
* * *
(1)
عقد الجواهر الثمينة (2/ 850، 853)، وانظر حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/ 276).
(2)
المحلى، مسألة (1388).