الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول
أركان الوديعة
الفصل الأول
خلاف العلماء في أركان الوديعة
[م-1891] تقدم لنا أن الوديعة عقد، وإذا كان عقدًا فلابد له من أركان يقوم عليها كسائر العقود:
وقد اتفقوا على أن الصيغة: (الإيجاب والقبول) من أركان الوديعة، واختلفوا فيما زاد على ذلك:
القول الأول:
أن أركان الوديعة الصيغة فقط وهي الإيجاب صريحًا أو كناية، والقبول من المودَع صريحًا أو دلالة، وهذا مذهب الحنفية
(1)
.
(2)
.
القول الثاني:
ذهب الجمهور إلى أن أركان الوديعة أربعة:
(1)
الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (5/ 5/662 - 663)، تبيين الحقائق (5/ 76)، العناية شرح الهداية (8/ 484)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 244)، البحر الرائق (7/ 273).
(2)
بدائع الصنائع (6/ 207).
الصيغة (الإيجاب والقبول).
المودِع بالكسر.
والمودَع بالفتح.
والمحل أي العين المودعة
(1)
.
وسبب الخلاف:
أن الحنفية يرون أن الركن: هو ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان جزءاً داخلاً في حقيقته، وهذا خاص في الإيجاب والقبول، أما العاقدان والمعقود
(1)
من المالكية من ذكر أن أركان الوديعة ثلاثة، ثم ذكر الرابع الإيجاب والقبول بصيغة التمريض مع أن الصيغة آكد أركان الوديعة، جاء في الفواكه الدواني (2/ 170) «أركانها ثلاثة، المودع بالكسر، والمودع بالفتح
…
والثالث: الشيء المودع .. وقيل ركن رابع: وهي كل ما يفهم منه طلب الحفظ ولو بقرائن الأحوال، ولا يتوقف على إيجاب وقبول باللفظ.
وفي حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/ 277) بين لماذا ذكروا الصيغة بلفظ التمريض، فقال:«بقي الكلام على الصيغة، فقيل: شرط. وقيل: ركن» .
ومنهم من ذكر أركان الوديعة ثلاثة منها الصيغة وترك ذكر العين المودعة كما في مواهب الجليل (5/ 252) ومنح الجليل (7/ 5) قالا: «أركانها ثلاثة: الصيغة، والمودع والمودع» .
وأما الشافعية فذكروا أن أركان الوديعة أربعة، انظر مغني المحتاج (3/ 80)، حاشيتي قليوبي وعميرة (3/ 181)، نهاية المحتاج (6/ 110)، إعانة الطالبين (3/ 284)، الغرر البهية شرح البهجة الوردية (4/ 52)، وفي أسنى المطالب (3/ 75) عن أركان الإيداع:«وأركانه أربعة: العاقدان، الوديعة، والصيغة» .
وأجمل فقهاء الحنابلة أركان الوديعة، فقالوا: ويعتبر لها أركان وكالة، انظر في فقه الحنابلة المبدع (5/ 233)، كشاف القناع (4/ 167)، مطالب أولي النهى (4/ 148).
عليه فهي من لوازم العقد، وليست جزءاً من حقيقة العقد، وإن كان يتوقف عليها وجوده.
بينما الجمهور يرون أن الركن: ما توقف عليه وجود الشيء وتصوره عقلاً، سواء أكان جزءاً من حقيقته أم لم يكن، ووجود العقد يتوقف على العاقدين والمعقود عليه، وإن لم يكن هؤلاء جزءاً من حقيقته.
ومذهب الحنفية أجود، وأدق، والجمهور لا يطَّردون في تحديد الأركان، فاللوازم تارة يعتبرونها من الأركان، وتارة لا يدخلونها، فهم يجعلون الفاعل ركناً في مثل عقد البيع والنكاح، ولا يجعلونه ركناً في العبادات كالصلاة والحج، وإن كان لا يتصور قيام الحج والصلاة بدون فاعل.
قال في المصباح المنير: «والفرق عسر
…
»
(1)
.
* * *
(1)
المصباح المنير (ص: 237).