الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث
الوديعة من العقود الجائزة
العقود الجائزة يجوز لكل واحد فسخها متى شاء.
العقود الجائزة إذا اقتضى فسخها ضررًا على الآخر امتنع وصارت لازمة.
[م-1887] ذهب الفقهاء إلى أن الوديعة عقد جائز من الطرفين.
والجائز يطلق في مقابلة اللازم.
فاللازم من العقود: ما لا يقبل الفسخ إلا بالتراضي، والجائز: عكسه: يجوز فسخه بدون رضا الآخر
(1)
.
وقد سبق في عقد البيع بيان أن العقود ثلاثة أقسام:
الأول: عقد لازم من الطرفين: كالبيع، والإجارة، فحكم هذا العقد أنه لا يقبل الفسخ إلا بالتراضي.
الثاني: لازم من أحدهما، جائز من الآخر كالرهن، والضمان، والكفالة، وحكم هذا النوع من العقود أنه يسوغ لمن هو جائز في حقه فسخه متى شاء، ولو لم يرض الآخر، وأما اللازم في حقه فلا يجوز له الفسخ إلا برضا صاحبه.
الثالث: جائز من الطرفين كالوديعة، والوكالة، والعارية.
وحكم هذه العقود: أنه يجوز لكل واحد فسخها متى شاء، ولا يشترط
(1)
انظر المنثور في القواعد الفقهية (2/ 304).
لفسخها رضا الطرف الآخر، وهذا لا خلاف فيه بين الأئمة الأربعة في الجملة
(1)
.
في تحول عقد الوديعة إلى عقد لازم:
يكون الإيداع عقدًا لازما عند الحنفية في مسألة واحدة.
وهي: ما إذا كان الحفظ في مقابل أجرة حيث يكون المستودع أجيرًا مشتركًا، ويصير العقد المذكور عقد إجارة، وليس لأحد الطرفين أن يفسخه قبل تمام المدة
(2)
.
واعترض بعضهم بأن هذا عقد إجارة، وليس من عقود الإيداع، وسيأتي مناقشة هذا في المبحث التالي فانظره هناك.
ويكون الإيداع عقدًا لازمًا عن الشافعية في حالتين:
(1)
المبسوط (11/ 108)، مرشد الحيران، مادة (831)، مجلة الأحكام العدلية، مادة (774)، القوانين الفقهية (ص: 246)، شرح الزرقاني على خليل (6/ 125)، الوسيط (4/ 500)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (6/ 475)، روضة الطالبين (6/ 326)، المغني (6/ 300)، الشرح الكبير على المقنع (7/ 281)، الإقناع (2/ 377)، كشاف القناع (4/ 167).
جاء في مرشد الحيران مادة (831): «يجوز لكل من المودع والوديع أن يفسخ عقد الإيداع في أي وقت شاء ويلزم المستودع برد الوديعة إلى صاحبها» .
وفي القوانين الفقهية (ص:246): «وهي ـ يعني الوديعة ـ أمانة جائزة من الجهتين، فلكل واحد منهما حلها متى شاء» .
وجاء في مجلة الأحكام الحنبلية مادة (1326): «الإيداع من العقود الجائزة فلكل من العاقدين فسخه بالقول أو الفعل الدال عليه»
(2)
درر الحكام شرح مجلة الأحكام (2/ 263) مادة (774).
الحالة الأولى:
يكون الوديعة عقد لازمًا إذا كان قبول الوديعة واجبًا، ويكون الفسخ خلاف الأولى إذا كان القبول مندوبًا.
(1)
.
وفي تحفة المحتاج: «ولهما يعنى للمالك الاسترداد وللوديع الرد في كل وقت لجوازها من الجانبين. نعم يحرم الرد حيث وجب القبول ويكون خلاف الأولى حيث ندب ولم يرضه المالك»
(2)
.
فلو دفع الرجل ماله وديعة، وخاف المودَع إن لم يقبل أن يتسلط عليه ظالم فيغصبها وجب عليه القبول، ولو طالب المالك المودَع رد الوديعة فله الامتناع من الرد.
الحالة الثانية:
يمتنع الفسخ في العقود الجائزة وتصير لازمة إذا اقتضى فسخها ضررًا على الآخر، ووافقهم بعض الحنابلة على ذلك.
جاء في أسنى المطالب: «العقود الجائزة إذا اقتضى فسخها ضررًا على الآخر امتنع وصارت لازمة
…
»
(3)
.
(1)
حاشية الرملي (3/ 84).
(2)
تحفة المحتاج (7/ 105).
(3)
أسنى المطالب (3/ 76)، وانظر المنثور في القواعد (2/ 401 - 402)، الغرر البهية في شرح البهجة الوردية (4/ 52)، روضة الطالبين (6/ 320)، نهاية المحتاج (5/ 52) و (6/ 108) ..
(1)
.
* * *
(1)
قواعد ابن رجب، القاعدة الستين (ص: 110).