الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة
في استعانة الوديع بغيره في حفظ الوديعة
المطلب الأول
أن يستعين بالأجنبي بدون عذر
[م-1918] علمنا خلاف الفقهاء في حق الوديع في دفع الوديعة لمن يحفظ ماله من زوج وعيال، وخازن، فهل يملك الوديع أن يدفع الوديعة بلا حاجة إلى أجنبي لا يحفظ ماله؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول:
أن الوديع لا يملك الإيداع بلا عذر، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة
(1)
.
جاء في الهداية: «وللمودَع أن يحفظها بنفسه وبمن في عياله
…
فإن حفظها
(1)
بدائع الصنائع (6/ 208)، النتف للسغدي (2/ 578)، تحفة الفقهاء (3/ 171)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 26)، العناية شرح الهداية (8/ 487)، البحر الرائق (7/ 274)، حاشية ابن عابدين (5/ 664)، المدونة (6/ 144)، مختصر خليل (ص: 226)، الخرشي (6/ 112)، الشرح الكبير للدردير (3/ 423)، حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/ 278)، الإشراف (2/ 42)، التفريع (2/ 270)، المهذب (1/ 361)، تحفة المحتاج (7/ 105)، نهاية المحتاج (6/ 115)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 183)، الفروع (4/ 282)، المبدع (5/ 238)، الإنصاف (6/ 325).
بغيرهم أو أودعها غيرهم ضمن»
(1)
.
وقال الدردير: «وضمن بإيداعها عند أمين؛ لأن ربها لم يأتمن غيره»
(2)
.
وجاء في حاشية العدوي: «ومحل الضمان على المودع إذا أودعها لغير زوجته، أو أمته»
(3)
.
وقال النووي: «وأصلها الأمانة، وقد تصير مضمونة بعوارض منها أن يودع غيره بلا إذن ولا عذر فيضمن»
(4)
.
° حجة هذا القول:
الدليل الأول:
أن المودِع قد رضي أمانته، ولم يرض أمانة غيره، والأيدي تتفاوت في الأمانة، فإذا أودعها لأجنبي بلا إذن كان ذلك تعديًا منه، لخروجه عن حفظها على الوجه المأوذن، فيكون ضامنًا.
الدليل الثاني:
أن الوديعة توكيل في الحفظ، والوكيل لا يملك التوكيل في الأصح؛ لأنه غير مفوض في ذلك، فكذلك الوديع.
القول الثاني:
أن الوديع يملك الإيداع للغير، ولو لم يأذن له المودِع، وهو قول
(1)
الهداية شرح البداية (3/ 213).
(2)
الشرح الكبير (3/ 423).
(3)
حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/ 278).
(4)
منهاج الطالبين (ص: 195).
ابن أبي ليلى، وقول في مذهب الحنابلة
(1)
.
قال في المبسوط: «قال ابن أبي ليلى رحمه الله:
…
للمودع أن يودع غيره؛ لأنه يحفظ الوديعة على الوجه الذي يحفظ ماله، وقد يودع الإنسان مال نفسه من أجنبي، فكذلك له أن يودع الوديعة من غيره؛ فلا يصير ضامنًا بالدفع إلى غيره ليحفظ، أو يرد كما في حق من في عياله»
(2)
.
قال ابن مفلح: «ويتوجه تخريج رواية من توكيل الوكيل له الإيداع بلا عذر»
(3)
.
القول الثالث:
إن أودع القاضي لم يضمن، وإن أودع غيره ضمن، وهو قول في مذهب الشافعية
(4)
.
° وجه هذا القول:
أن أمانة القاضي أظهر من أمانة الوديع، ولأنه نائب الشرع.
° الراجح:
أن المودع لا يملك الإيداع للأجنبي إلا من عذر، والعقد لا يعطيه هذا الحق؛ لأن الإيداع عقد على أن يقوم بالحفظ بنفسه، وبمن يحفظ ماله، والأجنبي لا يحفظ ماله، ولو أراد صاحبه غيره لأودعه إياه، فإذا أراد أن يودع أجنبيًا فليرجع إلى صاحبها، ويأخذ منه إذن في ذلك، والله أعلم.
* * *
(1)
المبسوط (11/ 113)، النتف للسغدي (2/ 578).
(2)
المبسوط (11/ 113).
(3)
الفروع (4/ 382).
(4)
حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 183).