الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع
انتهاء عقد الوديعة بالجحود
[م-1979] تنتهي عقد الوديعة بالجحود؛ لأنه لا يخلو حال الجاحد من أمرين:
أحدها: ألا يكون هناك بينة للمالك على وديعته، فالقول قول الوديع مع يمينه بأنه ليس عنده وديعة للمالك، فإذا حلف فقد انتهى الأمر، ولم يبق مطالبًا بها.
الثاني: أن يقيم المالك البينة على الإيداع، أو يقر بها فيصير بجحوده خائنًا ضامنًا لخروجه بذلك عن كونه أمينًا فتنقلب يده إلى يد غاصب، فلا يبرأ إلا بردها إلى صاحبها، وعلى كلا الحالين فإن الوديعة تكون قد انتهت بذلك
(1)
.
قال الكساني: «ومنها ـ أي ما يجعل الوديعة مضمونة ـ جحود الوديعة في وجه المالك عند طلبه، حتى لو قامت البينة على الإيداع، أو نكل المودع عن اليمين، أو أقر به، دخلت في ضمانه؛ لأن العقد لما ظهر بالحجة؛ فقد ظهر ارتفاعه بالجحود، أو عنده؛ لأن المالك لما طلب منه الوديعة، فقد عزله عن الحفظ، والمودع لما جحد الوديعة حال حضرة المالك، فقد عزل نفسه عن الحفظ؛ فانفسخ العقد، فبقي مال الغير في يده بغير إذنه؛ فيكون مضمونا عليه،
(1)
المبسوط (11/ 116 - 117)، بدائع الصنائع (6/ 307)، البحر الرائق (7/ 277)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (5/ 77)، الجوهرة النيرة (1/ 348)، مجمع الضمانات (ص: 86)، تحفة الفقهاء (3/ 173)، المدونة (6/ 151)، الذخيرة (9/ 185)، الخرشي (6/ 113)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (3/ 561)، جامع الأمهات (ص: 404)، الأم (4/ 136)، المهذب (1/ 362)، روضة الطالبين (6/ 343)، البيان للعمراني (6/ 497)، أسنى المطالب (3/ 83)، نهاية المحتاج (6/ 131)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 188)، الحاوي الكبير (8/ 377)، المغني (6/ 311)، الإنصاف (6/ 330)، شرح منتهى الإرادات (2/ 357)، كشاف القناع (4/ 181).
فإذا هلك تقرر الضمان»
(1)
.
وقال القرافي في الذخيرة: «إذا جحدك وشهدت البينة ضمن؛ لأنه بالجحد صار غاصبًا»
(2)
.
وقال الماوردي: «رجل أودع رجلًا وديعة، ثم طالبه بها، فجحدها وقال: لم تودعني شيئًا، ثم عاد فاعترف بها وقال: قد كنت استودعتها وتلفت، أو قامت بها البينة عليه فادعى بتلفها لم يقبل منه، لأمرين:
أحدهما: أنه قد صار بالجحد متعديًا فضمنها، ومن ضمن وديعة لم يسقط عنه الغرم بتلفها.
والثاني: أنه بالإنكار الأول قد أكذب نفسه بادعاء التلف»
(3)
.
(4)
.
فهذه نصوص مختلفة عن أصحاب الأئمة الأربعة تتفق على أن الإيداع ينتهي بالجحود، والله أعلم.
وبهذه المسألة أكون قد انتهيت من بحث المسائل المختارة في عقد الوديعة، فالحمد لله أولًا وآخرًا.
* * *
(1)
بدائع الصنائع (6/ 212).
(2)
الذخيرة (9/ 185).
(3)
الحاوي الكبير (8/ 377).
(4)
المغني (6/ 307).