الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
في الالتقاط في طريق غير مسلوك
[م-1985] إذا وجد لقطة في طريق غير مسلوك، فهل تعتبر لقطة يجب تعريفها، أو تأخذ حكم الركاز، بحيث يملكها واجدها دون تعريف، ويجب عليه فيها الخمس؟
نص على هذه المسألة الحنابلة، ولهم فيها قولان:
القول الأول:
أنها لقطة يجب تعريفها على الصحيح من مذهب الحنابلة، وأحد القولين عن ابن تيمية
(1)
.
قال في الإنصاف: «لو وجد لقطة في غير طريق مأتي: فهي لقطة. على الصحيح من المذهب. قدمه في الفائق .. »
(2)
.
وفي كشاف القناع: «وإن وجد لقطة في غير طريق مأتي، أي: مسلوك فهي لقطة تعرف، كالتي في الطريق المسلوك»
(3)
.
وفي مجموع الفتاوى: «وسئل: عن رجل لقي لقطة في وسط فلاة، وقد أنشد عليها إلى حيث دخل إلى بلده. فهل هي حلال؟ أم لا؟
(1)
الإنصاف (6/ 429)، الإقناع في فقه الحنابلة (2/ 404)، كشاف القناع (4/ 224)، مطالب أولي النهى (4/ 228).
(2)
الإنصاف (6/ 429).
(3)
كشاف القناع (4/ 224).
فأجاب: يعرفها سنة قريبا من المكان الذي وجدها فيه فإن لم يجد بعد سنة صاحبها فله أن يتصرف فيها وله أن يتصدق بها. والله أعلم»
(1)
.
القول الثاني:
ذهب بعض الحنابلة واختاره ابن تيمية في أحد قوليه أنه في حكم الركاز.
جاء في الإنصاف: «اختار الشيخ تقي الدين رحمه الله: أنه كالركاز، واختاره في الفائق. وجعله في الفروع: توجيها له»
(2)
.
قال في الفروع: «ويتوجه جعل لقطة موضع غير مأتي كركاز»
(3)
.
° ودليل هذا القول:
(ح-1207) ما رواه النسائي من طريق عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،
عن جده، قال: سئل رسول الله عليه السلام عن اللقطة؟ فقال: ما كان في طريق مأتي أو في قرية عامرة فعرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فلك، وما لم يكن في طريق مأتي ولا في قرية عامرة ففيه وفي الركاز الخمس
(4)
.
° الراجح:
إذا ثبت حديث عمرو بن شعيب، فإنه حجة في الباب، وإن كان ما ينفرد به
(1)
مجموع الفتاوى (30/ 411)، وقد يقال: إن قوله في فلاة ليس في هذا نص على أن الطريق غير مسلوكة، فإن صح هذا فلا يكون عن ابن تيمية قولان في المسألة، والله أعلم.
(2)
الإنصاف (6/ 429)، وانظر الاختيارات (ص: 169).
(3)
الفروع (4/ 434).
(4)
المجتبى (2494)، والسنن الكبرى (2283)، وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى عند الكلام على ذكر عدد اللقطة.
عمرو بن شعيب في النفس منه شيء، وقد رواه عنه جماعة كثيرون، يزيد بعضهم على بعض مما يدل على عدم ضبط الحديث، والله أعلم، وسوف يأتي تخريجه عند الكلام على ذكر العدد في اللقطة.
قد رجح شيخنا محمد بن عثيمين أن هذه اللقطة كسائر الأموال التي لا يرجى وجود أصحابها، كالعواري، والودائع، والغصوب، وغيرها، وقد ذكر الأصحاب: أنه يتصدق بها عن صاحبها مضمونة، وأن أحمد نص على جواز بيعها والتصدق بثمنها، أي: إذا لم تكن أثماناً، وأنه لا يجوز لمن هي في يده الأكل منها، وإن كان محتاجاً.
غير أن ابن رجب ذكر في القواعد، عن القاضي تخريجاً بجواز أكله إذا كان فقيراً على الروايتين في جواز شراء الوكيل من نفسه، وأفتى به الشيخ تقي الدين في الغاصب إذا تاب.
فعلى هذا: يكون حكم هذه اللقطة حكم تلك الأموال على الخلاف المذكور، وقول القاضي: ليس ببعيد، وربما يستأنس له بحديث المجامع في نهار رمضان؛ على أحد الاحتمالين في الحديث، وهو أن الرسول عليه السلام أعطاه كفارة نفسه، وأما على الاحتمال الثاني- وهو سقوطها عنه، لفقره، وهو أقرب- فلا شاهد فيه، ولكن تؤخذ من نصوص أخري. ويفرق بينها وبين مسألة المجامع: أن كفارة المجامع عن نفسه بخلاف ذاك، والله أعلم»
(1)
.
* * *
(1)
المنتقى من فرائد الفوائد (ص: 75).