الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
في مطالبة الوديع باليمين إذا ادعى التلف
[م-1954] عرفنا في المبحث السابق أن الوديع إذا ادعى التلف أن القول قوله؛ فهل يطالب باليمين، أو يكتفى بقوله دون يمينه؟
اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
أن القول قوله مع يمينه، وهذا قول جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وقول في مذهب المالكية
(1)
.
وقال ابن المنذر: هو قول الأكثر. قال ابن المنذر: «أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المودع إذا أحرز الوديعة، ثم ذكر أنها ضاعت، أن القول قوله، وقال أكثرهم: إن القول قوله مع يمينه»
(2)
.
(1)
الفتاوى الهندية (4/ 357)، حاشية ابن عابدين (8/ 334)، مجمع الضمانات (ص: 70)، قرة عيون الأخيار لتكملة رد المحتار (8/ 513)، نهاية المطلب (11/ 402)، البيان للعمراني (6/ 497)، مغني المحتاج (3/ 91)، نهاية المحتاج (6/ 130)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 187)، حاشية الجمل (4/ 84)، المهذب (1/ 362)، الكافي لابن قدامة (2/ 380)، المبدع (5/ 243)، المغني (6/ 308)، كشاف القناع (4/ 179)، مطالب أولي النهى (4/ 165)، حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/ 277 - 278).
(2)
الإشراف (6/ 333).
° دليل من قال: القول قوله مع يمينه:
أن المالك يدعي على الوديع التعدي والتفريط، والوديع مدعى عليه، واليمين في حق المدعى عليه.
(ح-1189) لما رواه مسلم من طريق ابن أبي مليكة،
عن ابن عباس، أن النبي عليه السلام قال: لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه
(1)
.
القول الثاني:
أن القول قوله، ولا يطالب باليمين، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد
(2)
.
لأن الوديع أمين، والأمين مصدق فيما يقول، وهذا يقتضي ألا يحلف؛ لأن اليمين لدفع التهمة، وهو ليس متهمًا.
القول الثالث:
لا يمين عليه إلا أن يتهم، وهذا هو المشهور من مذهب المالكية
(3)
.
والمتهم عند المالكية: هو من يشار إليه بالتساهل في حفظ الوديعة، وقيل: هو من ليس من أهل الصلاح
(4)
.
(1)
مسلم (1711)، ورواه البخاري بنحوه (2514، 4552).
(2)
المبدع (5/ 243).
(3)
الخرشي (6/ 117)، الفواكه الدواني (2/ 170)، الشرح الكبير (3/ 430)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (3/ 564)، منح الجليل (7/ 37).
(4)
حاشية الدسوقي (3/ 430)، حاشية الصاوي مع الشرح الصغير (3/ 564).
° وجه التفريق بين المتهم وغير المتهم:
أن غير المتهم مصدق فيما يقول؛ لكونه أمينًا، وأما المتهم بالتساهل في الحفظ أو بكونه ليس صالحًا فإن اليمين لدفع تهمة التساهل أو الكذب، فإن نكل حلف المالك، وضمن المودَع فإن لم يحلف صدق الوديع.
° الراجح:
القول بأن عليه اليمين سواء كان متهمًا أو غير متهم؛ لأن النبي عليه السلام أوجب اليمين على المدعى عليه من غير فرق بين متهم وغيره، والله أعلم.
وبهذه المسألة أكون قد انتهيت من بيان آثار عقد الوديعة ابتداء من وجوب حفظها، إلى بيان صفة الحفظ، ومن يحفظ الوديعة، ومن تجب عليه النفقة على الوديعة، وصفة الإنفاق، ووجوب رد الوديعة عند طلب صاحبها، وفي ضمانه إذا امتنع من الرد بدون عذر، وكون الوديعة أمانة لا تضمن إلا بالتعدي أو بالتفريط.
* * *