الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الخامس
في اشتراط ألا يكون المودِع محجورًا عليه لمصلحة غيره
[م-1905] إذا حجر على الرجل لفلس منع من كل تصرف مالي ينقل الملك، كالبيع، والهبة، والقرض ونحوها، فإن أودع وديعة:
فإن كان إيداعه قبل أن يحجر عليه:
فاختار الشافعية إلى أن المودِع إذا أفلس، سلمت الوديعة للحاكم، وعللوا ذلك بأن يد المالك لا أهلية فيها بالنسبة لأعيان الأموال خوف إتلافه لها
(1)
.
واختار الحنابلة إلى أن للمفلس استرداد وديعة أودعها قبل الحجر عليه.
جاء في مطالب أولي النهى: «ويصح من مفلس تصرف غير مستأنف؛ كإمضاء خيار، وفسخ لعيب، فيما اشتراه قبل الحجر؛ لأنه إتمام لتصرف سابق على حجره، فلم يمنع منه، كاسترداد وديعة أودعها قبل حجره ولو لم يكن في إمضائه حظ لما ذكرنا.
ويتجه باحتمال قوي لا مع ضرر غرمائه بهذا الإمضاء؛ فلا يصح. وهو متجه»
(2)
.
وإن كان إيداعه بعد أن حجر عليه.
فاختار المالكية إلى أن تصرف المحجور عليه موقوف على نظر الحاكم إن شاء أمضاه وإن شاء رده.
(1)
تحفة المحتاج (7/ 104).
(2)
مطالب أولي النهى (3/ 376)، وانظر شرح منتهى الإرادات (2/ 160).
وقيل: بل على نظر الغرماء.
وقيل: على نظر الحاكم إن اختلف الغرماء، أو على نظر الغرماء إن اتفقوا
(1)
.
وقال القاضي عياض: من قبل وديعة من مستغرق ذمته، ثم ردها له يضمنها للفقراء
(2)
.
يقصد بمستغرق الذمة بالتبعات والمظالم إذا أفلس.
وأما الشافعية فإنهم يرون أن الوديعة ترتفع بإفلاس المودِع، ويسلمها الوديع للحاكم إذا أراد رد الوديعة، فإن يد المالك لا أهلية فيها بالنسبة لأعيان الأموال خوف إتلافه لها
(3)
.
وإذا كان هذا حكمهم في وديعة أودعها قبل إفلاسه، فمن باب أولى أن يمنع من إيداع ماله بعد إفلاسه؛ لأن الإيداع تصرف في عين المال، وهو ممنوع من التصرف في عين ماله.
ولو قيل: إن كان الباعث على الإيداع هو إخفاء المال عن الغرماء لم يصح الإيداع؛ لأن المحجور عليه ممنوع من التصرف بما يضر الغرماء.
وإن كان الباعث على الإيداع خوفًا على المال من السرقة أو الضياع، وقصد بذلك حفظ المال للغرماء، فينبغي ألا يمنع منه؛ لأن مثل هذا التصرف لا يفوت به حق الغرماء، بل يحفظه لهم، وللغرماء استرداده من الوديع، والله أعلم.
* * *
(1)
حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير (3/ 265)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (3/ 346)، شرح الخرشي (5/ 266).
(2)
منح الجليل (7/ 5)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/ 549)، مواهب الجليل (5/ 251).
(3)
تحفة المحتاج (7/ 104) نهاية المحتاج (6/ 114)، حاشية الجمل (4/ 83).