الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث
أن يكون الخلط بدون إذن صاحبها
المسألة الأولى
في خلط الوديعة بمال آخر مع إمكان التمييز
[م-1937] إذا خلط الوديع الوديعة بمال آخر وكان يمكن تمييزها وتفريقها، كما لو خلط دراهم بدنانير، أو خلط ذهبًا بفضة، فاختلف العلماء هل هذا الخلط يوجب الضمان؟
اختلف ا لعلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
لا يوجب الضمان مطلقًا، سواء كان هذا الخلط بإذن صاحبها أو بدون إذنه، وسواء كان هذا الخلط بماله أو بمال غيره. وهذا هو مذهب الجمهور، والأصح في مذهب الحنابلة
(1)
.
قال ابن جزي: «فإن خلطها بما تنفصل عنه، كذهب بفضة لم يضمن»
(2)
.
(1)
المبسوط (11/ 110)، تحفة الفقهاء (3/ 174)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (5/ 482)، النتف في الفتاوى (2/ 579)، مجمع الأنهر (2/ 341)، القوانين الفقهية (ص: 246)، مواهب الجليل (5/ 253)، الكافي لابن قدامة (2/ 378)، شرح منتهى الإرادات (2/ 357)، الفروع (4/ 483)، المحرر (1/ 364).
(2)
القوانين الفقهية (ص: 246).
° وجه القول بعدم الضمان:
أن الوديع لا يعجز عن ردها إذا طلبها صاحبها، أشبه ما لو تركها بصندوق فيه أكياس له.
ولأن هذا الخلط هو خلط مجاورة، وليس من خلط الممازجة، فلا يوجب الضمان بل قد يكون أرفق وأحرز للوديعة من توزيع المال على حرزين.
القول الثاني:
يضمن مطلقًا، وهو رواية في مذهب الحنابلة، وبه قال إسحاق
(1)
.
جاء في مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج:
«سئل سفيان عن رجل استودع رجلاً دراهم بيضاً فخلطها بسود، فهلكت أيضمن؟ قال: لا.
قال أحمد: هذا رجل قد خلط ماله، بمال غيره. قلت: ترى عليه ضماناً؟ قال: إي والله.
قال إسحاق: كما قال أحمد»
(2)
.
° وجه القول بالضمان:
أن هذا الفعل تصرف من الوديع لم يأذن به صاحبه، فالوديعة توكيل بالحفظ، وليس له حق التصرف، والخلط نوع من التصرف فيضمن.
(1)
الروايتين والوجهين (2/ 32)، الكافي لابن قدامة (2/ 378)، الإنصاف (6/ 332)، المبدع (5/ 240).
(2)
مسائل أحمد وإسحاق (6/ 3014 - 3015).
وحمل بعض الحنابلة هذه الرواية على ما إذا نقصت بالخلط، كما لو خلط بيضًا بسود، وكانت السود تؤثر في البيض، والله أعلم.
القول الثالث:
لا يضمن إلا إذا حصل بالوديعة نقص بسبب الخلط، وهذا مذهب الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد
(1)
.
جاء في أسنى المطالب: «إذا تميزت كأن كانت دراهم فخلطها بدنانير فلا ضمان، إلا أن يحصل نقص بالخلط فيضمن»
(2)
.
° الراجح:
أرى أن مذهب الشافعية وسط بين الأقوال، فهو أعدلها، والله أعلم.
* * *
(1)
مغني المحتاج (2/ 89)، الحاوي الكبير (8/ 362)، حاشية الرملي (3/ 80)، تحفة المحتاج (7/ 123)، أسنى المطالب (3/ 80)، البيان للعمراني (6/ 488).
(2)
أسنى المطالب (3/ 80).