الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَعْلُومَةٍ مَأْثُورَةٍ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ يَحْصُل بِهَا الإِْعْلَامُ، (1) .
فَالأَْذَانُ وَالإِْقَامَةُ يَشْتَرِكَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إِعْلَامٌ، وَيَفْتَرِقَانِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الإِْعْلَامَ فِي الإِْقَامَةِ هُوَ لِلْحَاضِرِينَ الْمُتَأَهِّبِينَ لاِفْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَالأَْذَانُ لِلْغَائِبِينَ لِيَتَأَهَّبُوا لِلصَّلَاةِ، كَمَا أَنَّ صِيغَةَ الأَْذَانِ قَدْ تَنْقُصُ أَوْ تَزِيدُ عَنِ الإِْقَامَةِ عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ.
ب -
التَّثْوِيبُ:
التَّثْوِيبُ عَوْدٌ إِلَى الإِْعْلَامِ بَعْدَ الإِْعْلَامِ. وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، زِيَادَةُ " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ "(2) .
حُكْمُ الإِْقَامَةِ التَّكْلِيفِيُّ:
5 -
فِي حُكْمِ الإِْقَامَةِ التَّكْلِيفِيِّ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: أَنَّ الإِْقَامَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنِ الآْخَرِينَ، وَإِذَا تُرِكَ أَثِمُوا جَمِيعًا.
قَال بِهَذَا الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ رَأْيٌ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَلِبَعْضٍ آخَرَ لِلْجُمُعَةِ فَقَطْ. وَهُوَ رَأْيُ عَطَاءٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ، حَتَّى رُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّهُ إِنْ نَسِيَ الإِْقَامَةَ أَعَادَ الصَّلَاةَ، وَقَال مُجَاهِدٌ: إِنْ نَسِيَ الإِْقَامَةَ فِي السَّفَرِ أَعَادَ، (3) وَلَعَلَّهُ لِمَا فِي السَّفَرِ مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى إِظْهَارِ الشَّعَائِرِ.
وَاسْتُدِل لِلْقَوْل بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ بِكَوْنِهَا مِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلَامِ الظَّاهِرَةِ، وَفِي تَرْكِهَا تَهَاوُنٌ، فَكَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ مِثْل الْجِهَادِ. (4)
(1) الاختيار 1 / 42، وابن عابدين 1 / 256 ط بولاق، والمغني 1 / 413، ط المنار، وفتح القدير 1 / 178.
(2)
المبسوط 1 / 120.
(3)
كشاف القناع 1 / 210، والمجموع للنووي 3 / 81 - 82.
(4)
مغني المحتاج 1 / 134 ط دار إحياء التراث العربي، والمغني لابن قدامة 1 / 417 ط الرياض.
الثَّانِي: أَنَّ الإِْقَامَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَال مُحَمَّدٌ بِالْوُجُوبِ، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ هُنَا السُّنَنُ الَّتِي هِيَ مِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلَامِ الظَّاهِرَةِ، فَلَا يَسَعُ الْمُسْلِمِينَ تَرْكُهَا، وَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ أَسَاءَ، لأَِنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ يُوجِبُ الإِْسَاءَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلَامِ، فَهَذَا أَوْلَى، وَفَسَّرَ أَبُو حَنِيفَةَ السُّنِّيَّةَ بِالْوُجُوبِ، حَيْثُ قَال فِي التَّارِكِينَ: أَخْطَئُوا السُّنَّةَ وَخَالَفُوا وَأَثِمُوا، وَالإِْثْمُ إِنَّمَا يَلْزَمُ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ. (1) وَاحْتَجُّوا لِلسُّنِّيَّةِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلأَْعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ: افْعَل كَذَا وَكَذَا. (2) وَلَمْ يَذْكُرِ الأَْذَانَ وَلَا الإِْقَامَةَ مَعَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَاسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ وَأَرْكَانَ الصَّلَاةِ، وَلَوْ كَانَتِ الإِْقَامَةُ وَاجِبَةً لَذَكَرَهَا.
تَارِيخُ تَشْرِيعِ الإِْقَامَةِ، وَحِكْمَتُهَا:
6 -
تَارِيخُ تَشْرِيعِ الإِْقَامَةِ هُوَ تَارِيخُ تَشْرِيعِ الأَْذَانِ (ر: أَذَان) .
أَمَّا حِكْمَتُهَا: فَهِيَ إِعْلَاءُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْمِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَإِقْرَارٌ لِلْفَلَاحِ وَالْفَوْزِ عِنْدَ كُل صَلَاةٍ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، لِتَرْكِيزِ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْمُسْلِمِ، وَإِظْهَارٌ لِشَعِيرَةٍ مِنْ أَفْضَل الشَّعَائِرِ (3) .
كَيْفِيَّةُ الإِْقَامَةِ:
7 -
اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ عَلَى أَنَّ أَلْفَاظَ الإِْقَامَةِ هِيَ
(1) بدائع الصنائع 1 / 403 ط العاصمة، ومواهب الجليل 1 / 461 ط ليبيا، والمجموع للنووي 3 / 81.
(2)
حديث: " المسيء صلاته ". أخرجه البخاري (2 / 237 - الفتح ط السلفية) ومسلم (1 / 298 - ط الحلبي) .
(3)
فتح القدير 1 / 167، ومواهب الجليل 1 / 423، والمجموع للنووي 3 / 81، ونهاية المحتاج 1 / 384