الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّفْرِيطُ فِي الأَْمَانَاتِ كَالْوَدَائِعِ وَالرُّهُونِ.
فَفِي كُل ذَلِكَ يَصِيرُ الْفَاعِل مُلْزَمًا بِضَمَانِ فِعْلِهِ، وَعَلَيْهِ الْعِوَضُ فِي الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ، وَفِي الْقِيَمِيِّ بِقِيمَتِهِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، إِذْ مِنَ الإِْتْلَافَاتِ مَا لَا ضَمَانَ فِيهِ، كَمَنْ صَال عَلَيْهِ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ وَلَمْ يَنْدَفِعْ إِلَاّ بِالْقَتْل فَقَتَلَهُ، كَمَا أَنَّ مِنَ الأَْعْمَال الْمُبَاحَةِ مَا فِيهِ الضَّمَانُ، كَالْمُضْطَرِّ الَّذِي يَأْكُل مَال غَيْرِهِ، فَفِيهِ الضَّمَانُ عِنْدَ غَيْرِ الْمَالِكِيَّةِ.
وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ مَا قَال الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّ التَّعَدِّيَ مَضْمُونٌ أَبَدًا إِلَاّ مَا قَامَ دَلِيلُهُ، وَفِعْل الْمُبَاحِ سَاقِطٌ أَبَدًا إِلَاّ مَا قَامَ دَلِيلُهُ.
وَالأَْصْل فِي مَنْعِ الضَّرَرِ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (1) وَفِي كُل مَا سَبَقَ تَفْصِيلَاتٌ كَثِيرَةٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا وَأَبْوَابِهَا.
(2) الْفِعْل النَّافِعُ أَوِ (الإِْثْرَاءُ بِلَا سَبَبٍ) :
13 -
قَدْ يَقُومُ الإِْنْسَانُ بِفِعْلٍ نَافِعٍ لِغَيْرِهِ، فَيَصِيرُ دَائِنًا لِذَلِكَ الْغَيْرِ بِمَا قَامَ بِهِ أَوْ بِمَا أَدَّى عَنْهُ. وَهَذَا مَا يُسَمِّيهِ الْمُشْتَغِلُونَ بِالْفِقْهِ فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ (الإِْثْرَاءُ
(1) انظر في ذلك أشباه ابن نجيم 289، 290، والمنثور في القواعد 2 / 60، 322 - 332، والتبصرة لابن فرحون بهامش فتح العلي 2 / 346 - 358 نشر دار المعارف بيروت، والفروق للقرافي 1 / 195، 196، والقواعد لابن رجب من 204 - 207 و285 - 291. وحديث:" لا ضرر ولا ضرار. . . . " أخرجه مالك من حديث يحيى المازني مرسلا، ووصله ابن ماجه عن عبادة بن الصامت: وفي إسناده انقطاع. والحديث حسنه النووي وقال: له طرق يقوي بعضها بعضا وقال العلائي: للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به. (الموطأ 2 / 745 ط عيسى الحلبي، وسنن ابن ماجه 2 / 784 ط عيسى الحلبي، وفيض القدير 6 / 431، 432 ط المكتبة التجارية)
بِلَا سَبَبٍ) وَهُمْ يَعْنُونَ بِذَلِكَ: أَنَّ مَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ دَيْنًا أَوْ أَحْدَثَ لَهُ مَنْفَعَةً فَقَدِ افْتَقَرَ الْمُؤَدِّي وَأَثْرَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِلَا سَبَبٍ، وَبِذَلِكَ يُصْبِحُ الْمُثْرَى مُلْزَمًا بِأَدَاءِ أَوْ ضَمَانِ مَا أَدَّاهُ عَنْهُ غَيْرُهُ أَوْ قَامَ بِهِ.
وَلَيْسَتْ هُنَاكَ قَاعِدَةٌ يَنْدَرِجُ تَحْتَهَا ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ مَسَائِل مُتَفَرِّقَةٌ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ، كَإِنْفَاقِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّهْنِ، وَالْمُلْتَقِطِ عَلَى اللَّقِيطِ أَوِ اللُّقَطَةِ، وَالنَّفَقَةِ عَلَى الرَّقِيقِ وَالزَّوْجَاتِ وَالأَْقَارِبِ وَالْبَهَائِمِ إِذَا امْتَنَعَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الإِْنْفَاقُ، وَإِنْفَاقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْمَال الْمُشْتَرَكِ مَعَ غَيْبَةِ الآْخَرِ أَوِ امْتِنَاعِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ: بِنَاءُ صَاحِبِ الْعُلُوِّ السُّفْل بِدُونِ إِذْنِ صَاحِبِهِ، أَوْ إِذْنِ الْحَاكِمِ لاِضْطِرَارِهِ لِذَلِكَ، وَبِنَاءُ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ، وَدَفْعُ الزَّكَاةِ لِغَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ. . وَهَكَذَا.
فَفِي مِثْل هَذِهِ الْمَسَائِل يَكُونُ الْمُنْتَفِعُ مُلْزَمًا بِمَا أَدَّى عَنْهُ، وَيَكُونُ لِمَنْ أَنْفَقَ حَقُّ الرُّجُوعِ بِمَا أَنْفَقَ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال (1) .
وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ فِي بَيَانِ مَتَى يَحِقُّ لَهُ الرُّجُوعُ، وَمَتَى لَا يَحِقُّ، إِذِ الْقَاعِدَةُ الْفِقْهِيَّةُ: أَنَّ مَنْ دَفَعَ دَيْنًا عَنْ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ يُعْتَبَرُ مُتَبَرِّعًا، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ.
وَالْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ وَالسَّبْعُونَ فِي قَوَاعِدِ ابْنِ رَجَبٍ هِيَ فِيمَنْ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى مَال غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَفِيهَا كَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِل.
(1) نظر في ذلك البزازية 6 6 ? / 65، 66، ومنح الجليل 3 / 98، وفتح العلي المالك 2 / 275، 288، ومنتهى الإرادات 2 / 243، 250، 255، 482، والقواعد لابن رجب ص137 وما بعدها. مرشد الحيران المواد 202، 765، ومجمع الضمانات 458، 459