الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَسَّمَهَا إِلَى سَبْعِ مَرَاتِبَ، تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (حِسْبَة) .
هَذَا وَيَجِبُ قِتَال الْمُقِيمِينَ عَلَى الْمَعَاصِي الْمُوبِقَاتِ، الْمُصِرِّينَ عَلَيْهَا الْمُجَاهِرِينَ بِهَا عَلَى كُل أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ إِذَا لَمْ يَرْتَدِعُوا - وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلإِْمَامِ - لأَِنَّنَا مَأْمُورُونَ بِوُجُوبِ التَّغْيِيرِ عَلَيْهِمْ، وَالنَّكِيرِ بِمَا أَمْكَنَ بِالْيَدِ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُنْكِرْ بِلِسَانِهِ، وَذَلِكَ إِذَا رَجَا أَنَّهُ إِنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ بِالْقَوْل أَنْ يَزُولُوا عَنْهُ وَيَتْرُكُوهُ، فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، أَنْكَرَ بِقَلْبِهِ. فَلَوْ قَدَرَ وَاحِدٌ بِالْيَدِ وَآخَرُونَ بِاللِّسَانِ تَعَيَّنَ عَلَى الأَْوَّل، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ التَّأْثِيرُ بِاللِّسَانِ أَقْرَب، أَوْ أَنَّهُ يَتَأَثَّرُ بِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فِي حِينِ لَا يَتَأَثَّرُ بِذِي الْيَدِ إِلَاّ ظَاهِرًا فَقَطْ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى ذِي اللِّسَانِ حِينَئِذٍ.
6 -
وَلَا يَسْقُطُ الإِْنْكَارُ بِالْقَلْبِ عَنِ الْمُكَلَّفِ بِالْيَدِ أَوِ اللِّسَانِ أَصْلاً، إِذْ هُوَ كَرَاهَةُ الْمَعْصِيَةِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُل مُكَلَّفٍ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَلَّفُ عَنِ الإِْنْكَارِ بِاللِّسَانِ وَقَدَرَ عَلَى التَّعْبِيسِ وَالْهَجْرِ وَالنَّظَرِ شَزْرًا لَزِمَهُ، وَلَا يَكْفِيهِ إِنْكَارُ الْقَلْبِ، فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْكَرَ بِالْقَلْبِ وَاجْتَنَبَ صَاحِبَ الْمَعْصِيَةِ. قَال ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: جَاهِدُوا الْكُفَّارَ بِأَيْدِيكُمْ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا إِلَاّ أَنْ تَكْفَهِرُّوا فِي وُجُوهِهِمْ فَافْعَلُوا (1) .
أَخْذُ الأَْجْرِ عَلَى الْقِيَامِ بِالأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ:
7 -
الأَْصْل أَنَّ كُل طَاعَةٍ لَا يَجُوزُ الاِسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا،
(1) الزواجر 2 / 161، وإحياء علوم الدين 2 / 319، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 32، والفتاوى الهندية 5 / 353، وجواهر الإكليل 1 / 251
كَالأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالأَْذَانِ وَالْحَجِّ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْجِهَادِ. وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَفِيَّةِ وَمَذْهَبُ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (1)، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَال: إِنَّ آخِرَ مَا عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنِ اتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا (2) وَمَا رَوَاهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَال: عَلَّمْتُ نَاسًا مِنْ أَهْل الصُّفَّةِ الْقُرْآنَ وَالْكِتَابَةَ، فَأَهْدَى إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا، قُلْتُ:
قَوْسٌ وَلَيْسَ بِمَالٍ، أَتَقَلَّدُهَا فِي سَبِيل اللَّهِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنْ كُنْت تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا (3)
وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَمُتَأَخِّرُو الْحَنَفِيَّةِ ذَلِكَ (4) ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَال بِهِ أَبُو قِلَابَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، " لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ رَجُلاً بِمَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ (5) وَجَعَل ذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَهْرِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: أَحَقُّ
(1) ابن عابدين 5 / 34، والبدائع 4 / 184، 191، والمغني 6 / 134، 136، 138
(2)
حديث: " عثمان بن أبي العاص. . . " أخرجه الترمذي (1 / 409 - 410 ط الحلبي) . وأخرجه أحمد (4 / 21 ط الميمنية) وإسناده صحيح
(3)
حديث عبادة بن الصامت " إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها ". أخرجه أبو داود (3 / 702 ط عزت عبيد دعاس) وهو ثابت لكثرة طرقه. (التخليص لابن حجر 4 / 7، 8 ط شركة الطباعة الفنية المتحدة بمصر)
(4)
الشرح الصغير، وحاشية الصاوي عليه 4 / 10، 34، ونهاية المحتاج 5 / 289، 290، والمغني 6 / 39، 140، وكشف الحقائق 2 / 157، والمهذب 1 / 405
(5)
حديث " زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا بما معه من القرآن. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 205 ط السلفية) ، ومسلم (2 / 1041 ط الحلبي)