الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَيْرَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الإِْنْسَانِ أَنْ يَأْخُذَ خُبْنَةً، وَهِيَ مَا تَحْمِلُهُ وَتَخْرُجُ بِهِ مِنْ ثِمَارِ الْغَيْرِ، لأَِنَّ هَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِنَصِّ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ، فَقَدْ سُئِل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فَقَال: مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخَذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ (1) .
وَقَوْل الْمَالِكِيَّةِ كَقَوْل الْحَنَابِلَةِ، وَلَكِنْ قَيَّدُوهُ بِحَال الْحَاجَةِ. أَمَّا فِي غَيْرِ الْحَاجَةِ فَالأَْصَحُّ عِنْدَهُمُ الْمَنْعُ (2) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَال النَّوَوِيُّ: مَنْ مَرَّ بِثَمَرِ غَيْرِهِ أَوْ زَرْعِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ، وَلَا يَأْكُل بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مُضْطَرًّا فَيَأْكُل وَيَضْمَنَ.
وَحُكْمُ الثِّمَارِ السَّاقِطَةِ مِنَ الأَْشْجَارِ حُكْمُ سَائِرِ الثِّمَارِ إِنْ كَانَتْ دَاخِل الْجِدَارِ، فَإِنْ كَانَتْ خَارِجَهُ فَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِإِبَاحَتِهَا، فَإِنْ جَرَتْ بِذَلِكَ، فَهَل تَجْرِي الْعَادَةُ الْمُطَّرِدَةُ مَجْرَى الإِْبَاحَةِ؟ وَالأَْصَحُّ: أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الإِْبَاحَةِ (3) .
وَأَمَّا الأَْكْل مِنَ الزَّرْعِ فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: قَال: لَا يَأْكُل، إِنَّمَا رَخَّصَ فِي الثِّمَارِ وَلَيْسَ الزَّرْعَ، وَقَال: مَا سَمِعْنَا فِي الزَّرْعِ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الثِّمَارَ خَلَقَهَا اللَّهُ لِلأَْكْل رَطْبَةً، وَالنُّفُوسُ
(1) حديث: " فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الثمر المعلق. . . " أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود واللفظ له من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقال أحمد شاكر تعليقا على إسناد أحمد بن حنبل: إسناده صحيح (مسند أحمد بن حنبل بتحقيق أحمد شاكر 11 / 160 رقم 6936، وسنن الترمذي 3 / 584 ط إستانبول، وسنن أبي داود 2 / 335، 336 ط عزت عبيد دعاس) .
(2)
الفواكه الدواني 2 / 375 - 376.
(3)
الروضة 3 / 292، وشرح الروض 1 / 574، والمهذب 1 / 258 ط دار المعرفة.
تَتَشَوَّقُ إِلَيْهَا، وَالزَّرْعُ بِخِلَافِهَا.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: قَال: يَأْكُل مِنَ الْفَرِيكِ، لأَِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَكْلِهِ رَطْبًا، أَشْبَهَ الثَّمَرَ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْبَاقِلَاءِ وَالْحِمَّصِ وَشَبَهِهِ مِمَّا يُؤْكَل رَطْبًا، فَأَمَّا الشَّعِيرُ وَمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ فَلَا يَجُوزُ الأَْكْل مِنْهُ، قَال: وَالأَْوْلَى فِي الثِّمَارِ وَغَيْرِهَا أَلَاّ يُؤْكَل مِنْهَا إِلَاّ بِإِذْنٍ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْخِلَافِ وَالأَْخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّحْرِيمِ (1) .
وَعَنْهُ أَيْضًا فِي حَلْبِ الْمَاشِيَةِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلُبَ وَيَشْرَبَ وَلَا يَحْمِل. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلُبَ وَلَا يَشْرَبَ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا يُسْنِدُهُ مِنْ قَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم.
فَالإِْبَاحَةُ يُسْنِدُهَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ.
وَالْحَظْرُ يَدُل لَهُ حَدِيثُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَال: لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيَنْتَقِل طَعَامُهُ، فَإِنَّمَا تُخَزِّنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَاشِيَتِهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَاّ بِإِذْنِهِ (2) .
حُكْمُ أَخْذِ النِّثَارِ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ:
28 -
النِّثَارُ مَكْرُوهٌ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ وَطَلْحَةَ وَزُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، وَبِهِ قَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ (3) . وَلأَِنَّ فِيهِ نَهْبًا وَتَزَاحُمًا وَقِتَالاً، وَرُبَّمَا أَخَذَهُ مَنْ يَكْرَهُ صَاحِبُ النِّثَارِ
(1) المغني لابن قدامة 11 / 77.
(2)
حديث: " لا يحلبن أحد ماشية أحد. . . " سبق تخريجه ف / 25.
(3)
حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النهبى والمثلة. . . " أخرجه البخاري (5 / 119 - الفتح - ط السلفية) .