الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّهُ أَوْجَبَ نَجِيبًا، أَيْ أَهْدَاهُ فِي حَجٍّ أَوْ عَمْرَةٍ كَأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِهِ، وَأَوْجَبَهُ إِيجَابًا أَيْ أَلْزَمَهُ.
وَقَدْ فَرَّقَ أَبُو هِلَالٍ الْعَسْكَرِيُّ بَيْنَ الإِْيجَابِ وَالإِْلْزَامِ، فَقَال: الإِْلْزَامُ يَكُونُ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِل، يُقَال: أَلْزَمْتُهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِل. وَالإِْيجَابُ لَا يَسْتَعْمِل إِلَاّ فِيمَا هُوَ حَقٌّ، فَإِنِ اسْتُعْمِل فِي غَيْرِهِ فَهُوَ مَجَازٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ الإِْلْزَامُ (1) .
الإِْجْبَارُ وَالإِْكْرَاهُ:
3 -
الإِْجْبَارُ وَالإِْكْرَاهُ هُمَا الْحَمْل عَلَى الشَّيْءِ قَهْرًا، وَالإِْلْزَامُ قَدْ يَكُونُ بِالْقَهْرِ وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالإِْلْزَامِ الْحِسِّيِّ، وَقَدْ يَكُونُ بِدُونِهِ (2) .
الاِلْتِزَامُ:
4 -
الاِلْتِزَامُ هُوَ: إِلْزَامُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ.
فَالاِلْتِزَامُ يَكُونُ مِنَ الإِْنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ كَالنَّذْرِ وَالْوَعْدِ، وَالإِْلْزَامُ يَكُونُ مِنْهُ عَلَى الْغَيْرِ كَإِنْشَاءِ الإِْلْزَامِ مِنَ الْقَاضِي.
وَالاِلْتِزَامُ يَكُونُ وَاقِعًا عَلَى الشَّيْءِ، يُقَال: الْتَزَمْتُ الْعَمَل، وَالإِْلْزَامُ يَقَعُ عَلَى الشَّخْصِ، يُقَال: أَلْزَمْتُ فُلَانًا الْمَال (3) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
5 -
الأَْصْل امْتِنَاعُ الإِْلْزَامِ مِنَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ
(1) لسان العرب والفروق في اللغة لأبي هلال العسكري ص 219 ط أولى دار الآفاق بيروت
(2)
لسان العرب، والتبصرة بهامش فتح العلي 1 / 12، 116
(3)
لسان العرب وفتح العلي المالك 1 / 217
لِبَعْضٍ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّسَلُّطِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الإِْلْزَامُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ، إِمَّا بِطَرِيقِ التَّسْخِيرِ، وَإِمَّا بِطَرِيقِ الْحُكْمِ وَالأَْمْرِ (1) .
وَقَدْ يَقَعُ الإِْلْزَامُ مِنَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِتَسْلِيطِ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ خَاصَّةً أَمْ عَامَّةً، وَحِينَئِذٍ قَدْ يَكُونُ الإِْلْزَامُ وَاجِبًا، فَإِنَّ الإِْمَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِلْزَامُ النَّاسِ بِالأَْخْذِ بِشَرِيعَةِ الإِْسْلَامِ، وَلَهُ سُلْطَةُ إِلْزَامِهِمْ بِالْقُوَّةِ وَحَمْلِهِمْ عَلَى فِعْل الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ (2) . وَلَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ. (3) وَقَدْ قَاتَل أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَانِعِي الزَّكَاةِ (4) . وَمَنِ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ مِنْ دُيُونِ وَغَيْرِهَا أُخِذَتْ مِنْهُ جَبْرًا إِذَا أَمْكَنَ، وَيُحْبَسُ بِهَا إِذَا تَعَذَّرَتْ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا فَيُنْظَرَ إِلَى مَيْسَرَتِهِ (5) .
بَل إِنَّ الشَّعَائِرَ الَّتِي لَيْسَتْ بِفَرْضٍ، فَإِنَّ لِلإِْمَامِ إِلْزَامَ النَّاسِ بِهَا كَمَا إِذَا اجْتَمَعَ أَهْل بَلَدٍ عَلَى تَرْكِ
(1) المفردات للراغب، والموافقات للشاطبي 3 / 120 ط مصطفى محمد
(2)
التبصرة بهامش فتح العلي المالك 2 / 132، 303، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 244 ط مصطفى الحلبي، والفواكه العديدة 2 / 9 ط المكتب الإسلامي
(3)
حديث: " والذي نفسي بيده، لقد هممت. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 125 - ط السلفية) والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 246
(4)
التبصرة 2 / 138
(5)
المرجع السابق ص 247