الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْتِرْجَاعُ الإِْقْطَاعِ مِنْ مُقْطَعِهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الإِْقْطَاعُ مِنْ بَيْتِ الْمَال بِشِرَاءٍ مَسُوغٍ أَوْ بِمُقَابِلٍ، لأَِنَّهُ فِي الأَْوَّل يَكُونُ تَمْلِيكًا بِالإِْحْيَاءِ، وَفِي الثَّانِي يَكُونُ تَمْلِيكًا بِالشِّرَاءِ فَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهُ مِنْهُ إِلَاّ بِحَقِّهِ. (1)
تَرْكُ عِمَارَةِ الأَْرْضِ الْمُقْطَعَةِ:
23 -
لَا يُعَارِضُ الْمُقْطَعُ إِذَا أَهْمَل أَرْضَهُ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ قَبْل طُول انْدِرَاسِهَا. وَقَدَّرَ الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ قَبْل ذَلِكَ كَانَتْ مِلْكًا لِلْمُقْطَعِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ:
إِنْ أَحْيَاهَا عَالِمًا بِالإِْقْطَاعِ كَانَتْ مِلْكًا لِلْمُقْطَعِ، وَإِنْ أَحْيَاهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِالإِْقْطَاعِ، خُيِّرَ الْمُقْطَعُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَإِعْطَاءِ الْمُحْيِي نَفَقَةَ عِمَارَتِهِ، وَبَيْنَ تَرْكِهَا لِلْمُحْيِي وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الأَْرْضِ الْمُحْيَاةِ. وَقَال سَحْنُونٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ مُحْيِيهَا وَلَوْ طَال انْدِرَاسُهَا، وَإِنْ أَعْمَرَهَا غَيْرُهُ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الأَْوَّل.
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَاعْتَبَرُوا الْقُدْرَةَ عَلَى الإِْحْيَاءِ بَدَلاً مِنْهَا. فَإِنْ مَضَى زَمَانٌ يَقْدِرُ عَلَى إِحْيَائِهَا فِيهِ قِيل لَهُ: إِمَّا أَنْ تُحْيِيَهَا فَتَقِرَّ فِي يَدِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ يَدَكَ عَنْهَا لِتَعُودَ إِلَى حَالِهَا قَبْل الإِْقْطَاعِ. وَقَدِ اعْتَبَرَ الْحَنَابِلَةُ الأَْعْذَارَ الْمَقْبُولَةَ مُسَوِّغًا لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ بِدُونِ إِحْيَاءٍ، إِلَى أَنْ يَزُول الْعُذْرُ. وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَعَل أَجَل الإِْقْطَاعِ إِلَى ثَلَاثِ سِنِينَ.
(1) المغني 5 / 569، وابن عابدين 5 / 278، والتاج والإكليل على الحطاب 6 / 12، والدسوقي 4 / 69، 70، وقليوبي وعميرة 3 / 90، 91.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ التَّأْجِيل لَا يَلْزَمُ، وَتَأْجِيل عُمَرَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ. (1)
وَقْفُ الإِْقْطَاعَاتِ:
24 -
إِنَّ وَقْفَ الإِْقْطَاعِ يَدُورُ صِحَّةً وَعَدَمًا عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِيَّةِ وَعَدَمِهِ لِلْوَاقِفِ، فَمَنْ أَثْبَتَهَا لَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ حَكَمَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الإِْقْطَاعِ، وَمَنْ لَمْ يُثْبِتْهَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ. عَلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَقِفَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَال عَلَى جِهَةٍ أَوْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا يَقِفُهُ، إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ. (2)
الإِْقْطَاعُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ:
25 -
الأَْصْل فِي إِقْطَاعِ التَّمْلِيكِ: أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدًا عَنِ الْعِوَضِ، فَإِنْ أَقْطَعَهُ الإِْمَامُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ كَذَا أَوْ كُل عَامٍ كَذَا - جَازَ وَعُمِل بِهِ، وَمَحَل الْعِوَضِ الْمَأْخُوذِ بَيْتُ مَال الْمُسْلِمِينَ، لَا يَخْتَصُّ الإِْمَامُ بِهِ، لِعَدَمِ مِلْكِهِ لِمَا أَقْطَعَهُ، وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَرَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، حَيْثُ إِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَفْعَل مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ. وَهُنَاكَ رَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ بِخِلَافِهِ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الإِْقْطَاعَ عَطِيَّةٌ وَهِبَةٌ وَصِلَةٌ وَلَيْسَ بَيْعًا، وَالأَْثْمَانُ مِنْ صِفَةِ الْبَيْعِ. (3)
(1) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 213، والأحكام السلطانية للماوردي ص 217 ط التوفيقية، والدسوقي 4 / 66، وابن عابدين 5 / 278.
(2)
ابن عابدين 266، و 392، وتحفة المحتاج 214 و 6 / 237 ط دار صادر، والدسوقي 4 / 68 ط عيسى الحلبي، والمغني 5 / 427 ط مكتبة القاهرة.
(3)
الخراج لأبي يوسف ص 69، والدسوقي 4 / 68، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 216، والأحكام السلطانية للماوردي ص 220.