الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَدُوِّهِ لِيَضْرِبَهُ بِهِ فَأَخْطَأَ وَأَصَابَ نَفْسَهُ وَمَاتَ، غُسِّل وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا عَدَّهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الشُّهَدَاءِ. (1)
وَكَذَلِكَ الْمُنْتَحِرُ عَمْدًا، لأَِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنِ الإِْسْلَامِ بِسَبَبِ قَتْلِهِ نَفْسَهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كَمَا سَبَقَ، وَلِهَذَا صَرَّحُوا بِوُجُوبِ غُسْلِهِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (2) وَادَّعَى الرَّمْلِيُّ الإِْجْمَاعَ عَلَيْهِ حَيْثُ قَال: وَغُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَحَمْلُهُ وَدَفْنُهُ فُرُوضُ كِفَايَةٍ إِجْمَاعًا، لِلأَْمْرِ بِهِ فِي الأَْخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَاتِل نَفْسِهِ وَغَيْرُهُ. (3)
رَابِعًا: الصَّلَاةُ عَلَى الْمُنْتَحِرِ:
29 -
يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ) أَنَّ الْمُنْتَحِرَ يُصَلَّى عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الإِْسْلَامِ بِسَبَبِ قَتْلِهِ نَفْسَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: صَلُّوا عَلَى مَنْ قَال لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ (4) وَلأَِنَّ الْغُسْل وَالصَّلَاةَ مُتَلَازِمَانِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، فَكُل مَنْ وَجَبَ غُسْلُهُ وَجَبَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَكُل مَنْ لَمْ يَجِبْ غُسْلُهُ لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ. (5)
وَقَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالأَْوْزَاعِيُّ - وَهُوَ رَأْيُ
(1) الفتاوى الهندية 1 / 163، وابن عابدين 1 / 584
(2)
ابن عابدين 1 / 584، والفتاوى البزازية على الهندية 1 / 186.
(3)
نهاية المحتاج2 / 432.
(4)
حديث: " صلوا على من قال لا إله إلا الله " أخرجه الطبراني من حديث ابن عمر، وفي إسناده من اتهم بالكذب. (فيض القدير للمناوي 4 / 203 - ط المكتبة التجارية) .
(5)
القليوبي مع حاشية عميرة 1 / 348، 349، والفتاوى الهندية 1 / 163، وابن عابدين 1 / 584، وبلغة السالك على أقرب المسالك 1 / 543، وجواهر الإكليل 1 / 106.
أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ - لَا يُصَلَّى عَلَى قَاتِل نَفْسِهِ بِحَالٍ، لِمَا رَوَى جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ: أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ قَتَل نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ فَلَمْ يُصَل عَلَيْهِ (1) وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّ رَجُلاً انْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ عَنْ رَجُلٍ قَدْ مَاتَ قَال: وَمَا يُدْرِيكَ؟ قَال: رَأَيْتُهُ يَنْحَرُ نَفْسَهُ، قَال: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ قَال: نَعَمْ. قَال. إِذَنْ لَا أُصَلِّي عَلَيْهِ (2) .
وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُنْتَحِرَ لَا تَوْبَةَ لَهُ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (3)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يُصَلِّي الإِْمَامُ عَلَى مَنْ قَتَل نَفْسَهُ عَمْدًا، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ سَائِرُ النَّاسِ. أَمَّا عَدَمُ صَلَاةِ الإِْمَامِ عَلَى الْمُنْتَحِرِ فَلِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السَّابِقِ ذِكْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَل عَلَى قَاتِل نَفْسِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هُوَ الإِْمَامَ، فَأُلْحِقَ بِهِ غَيْرُهُ مِنَ الأَْئِمَّةِ (4)
وَأَمَّا صَلَاةُ سَائِرِ النَّاسِ عَلَيْهِ، فَلِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ حِينَ امْتَنَعَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى قَاتِل نَفْسِهِ لَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَرْكُ صَلَاةِ غَيْرِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بَدْءِ الإِْسْلَامِ لَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا
(1) حديث جابر بن سمرة: " أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه. . . . " أخرجه مسلم (2 / 672 - ط الحلبي) .
(2)
حديث: " إذن لا أصلي عليه " أخرجه أبو داود (3 / 526 - ط عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح، وأخرجه مسلم مختصرا كما تقدم.
(3)
المغني 2 / 418، وابن عابدين 1 / 584.
(4)
المغني 2 / 418.