الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّصَرُّفُ فِي الأَْرَاضِيِ الأَْمِيرِيَّةِ:
19 -
يَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَدْفَعَ الأَْرْضَ الأَْمِيرِيَّةَ لِلزِّرَاعَةِ، إِمَّا بِإِقَامَتِهِمْ مَقَامَ الْمُلَاّكِ فِي الزِّرَاعَةِ وَإِعْطَاءِ الْخَرَاجِ، أَوَإِجَارَتِهَا لِلزُّرَّاعِ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ، وَعَلَى هَذَا اتَّفَقَ الأَْئِمَّةُ.
وَأَمَّا إِقْطَاعُهَا أَوْ تَمْلِيكُهَا: فَمَنَعَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، لأَِنَّهُ صَارَ مِلْكًا عَامًّا لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يُجِيزَ مِنْ بَيْتِ الْمَال مَنْ لَهُ غَنَاءٌ فِي الإِْسْلَامِ، كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْمَل مَا يَرَاهُ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ وَأَصْلَحَ، وَالأَْرْضُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَال. (1)
وَعَلَى هَذَا فَمَنْ يُلْغِي إِقْطَاعَهَا لَا يُجِيزُ تَمْلِيكَهَا، أَوْ إِرْثَهَا أَوْ إِرْثَ اخْتِصَاصِهَا، وَإِنَّمَا مَنَافِعُهَا هِيَ الَّتِي تُمْلَكُ فَقَطْ. فَلَهُ إِيجَارُهَا، وَلِلإِْمَامِ إِخْرَاجُهَا عَنْهُ مَتَى شَاءَ، غَيْرَ أَنَّهُ جَرَى الرَّسْمُ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنِ ابْنٍ انْتَقَل الاِخْتِصَاصُ لِلاِبْنِ مَجَّانًا، وَإِلَاّ فَلِبَيْتِ الْمَال، وَلَوْ لَهُ بِنْتٌ أَوْ أَخٌ لأَِبٍ لَهُ أَخْذُهَا بِالإِْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الأَْرَاضِي الأَْمِيرِيَّةُ عَامِرَةً، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مَوَاتًا فَإِنَّهَا تُمْلَكُ بِالإِْحْيَاءِ، وَتُؤْخَذُ بِالإِْقْطَاعِ كَمَا سَبَقَ، وَتُورَثُ عَنْهُ إِذَا مَاتَ، وَيَصِحُّ بَيْعُهَا، وَعَلَيْهِ وَظِيفَتُهَا مِنْ عُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ (2) وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ - (أَرْضُ الْحَوْزِ) .
(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 68، والأحكام السلطانية للماوردي ص 292، 293، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 215، 216، والخراج لأبي يوسف ص63، وابن عابدين 3 / 265.
(2)
الدر المنتقى 1 / 671، 672، وابن عابدين 3 / 256، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص218.
إِقْطَاعُ الْمَرَافِقِ:
20 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلإِْمَامِ إِقْطَاعُ الْمَرَافِقِ الْعَامَّةِ وَمَا لَا غِنَى عَنْهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْمِلْحِ وَالْقَارِ وَنَحْوِهَا. وَكَذَلِكَ مَا قَرُبَ مِنَ الْعَامِرِ، وَتَعَلَّقَتْ بِهِ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ، مِنْ طُرُقٍ وَسَيْل مَاءٍ وَمَطْرَحِ قُمَامَةٍ وَمَلْقَى تُرَابٍ وَآلَاتٍ، فَلَا يَجُوزُ إِقْطَاعُهُ، بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَكَذَلِكَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ مَصَالِحُ الْقَرْيَةِ، كَفِنَائِهَا وَمَرْعَى مَاشِيَتِهَا وَمُحْتَطَبِهَا وَطُرُقِهَا وَمَسِيل مَائِهَا، لَا يَجُوزُ إِقْطَاعُهُ (1) .
إِجَارَةُ الإِْقْطَاعَاتِ وَإِعَارَتُهَا:
21 -
مَا أَقْطَعَهُ الإِْمَامُ لِلنَّاسِ مِلْكًا، أَوِ اشْتُرِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَال شِرَاءً مُسَوِّغًا، فَلَا خَفَاءَ فِي جَوَازِ إِجَارَتِهِ وَإِعَارَتِهِ، حَيْثُ صَارَ مِلْكًا لِلأَْشْخَاصِ يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَاّكِ، وَمَنْ أَقْطَعَهُ الإِْمَامُ أَرْضًا إِقْطَاعَ انْتِفَاعٍ فِي مُقَابَلَةِ خِدْمَةٍ عَامَّةٍ يُؤَدِّيهَا، وَبِعِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ: فِي مُقَابَلَةِ اسْتِعْدَادِهِ لِمَا أُعِدَّ لَهُ، فَإِنَّ لِلْمُقْطَعِ إِجَارَتَهَا وَإِعَارَتَهَا، لأَِنَّهُ مَلَكَهَا مِلْكَ مَنْفَعَةٍ.
وَإِذَا مَاتَ الْمُؤَجِّرُ، أَوْ أَخْرَجَ الإِْمَامُ الأَْرْضَ الْمُقْطَعَةَ مِنْهُ انْفَسَخَتِ الإِْجَارَةُ، لاِنْتِقَال الْمِلْكِ إِلَى غَيْرِ الْمُؤَجِّرِ. (2)
اسْتِرْجَاعُ الإِْقْطَاعَاتِ:
22 -
إِذَا أَقْطَعَ الإِْمَامُ أَرْضًا مَوَاتًا، وَتَمَّ إِحْيَاؤُهَا، أَوْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمُقَرَّرَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِلإِْحْيَاءِ، فَلَيْسَ لَهُ
(1) قليوبي وعميرة 3 / 89، 90، ومطالب أولي النهى 4 / 180، وابن عابدين 5 / 278، والمغني 5 / 566، 580 ط السعودية.
(2)
ابن عابدين 3 / 266، وقليوبي وعميرة 3 / 92.