الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً (1)
أَمَّا حُكْمُ الْخُرُوجِ عَلَى الْجَائِرِ مِنَ الأَْئِمَّةِ فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَنْ دَوَامِ الإِْمَامَةِ.
وَيَدْعُو لِلإِْمَامِ بِالصَّلَاحِ وَالنُّصْرَةِ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا. وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا وَصْفُهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ كَالصَّالِحِ وَالْعَادِل، كَمَا يَحْرُمُ أَنْ يُوصَفَ بِمَا لَا يَجُوزُ وَصْفُ الْعِبَادِ بِهِ، مِثْل شَاهِنْشَاهْ الأَْعْظَمِ، وَمَالِكِ رِقَابِ النَّاسِ، لأَِنَّ الأَْوَّل مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ فَلَا يَجُوزُ وَصْفُ الْعِبَادِ بِهِ، وَالثَّانِي كَذِبٌ. (2)
مَنْ يَنْعَزِل بِمَوْتِ الإِْمَامِ:
22 -
لَا يَنْعَزِل بِمَوْتِ الإِْمَامِ مَنْ عَيَّنَهُ الإِْمَامُ فِي وَظِيفَةٍ عَامَّةٍ كَالْقُضَاةِ، وَأُمَرَاءِ الأَْقَالِيمِ، وَنُظَّارِ الْوَقْفِ، وَأَمِينِ بَيْتِ الْمَال، وَأَمِيرِ الْجَيْشِ. (3) وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ رضي الله عنهم وَلَّوْا حُكَّامًا فِي زَمَنِهِمْ، فَلَمْ يَنْعَزِل أَحَدٌ بِمَوْتِ الإِْمَامِ، وَلأَِنَّ الْخَلِيفَةَ أَسْنَدَ إِلَيْهِمُ الْوَظَائِفَ نِيَابَةً عَنِ الْمُسْلِمِينَ، لَا نُوَّابًا عَنْ نَفْسِهِ، فَلَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِهِ، وَفِي انْعِزَالِهِمْ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَتَعْطِيلٌ لِلْمَصَالِحِ.
أَمَّا الْوُزَرَاءُ فَيَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِ الإِْمَامِ وَانْعِزَالِهِ، لأَِنَّ الْوَزَارَةَ نِيَابَةٌ عَنِ الإِْمَامِ فَيَنْعَزِل النَّائِبُ بِمَوْتِ
(1) حديث: " من خرج من الطاعة. . . ". أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (صحيح مسلم 3 / 1476 ط عيسى الحلبي)
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 544 - 545
(3)
المغني 9 / 103 - 104، ومغني المحتاج 4 / 383، وحاشية ابن عابدين 4 / 324، وجواهر الإكليل 2 / 324
الْمُسْتَنِيبِ. لأَِنَّ الإِْمَامَ اسْتَنَابَ الْوَزِيرَ لِيُعِينَهُ فِي أُمُورِ الْخِلَافَةِ. (1)
عَزْل الإِْمَامِ وَانْعِزَالُهُ:
23 -
سَبَقَ نَقْل كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي مَسْأَلَةِ عَزْل الإِْمَامِ لِطُرُوءِ الْفِسْقِ وَالْجَوْرِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَنْ دَوَامِ الإِْمَامِ.
ثُمَّ قَال الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا مَا طَرَأَ عَلَى بَدَنِهِ مِنْ نَقْصٍ فَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: نَقْصُ الْحَوَاسِّ، وَالثَّانِي: نَقْصُ الأَْعْضَاءِ، وَالثَّالِثُ: نَقْصُ التَّصَرُّفِ.
فَأَمَّا نَقْصُ الْحَوَاسِّ فَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَمْنَعُ مِنَ الإِْمَامَةِ، وَقِسْمٌ لَا يَمْنَعُ مِنْهَا، وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْمَانِعُ مِنْهَا فَشَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: زَوَال الْعَقْل. وَالثَّانِي: ذَهَابُ الْبَصَرِ.
فَأَمَّا زَوَال الْعَقْل فَضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ عَارِضًا مَرْجُوَّ الزَّوَال كَالإِْغْمَاءِ، فَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنِ انْعِقَادِ الإِْمَامَةِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا، لأَِنَّهُ مَرَضٌ قَلِيل اللُّبْثِ سَرِيعُ الزَّوَال، وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا كَانَ لَازِمًا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالْجُنُونِ وَالْخَبَل، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُطْبِقًا دَائِمًا لَا يَتَخَلَّلُهُ إِفَاقَةٌ، فَهَذَا يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الإِْمَامَةِ وَاسْتِدَامَتِهَا، فَإِذَا طَرَأَ هَذَا بَطَلَتْ بِهِ الإِْمَامَةُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ وَالْقَطْعِ بِهِ، وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ
(1) الأحكام للماوردي ص 26 - 63. وترى اللجنة أن انعزال المولين من الإمام أو عدم انعزالهم أمر يرجع إلى سياسة الدولة وأنظمتها المتبعة، وتراعى فيه المصلحة العامة، وتختلف الأعراف فيه زمنا ومكانا