الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتُنْظَرُ هَذِهِ الْمَسَائِل فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ، كَالشَّرِكَةِ وَالرَّهْنِ وَاللُّقَطَةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا، وَفِي مَجْمَعِ الضَّمَانَاتِ كَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الأَْمْثِلَةِ، وَفِي الْفُرُوقِ لِلْقَرَافِيِّ: كُل مَنْ عَمِل عَمَلاً أَوْ أَوْصَل نَفْعًا لِغَيْرِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ نَفَذَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ، أَوْ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ وَهُوَ مَنْفَعَةٌ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، أَوْ مَالٌ فَلَهُ أَخْذُهُ مِمَّنْ دَفَعَهُ عَنْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُنْتَفِعُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَمَل ذَلِكَ (1) .
(3) الشَّرْعُ:
14 -
يُعْتَبَرُ الْمُسْلِمُ بِإِسْلَامِهِ مُلْتَزِمًا بِأَحْكَامِ الإِْسْلَامِ وَتَكَالِيفِهِ.
جَاءَ فِي مُسَلَّمِ الثُّبُوتِ: الإِْسْلَامُ: الْتِزَامُ حَقِيقَةِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (2) .
وَمِمَّا يُعْتَبَرُ الْمُسْلِمُ مُلْتَزِمًا بِهِ مَا يُلْزِمُهُ بِهِ الشَّارِعُ نَتِيجَةَ ارْتِبَاطَاتٍ وَعَلَاقَاتٍ خَاصَّةٍ.
وَمِنْ ذَلِكَ: إِلْزَامُهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى أَقَارِبِهِ الْفُقَرَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْل ذَلِكَ} (3) وقَوْله تَعَالَى:{وَقَضَى رَبُّك أَلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (4) .
وَمِنْ ذَلِكَ الْوِلَايَةُ الشَّرْعِيَّةُ، كَوِلَايَةِ الأَْبِ وَالْجَدِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ
(1) الفروق 3 / 189، وتهذيب الفروق 3 / 219 (الفرق171) ، والمنثور 1 / 157.
(2)
فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 1 / 180.
(3)
سورة البقرة / 233.
(4)
سورة الإسراء / 23.
أَمْوَالَهُمْ} (1) . وَذَلِكَ لِوُفُورِ الشَّفَقَةِ فِي الْوَلِيِّ وَعَدَمِ حُسْنِ تَصَرُّفِ الْقَاصِرِ.
وَمِنْ ذَلِكَ الاِلْتِزَامُ بِقَبُول الْمِيرَاثِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُعْتَبَرُ الْمُسْلِمُ مُلْتَزِمًا بِهِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى قَبُولِهِ.
يَقُول الْكَاسَانِيُّ: اللُّزُومُ هُنَا بِإِلْزَامِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الإِْلْزَامِ، وَهُوَ اللَّهُ تبارك وتعالى، فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى الْقَبُول، كَسَائِرِ الأَْحْكَامِ الَّتِي تَلْزَمُ بِإِلْزَامِ الشَّرْعِ ابْتِدَاءً (2) .
عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُضَافَ إِلَى هَذِهِ الأَْسْبَابِ: الشُّرُوعُ، فَمَنْ شَرَعَ فِي عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ أَصْبَحَ مُلْتَزِمًا بِإِتْمَامِهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا، وَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِفَسَادِهَا، كَمَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ (3) .
هَذِهِ هِيَ الْمَصَادِرُ الثَّلَاثَةُ (الْفِعْل الضَّارُّ - وَالْفِعْل النَّافِعُ - وَالشَّرْعُ) الَّتِي عَدَّهَا الْمُشْتَغِلُونَ بِالْفِقْهِ الإِْسْلَامِيِّ فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ مِنْ مَصَادِرِ الاِلْتِزَامِ، إِلَاّ أَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ تُعْتَبَرُ مِنْ بَابِ الإِْلْزَامِ، وَلَيْسَتْ مِنْ بَابِ الاِلْتِزَامِ، كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْكَاسَانِيِّ.
15 -
وَالْفُقَهَاءُ عَبَّرُوا فِي التَّصَرُّفَاتِ النَّاشِئَةِ عَنْ إِرَادَةِ الإِْنْسَانِ بِأَنَّهَا الْتِزَامٌ، أَمَّا مَا كَانَ بِغَيْرِ إِرَادَتِهِ فَالتَّعْبِيرُ فِيهَا بِالإِْلْزَامِ أَوِ اللُّزُومِ. ذَلِكَ أَنَّ الاِلْتِزَامَ الْحَقِيقِيَّ. هُوَ مَا أَوْجَبَهُ الإِْنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْتَزَمَ بِهِ. وَلِذَلِكَ يَقُول الْقَرَافِيُّ: إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ يَلْزَمُهُ ثَمَنُ الْبِيَاعَاتِ وَأَجْرُ الإِْجَارَاتِ وَدَفْعُ الدُّيُونِ الَّتِي اقْتَرَضَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ وَالْغَصْبُ
(1) سورة النساء / 6.
(2)
منح الجليل 2 / 447، والمهذب 2 / 166، ومنتهى الإرادات 3 / 254، والهداية 2 / 48، والأشباه للسيوطي 172، والبدائع 7 / 332.
(3)
ابن عابدين 1 / 452 ط أولى، والحطاب 2 / 90 ط النجاح بليبيا.