الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَجْوَهُ. (1) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ إِعْطَاءَ الرِّبَا لِلضَّرُورَةِ فَيَأْثَمَ الْمُقْرِضُ دُونَ الْمُقْتَرِضِ.
الأَْوْصَافُ الْمُغَيِّرَةُ لآِثَارِ الاِلْتِزَامِ:
إِذَا تَمَّتِ التَّصَرُّفَاتُ الْمُلْزِمَةُ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الاِلْتِزَامِ مُسْتَوْفِيَةً أَرْكَانَهَا وَشَرَائِطَهَا تَرَتَّبَتْ عَلَيْهَا آثَارُهَا وَوَجَبَ تَنْفِيذُ الاِلْتِزَامِ.
لَكِنْ قَدْ يَتَّصِل بِالتَّصَرُّفِ بَعْضُ الأَْوْصَافِ الَّتِي تُغَيِّرُ مِنْ آثَارِ الاِلْتِزَامِ، فَتُوقِفُهُ أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهِ الْتِزَامًا آخَرَ أَوْ تُبْطِلُهُ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
أَوَّلاً: الْخِيَارَاتُ:
47 -
مِنَ الْخِيَارَاتِ مَا يَتَّصِل بِالتَّصَرُّفِ، فَيَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ وَيَتَأَخَّرُ تَنْفِيذُ الاِلْتِزَامِ إِلَى أَنْ يُبَتَّ فِيهَا، فَيَتَبَيَّنَ مَا يَنْفُذُ وَمَا لَا يَنْفُذُ. وَالْخِيَارَاتُ كَثِيرَةٌ، وَلَكِنَّا نَكْتَفِي بِالْخِيَارَاتِ الْمَشْهُورَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَهِيَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَالتَّعْيِينِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ.
يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: مِنَ الْخِيَارَاتِ مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ، وَهُمَا خِيَارُ الشَّرْطِ وَالتَّعْيِينِ، وَمِنْهُ مَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْحُكْمِ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَمِنْهُ مَا يَمْنَعُ لُزُومَهُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ.
وَيَقُول الْكَاسَانِيُّ: شَرَائِطُ لُزُومِ الْبَيْعِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ وَنَفَاذِهِ وَصِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ خَالِيًا مِنْ خِيَارَاتٍ أَرْبَعَةٍ: خِيَارِ الشَّرْطِ، وَالتَّعْيِينِ وَالرُّؤْيَةِ، وَالْعَيْبِ. فَلَا يَلْزَمُ مَعَ هَذِهِ الْخِيَارَاتِ، إِذْ لَا بُدَّ لِلُّزُومِ مِنَ الرِّضَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ
(1) الأشباه لابن نجيم ص 158، والمنثور في القواعد 3 / 140.
بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل إِلَاّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} . (1)
وَفِي الْمَوْضُوعُ تَفْصِيلَاتٌ كَثِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَدْخُلُهَا الْخِيَارَاتُ وَالتَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لَا تَدْخُلُهَا، وَبِالنِّسْبَةِ لِمَا هُوَ عِنْدَ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى، فَخِيَارُ التَّعْيِينِ مَثَلاً لَا يَأْخُذُ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسِ. وَكَذَلِكَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَلِغَيْرِهِمْ تَفْصِيلٌ فِيهِ. (2) (ر: خِيَار)
ثَانِيًا: الشُّرُوطُ:
48 -
الشَّرْطُ قَدْ يَكُونُ تَعْلِيقِيًّا، وَقَدْ يَكُونُ تَقْيِيدِيًّا: فَالشَّرْطُ التَّعْلِيقِيُّ: هُوَ رَبْطُ وُجُودِ الشَّيْءِ بِوُجُودِ غَيْرِهِ، أَيْ أَنَّ الْمُلْتَزِمَ يُعَلِّقُ تَنْفِيذَ الْتِزَامِهِ عَلَى وُجُودِ مَا شَرَطَهُ. وَبِذَلِكَ يَكُونُ أَثَرُ الشَّرْطِ التَّعْلِيقِيِّ فِي الاِلْتِزَامِ هُوَ تَوَقُّفَ تَنْفِيذِ الاِلْتِزَامِ حَتَّى يَحْصُل الشَّرْطُ، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مَثَلاً إِذَا قَال لِشَخْصٍ: إِنْ بَنَيْتَ بَيْتَكَ، أَوْ إِنْ تَزَوَّجْتَ فَلَكَ كَذَا فَهُوَ لَازِمٌ، إِذَا وَقَعَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. (3)
وَهَذَا طَبْعًا فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَقْبَل التَّعْلِيقَ، كَالإِْسْقَاطَاتِ وَالإِْطْلَاقَاتِ وَالاِلْتِزَامِ بِالْقُرَبِ بِالنَّذْرِ. أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لَا تَقْبَل التَّعْلِيقَ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، فَإِنَّ التَّعْلِيقَ يَمْنَعُ الاِنْعِقَادَ لِعَدَمِ صِحَّةِ
(1) سورة النساء / 29.
(2)
حاشية ابن عابدين 4 / 45، والبدائع 5 / 228، وبداية المجتهد 2 / 174، 209 والمهذب 1 / 265، 289، وشرح منتهى الإرادات 2 / 166 وما بعدها.
(3)
فتح العلي المالك 1 / 297 نشر دار المعرفة، والمنثور في القواعد 1 / 370.