الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
5 -
الرِّضَا وَالاِخْتِيَارُ:
الرِّضَا لُغَةً: الاِخْتِيَارُ. يُقَال: رَضِيتُ الشَّيْءَ وَرَضِيتُ بِهِ: اخْتَرْتُهُ.
وَالاِخْتِيَارُ لُغَةً: أَخْذُ مَا يَرَاهُ خَيْرًا. (1)
وَأَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ، فَإِنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الرِّضَا وَالاِخْتِيَارِ، لَكِنْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا.
فَالرِّضَا عِنْدَهُمْ هُوَ: امْتِلَاءُ الاِخْتِيَارِ وَبُلُوغُهُ نِهَايَتَهُ، بِحَيْثُ يُفْضِي أَثَرُهُ إِلَى الظَّاهِرِ مِنْ ظُهُورِ الْبَشَاشَةِ فِي الْوَجْهِ وَنَحْوِهَا.
أَوْ هُوَ: إِيثَارُ الشَّيْءِ وَاسْتِحْسَانُهُ. (2)
وَالاِخْتِيَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ: الْقَصْدُ إِلَى مَقْدُورٍ مُتَرَدِّدٍ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ بِتَرْجِيحِ أَحَدِ جَانِبَيْهِ عَلَى الآْخَرِ.
أَوْ هُوَ: الْقَصْدُ إِلَى الشَّيْءِ وَإِرَادَتُهُ. (3)
حُكْمُ الإِْكْرَاهِ:
6 -
الإِْكْرَاهُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَيْسَ مُحَرَّمًا فَحَسْبُ، بَل هُوَ إِحْدَى الْكَبَائِرِ، لأَِنَّهُ أَيْضًا يُنْبِئُ بِقِلَّةِ الاِكْتِرَاثِ بِالدَّيْنِ، وَلأَِنَّهُ مِنَ الظُّلْمِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا. . . (4) .
(1) لسان العرب والمصباح المنير. والمفردات للراغب الأصفهاني.
(2)
كشف الأسرار 4 / 383، وابن عابدين 4 / 7.
(3)
التلويح 2 / 196، وابن عابدين 4 / 7.
(4)
نيل الأوطار 8 / 308، والفتاوى الكبرى لابن حجر 4 / 173، وتيسير التحرير 2 / 310. وحديث " يا عبادي إني حرمت الظلم. . " أخرجه مسلم (4 / 1994 - ط الحلبي) .
شَرَائِطُ الإِْكْرَاهِ
الشَّرِيطَةُ الأُْولَى:
7 -
قُدْرَةُ الْمُكْرِهِ (بِالْكَسْرِ) عَلَى إِيقَاعِ مَا هَدَّدَ بِهِ، لِكَوْنِهِ مُتَغَلِّبًا ذَا سَطْوَةٍ وَبَطْشٍ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُلْطَانًا وَلَا أَمِيرًا - ذَلِكَ أَنَّ تَهْدِيدَ غَيْرِ الْقَادِرِ لَا اعْتِبَارَ لَهُ. (1)
الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ:
8 -
خَوْفُ الْمُكْرَهِ (بِفَتْحِ الرَّاءِ) مِنْ إِيقَاعِ مَا هُدِّدَ بِهِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي تَحَقُّقِ الإِْكْرَاهِ إِذَا كَانَ الْمَخُوفُ عَاجِلاً. فَإِنْ كَانَ آجِلاً، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالأَْذْرَعِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى تَحَقُّقِ الإِْكْرَاهِ مَعَ التَّأْجِيل. وَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ الإِْكْرَاهَ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ التَّأْجِيل، وَلَوْ إِلَى الْغَدِ.
وَالْمَقْصُودُ بِخَوْفِ الإِْيقَاعِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، ذَلِكَ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ عَدَمِ الأَْدِلَّةِ، وَتَعَذُّرِ التَّوَصُّل إِلَى الْحَقِيقَةِ. (2)
الشَّرِيطَةُ الثَّالِثَةُ:
9 -
أَنْ يَكُونَ مَا هُدِّدَ بِهِ قَتْلاً أَوْ إِتْلَافَ عُضْوٍ، وَلَوْ بِإِذْهَابِ قُوَّتِهِ مَعَ بَقَائِهِ كَإِذْهَابِ الْبَصَرِ، أَوِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَطْشِ أَوِ الْمَشْيِ مَعَ بَقَاءِ أَعْضَائِهَا، (3) أَوْ
(1) المبسوط 24 / 39، ورد المحتار 5 / 80، والخرشي 3 / 175، ومغني المحتاج 3 / 290، والمغني لابن قدامة 8 / 261.
(2)
رد المحتار 5 / 80، 88، والمبسوط 24 / 78، 49، 71، والبزازية بهامش الهندية 6 / 131، والخرشي 3 / 174، والشرقاوي على التحرير 2 / 391، تحفة المحتاج 7 / 36 وأسنى المطالب 3 / 283، ومغني المحتاج 3 / 289، 290، والمقنع 3 / 135، والمغني 8 / 261.
(3)
وما يحسبه الأخرق مهلكا - وإن لم يكن كذلك - يحقق إكراهه، كما أشرنا سلفا (قليوبي على المنهاج 3 / 332) وقولهم: لا عبرة بالظن البين خطؤه، محله فيما يحتاج إلى النية، لا ما يناط فيه الأمر بالظاهر كما هنا، إذ هو ساقط الطواعية وإن كان بظن فاسد.