الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاِقْتِدَاءَ مُشَارَكَةٌ، وَحَقِيقَةُ الْمُشَارَكَةِ الْمُقَارَنَةُ، إِذْ بِهَا تَتَحَقَّقُ الْمُشَارَكَةُ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْعِبَادَةِ. (1)
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يُتَابِعُ الإِْمَامَ فِي السَّلَامِ، بِأَنْ يُسَلِّمَ بَعْدَهُ، وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ: أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الإِْمَامُ قَبْل أَنْ يَفْرُغَ الْمُقْتَدِي مِنَ الدُّعَاءِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ، أَوْ قَبْل أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ يُتَابِعُ الإِْمَامَ فِي التَّسْلِيمِ. أَمَّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَلَوْ سَلَّمَ الإِْمَامُ قَبْل أَنْ يُصَلِّيَ الْمَأْمُومُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ مِنْ صَلَاتِهِ، لأَِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ. وَلَوْ سَلَّمَ قَبْل الإِْمَامِ سَهْوًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ، وَيُسَلِّمُ بَعْدَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَمَّا إِنْ سَلَّمَ قَبْل الإِْمَامِ عَمْدًا فَإِنَّهُ تَبْطُل صَلَاتُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، إِلَاّ أَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ عِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
أَمَّا مُقَارَنَةُ الْمُقْتَدِي لِلإِْمَامِ فِي السَّلَامِ فَلَا تَضُرُّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، إِلَاّ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: مُسَاوَاتُهُ لِلإِْمَامِ تُبْطِل الصَّلَاةَ. (2)
وَلَا تَضُرُّ مُقَارَنَةُ الْمَأْمُومِ لِلإِْمَامِ فِي سَائِرِ الأَْفْعَال، كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ بِدُونِهَا عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، فَإِنْ تَقَدَّمَهُ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ يَنْبَغِي الْبَقَاءُ فِيهِمَا حَتَّى يُدْرِكَهُ الإِْمَامُ، وَلَوْ رَفَعَ الْمُقْتَدِي رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ قَبْل الإِْمَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ رُكُوعَيْنِ أَوْ سُجُودَيْنِ اتِّفَاقًا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (صَلَاة) . (3)
(1) البدائع 1 / 200.
(2)
البدائع 1 / 200، وابن عابدين 1 / 333، ونهاية المحتاج 2 / 212 - 217، ومغني المحتاج 1 / 255، 257، والدسوقي 1 / 341 - 342، وكشاف القناع 1 / 465.
(3)
نفس المراجع.
ثَانِيًا - الاِقْتِدَاءُ فِي أَقْوَال الصَّلَاةِ:
30 -
لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ مُتَابَعَةُ الإِْمَامِ فِي سَائِرِ أَقْوَال الصَّلَاةِ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ وَالسَّلَامِ، كَالتَّشَهُّدِ وَالْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ، فَيَجُوزُ فِيهَا التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ وَالْمُوَافَقَةُ. (1)
اخْتِلَافُ صِفَةِ الْمُقْتَدِي وَالإِْمَامِ
:
أ -
اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ:
31 -
يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. (الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ) ، لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمِيرًا عَلَى سَرِيَّةٍ، فَأَجْنَبَ، وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ بِالتَّيَمُّمِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ، وَعَلِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالإِْعَادَةِ. (2)
وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ لِلْجَوَازِ كَذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِمْ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ مُطْلَقًا مِنْ كُل وَجْهٍ، مَا بَقِيَ شَرْطُهُ، وَهُوَ الْعَجْزُ عَنِ اسْتِعْمَال الْمَاءِ، وَلِهَذَا تَجُوزُ الْفَرَائِضُ الْمُتَعَدِّدَةُ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمْ. (3)
وَكَرِهَ الْمَالِكِيَّةُ اقْتِدَاءَ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ، كَمَا أَنَّ الْحَنَابِلَةَ صَرَّحُوا بِأَنَّ إِمَامَةَ الْمُتَوَضِّئِ أَوْلَى مِنْ إِمَامَةِ الْمُتَيَمِّمِ، لأَِنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، بَل يُسْتَبَاحُ بِهِ
(1) مغني المحتاج 1 / 163، 255، والفتاوى الهندية 1 / 90، 91، والدسوقي 1 / 341، والاختيار 1 / 50، وجواهر الإكليل 1 / 50، وكشاف القناع 1 / 465.
(2)
حديث عمرو بن العاص " أنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 334 ط عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 177 ط دائرة المعارف العثمانية) وقواه ابن حجر في الفتح (1 / 454 - ط السلفية) .
(3)
فتح القدير 1 / 320، وابن عابدين 1 / 395، وجواهر الإكليل 1 / 26، وكشاف القناع 1 / 474.