الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د - الْحُكْمُ:
5 -
الْحُكْمُ هُوَ فِي اللُّغَةِ: الْقَضَاءُ، يُقَال: حَكَمَ لَهُ وَعَلَيْهِ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا، فَالْحَاكِمُ هُوَ الْقَاضِي فِي عُرْفِ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ.
وَقَدْ تَعَارَفَ النَّاسُ فِي الْعَصْرِ الْحَاضِرِ عَلَى إِطْلَاقِهِ عَلَى مَنْ يَتَوَلَّى السُّلْطَةَ الْعَامَّةَ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6 -
أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى وُجُوبِ عَقْدِ الإِْمَامَةِ، وَعَلَى أَنَّ الأُْمَّةَ يَجِبُ عَلَيْهَا الاِنْقِيَادُ لإِِمَامٍ عَادِلٍ، يُقِيمُ فِيهِمْ أَحْكَامَ اللَّهِ، وَيَسُوسُهُمْ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ هَذَا الإِْجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ. (1)
وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ، بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم، بِمُجَرَّدِ أَنْ بَلَغَهُمْ نَبَأُ وَفَاةِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَادَرُوا إِلَى عَقْدِ اجْتِمَاعٍ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَاشْتَرَكَ فِي الاِجْتِمَاعِ كِبَارُ الصَّحَابَةِ، وَتَرَكُوا أَهَمَّ الأُْمُورِ لَدَيْهِمْ فِي تَجْهِيزِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَشْيِيعِ جُثْمَانِهِ الشَّرِيفِ، وَتَدَاوَلُوا فِي أَمْرِ خِلَافَتِهِ.
وَهُمْ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي بَادِئِ الأَْمْرِ حَوْل الشَّخْصِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُبَايَعَ، أَوْ عَلَى الصِّفَاتِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تَتَوَفَّرَ فِيمَنْ يَخْتَارُونَهُ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي وُجُوبِ نَصْبِ إِمَامٍ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَقُل أَحَدٌ مُطْلَقًا إِنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى ذَلِكَ، وَبَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، وَوَافَقَ بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ لَمْ
(1) حاشية الطحطاوي على الدر 1 / 238، وجواهر الإكليل 1 / 251، ومغني المحتاج 4 / 229، والأحكام السلطانية للماوردي ص 3
يَكُونُوا حَاضِرِينَ فِي السَّقِيفَةِ، وَبَقِيَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ فِي كُل الْعُصُورِ، فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا عَلَى وُجُوبِ نَصْبِ الإِْمَامِ. (1)
وَهَذَا الْوُجُوبُ وُجُوبُ كِفَايَةٍ، كَالْجِهَادِ وَنَحْوِهِ، فَإِذَا قَامَ بِهَا مَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهَا سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْكَافَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهَا أَحَدٌ، أَثِمَ مِنَ الأُْمَّةِ فَرِيقَانِ:
أ - أَهْل الاِخْتِيَارِ وَهُمْ: أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ، حَتَّى يَخْتَارُوا إِمَامًا لِلأُْمَّةِ.
ب - أَهْل الإِْمَامَةِ وَهُمْ: مَنْ تَتَوَفَّرُ فِيهِمْ شُرُوطُ الإِْمَامَةِ، إِلَى أَنْ يُنْصَبَ أَحَدُهُمْ إِمَامًا (2) .
مَا يَجُوزُ تَسْمِيَةُ الإِْمَامِ بِهِ:
7 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ تَسْمِيَةِ الإِْمَامِ: خَلِيفَةً، وَإِمَامًا، وَأَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
فَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ إِمَامًا فَتَشْبِيهًا بِإِمَامِ الصَّلَاةِ فِي وُجُوبِ الاِتِّبَاعِ وَالاِقْتِدَاءِ بِهِ فِيمَا وَافَقَ الشَّرْعَ، وَلِهَذَا سُمِّيَ مَنْصِبُهُ بِالإِْمَامَةِ الْكُبْرَى.
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ خَلِيفَةً فَلِكَوْنِهِ يَخْلُفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا فِي الأُْمَّةِ، فَيُقَال خَلِيفَةٌ بِإِطْلَاقٍ، وَخَلِيفَةُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَسْمِيَتِهِ خَلِيفَةَ اللَّهِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ تَسْمِيَتِهِ بِخَلِيفَةِ اللَّهِ، لأَِنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه نَهَى عَنْ ذَلِكَ لَمَّا دُعِيَ بِهِ، وَقَال: لَسْتُ خَلِيفَةَ اللَّهِ، وَلَكِنِّي خَلِيفَةُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (3) . وَلأَِنَّ الاِسْتِخْلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْغَائِبِ،
(1) الفصل في الملل 4 / 87، ومقدمة ابن خلدون ص 11
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي ص3
(3)
قول أبي بكر: لست خليفة الله، ولكن خليفة رسول الله عن ابن أبي مليكة قال: قيل لأبي بكر: يا خليفة الله، فقال: أنا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أحمد (1 / 61 ط دار المعارف بتعليق أحمد شاكر) وإسناده منقطع