الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَفَاذُ تَصَرُّفَاتِ أَمِيرِ الاِسْتِكْفَاءِ:
8 -
يَجُوزُ لأَِمِيرِ الاِسْتِكْفَاءِ أَنْ يُقَلِّدَ مَنْ يُعَيِّنُهُ فِي تَنْفِيذِ مَهَامِّهِ لأَِنَّهُ مُعِينٌ لَهُ، وَنَائِبٌ عَنْهُ فِي مُبَاشَرَةِ الأَْعْمَال الَّتِي لَا تَتَيَسَّرُ مُبَاشَرَتُهَا لِلأَْمِيرِ نَفْسِهِ. وَلَكِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ لِشَخْصٍ آخَرَ مَا عُهِدَ إِلَيْهِ مِنْ أَصْل الْوِلَايَةِ إِلَاّ بِإِذْنِ الإِْمَامِ، لأَِنَّهُ مُسْتَقِل النَّظَرِ. (1)
إِمَارَةُ الاِسْتِيلَاءِ:
9 -
الأَْصْل فِي الْفِقْهِ الإِْسْلَامِيِّ: أَلَاّ يَتَوَلَّى أَحَدٌ مَنْصِبًا إِلَاّ بِتَقْلِيدٍ صَحِيحٍ مِنَ الإِْمَامِ، أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ كَوَزِيرِ التَّفْوِيضِ، عَلَى أَنَّهُ فِي بَعْضِ الظُّرُوفِ قَدْ يَحْدُثُ أَنْ يَسْتَبِدَّ أَمِيرٌ أَوْ وَالٍ بِالسُّلْطَةِ، بَعْدَ تُوَلِّيهِ بِتَقْلِيدٍ مِنَ الإِْمَامِ، وَيُخْشَى فِتْنَةٌ فِي عَزْلِهِ، فَلِلإِْمَامِ أَنْ يُقِرَّهُ عَلَى إِمَارَتِهِ. وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى صِحَّةِ هَذَا التَّقْلِيدِ مِنَ الإِْمَامِ لِلضَّرُورَةِ، وَحَسْمًا لِلْفِتْنَةِ وَيُسَمُّونَهَا: إِمَارَةَ الاِسْتِيلَاءِ تَفْرِيقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ إِمَارَةِ الاِسْتِكْفَاءِ. (2)
وَهِيَ وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى عُرْفِ التَّقْلِيدِ (التَّوْلِيَةِ) ، وَشُرُوطِهِ وَأَحْكَامِهِ، فَالْحِكْمَةُ فِي إِقْرَارِهَا هِيَ حِفْظُ وَحْدَةِ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ بِالاِعْتِرَافِ بِوُجُودِ الْخِلَافَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِضْفَاءِ صِفَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الأَْحْكَامِ الَّتِي يُصْدِرُهَا الْمُسْتَوْلِي، وَصَوْنِهَا عَنِ الْفَسَادِ.
وَجَاءَ فِي الأَْحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلْمَاوَرْدِيِّ: وَاَلَّذِي يَنْحَفِظُ بِتَقْلِيدِ الْمُسْتَوْلِي مِنْ قَوَانِينِ الشَّرْعِ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ، فَيَشْتَرِكُ فِي الْتِزَامِهَا الْخَلِيفَةُ، وَالْمُسْتَوْلِي،
(1) المصدر السابق ص 25
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي ص 27
وَعَدَّدَ الأَْشْيَاءَ، وَلَا تَخْرُجُ فِي عُمُومِهَا عَمَّا ذَكَرْنَاهُ، مِنْ حِفْظِ مَرْكَزِ الْخِلَافَةِ، وَالاِعْتِرَافِ بِوُجُودِهَا، وَإِضْفَاءِ الصِّفَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَعْمَال الإِْمَارَةِ وَصَوْنِهَا عَنِ الْفَسَادِ. (1)
وَلَا يَخْفَى أَنَّ صِحَّةَ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الإِْمَارَةِ هُوَ مِنْ بَابِ الضَّرُورَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَصْكَفِيُّ وَغَيْرُهُ. (2)
الإِْمَارَةُ الْخَاصَّةُ (مِنْ حَيْثُ الْمَوْضُوعُ) :
10 -
الإِْمَارَةُ الْخَاصَّةُ هِيَ مَا كَانَ الأَْمِيرُ مَقْصُورَ النَّظَرِ فِيهَا عَلَى أَمْرٍ خَاصٍّ، كَقِيَادَةِ الْجَيْشِ، فَيَقْتَصِرُ نَظَرُهُ فِيمَا حُدِّدَ لَهُ، فِي عَقْدِ التَّقْلِيدِ، فَلَا يَتَعَرَّضُ لِغَيْرِهَا، كَالْقَضَاءِ، وَجِبَايَةِ الْخَرَاجِ، وَقَبْضِ الصَّدَقَاتِ، وَإِمَارَةِ الْجِهَادِ، وَ
إِمَارَةِ الْحَجِّ
، وَإِمَارَةِ السَّفَرِ. (3)
إِمَارَةُ الْحَجِّ:
11 -
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلإِْمَامِ - إِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِنَفْسِهِ - أَنْ يَنْصِبَ لِلْحَجِيجِ أَمِيرًا يَخْرُجُ بِهِمْ، وَيَرْعَى مَصَالِحَهُمْ فِي حِلِّهِمْ وَتَرْحَالِهِمْ، وَيَخْطُبُ فِيهِمْ فِي الأَْمَاكِنِ الَّتِي شُرِعَتْ فِيهَا الْخُطْبَةُ، يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا مَنَاسِكَ الْحَجِّ وَأَعْمَالَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ. (4)
وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ تَنْصِيبَ أَمِيرٍ لإِِقَامَةِ الْحَجِّ وَاجِبٌ عَلَى الإِْمَامِ، إِنْ لَمْ يَخْرُجْ
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 34
(2)
الدر المختار 1 / 369
(3)
الأحكام السلطانية للماوردي ص 26
(4)
حاشية ابن عابدين 2 / 172، وفتح القدير 2 / 367 - 368، وأسنى المطالب 1 / 585، ونهاية المحتاج 3 / 294 - 295