الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَصِحُّ مَعَهُ الإِْمَامَةُ فِي عَقْدٍ وَلَا اسْتِدَامَةٍ، لِعَجْزِهِ عَمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ حُقُوقِ الأُْمَّةِ فِي عَمَلٍ أَوْ نَهْضَةٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الإِْمَامَةِ: وَاخْتُلِفَ فِي مَنْعِهِ مِنِ اسْتِدَامَتِهَا، وَهُوَ مَا ذَهَبَ بِهِ بَعْضُ الْعَمَل، أَوْ فَقَدَ بِهِ بَعْضَ النُّهُوضِ كَذَهَابِ إِحْدَى الْيَدَيْنِ أَوْ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ، فَلَا يَصِحُّ مَعَهُ عَقْدُ الإِْمَامَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ كَمَال التَّصَرُّفِ، فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَ عَقْدِ الإِْمَامَةِ فَفِي خُرُوجِهِ مِنْهَا مَذْهَبَانِ لِلْفُقَهَاءِ:
أَحَدُهُمَا: يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الإِْمَامَةِ، لأَِنَّهُ عَجْزٌ يَمْنَعُ مِنِ ابْتِدَائِهَا فَمَنَعَ مِنِ اسْتِدَامَتِهَا.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الإِْمَامَةِ وَإِنْ مَنَعَ مِنْ عَقْدِهَا، لأَِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي عَقْدِهَا كَمَال السَّلَامَةِ، وَفِي الْخُرُوجِ مِنْهَا كَمَال النَّقْصِ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا لَا يَمْنَعُ مِنِ اسْتِدَامَةِ الإِْمَامَةِ. وَاخْتُلِفَ فِي مَنْعِهِ مِنِ ابْتِدَاءِ عَقْدِهَا، وَهُوَ مَا يَشِينُ وَيُقَبِّحُ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي عَمَلٍ وَلَا فِي نَهْضَةٍ، كَجَدْعِ الأَْنْفِ وَسَمْل إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ، فَلَا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الإِْمَامَةِ بَعْدَ عَقْدِهَا، لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهَا، وَفِي مَنْعِهِ مِنِ ابْتِدَاءِ عَقْدِهَا مَذْهَبَانِ لِلْفُقَهَاءِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهَا لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فِي حُقُوقِهَا.
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الإِْمَامَةِ، وَتَكُونُ السَّلَامَةُ مِنْهُ شَرْطًا مُعْتَبَرًا فِي عَقْدِهَا لِيَسْلَمَ وُلَاةُ الْمِلَّةِ مِنْ شَيْنٍ يُعَابُ وَنَقْصٍ يُزْدَرَى، فَتَقِل بِهِ الْهَيْبَةُ، وَفِي قِلَّتِهَا نُفُورٌ عَنِ الطَّاعَةِ، وَمَا أَدَّى إِلَى هَذَا فَهُوَ نَقْصٌ فِي حُقُوقِ الأُْمَّةِ.
وَأَمَّا نَقْصُ التَّصَرُّفِ فَضَرْبَانِ: حَجْرٌ، وَقَهْرٌ.
فَأَمَّا الْحَجْرُ: فَهُوَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ مِنْ أَعْوَانِهِ مَنْ يَسْتَبِدُّ بِتَنْفِيذِ الأُْمُورِ مِنْ غَيْرِ تَظَاهُرٍ بِمَعْصِيَةٍ وَلَا مُجَاهَرَةٍ بِمَشَاقَّةٍ، فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ إِمَامَتِهِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ.
وَأَمَّا الْقَهْرُ فَهُوَ أَنْ يَصِيرَ مَأْسُورًا فِي يَدِ عَدُوٍّ قَاهِرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهُ، فَيَمْنَعُ ذَلِكَ عَنْ عَقْدِ الإِْمَامَةِ لَهُ، لِعَجْزِهِ عَنِ النَّظَرِ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَدُوُّ مُشْرِكًا أَوْ مُسْلِمًا بَاغِيًا، وَلِلأُْمَّةِ اخْتِيَارُ مَنْ عَدَاهُ مِنْ ذَوِي الْقُدْرَةِ. وَإِنْ أُسِرَ بَعْدَ أَنْ عُقِدَتْ لَهُ الإِْمَامَةُ فَعَلَى كَافَّةِ الأُْمَّةِ اسْتِنْقَاذُهُ، لِمَا أَوْجَبْتُهُ الإِْمَامَةُ مِنْ نُصْرَتِهِ، وَهُوَ عَلَى إِمَامَتِهِ مَا كَانَ مَرْجُوَّ الْخَلَاصِ مَأْمُول الْفِكَاكِ إِمَّا بقِتَالٍ أَوْ فِدَاءٍ، فَإِنْ وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْهُ، لَمْ يَخْل حَال مَنْ أَسَرَهُ مِنْ أَنْ يَكُونُوا مُشْرِكِينَ أَوْ بُغَاةَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ فِي أَسْرِ الْمُشْرِكِينَ خَرَجَ مِنَ الإِْمَامَةِ لِلْيَأْسِ مِنْ خَلَاصِهِ، وَاسْتَأْنَفَ أَهْل الاِخْتِيَارِ بَيْعَةَ غَيْرِهِ عَلَى الإِْمَامَةِ، وَإِنْ خَلَصَ قَبْل الإِْيَاسِ فَهُوَ عَلَى إِمَامَتِهِ. وَإِنْ كَانَ مَأْسُورًا مَعَ بُغَاةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ مَرْجُوَّ الْخَلَاصِ فَهُوَ عَلَى إِمَامَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ خَلَاصُهُ، فَالإِْمَامُ الْمَأْسُورُ فِي أَيْدِيهِمْ خَارِجٌ مِنَ الإِْمَامَةِ بِالإِْيَاسِ مِنْ خَلَاصِهِ، وَعَلَى أَهْل الاِخْتِيَارِ فِي دَارِ الْعَدْل أَنْ يَعْقِدُوا الإِْمَامَةَ لِمَنِ ارْتَضَوْا لَهَا، فَإِنْ خَلَصَ الْمَأْسُورُ لَمْ يَعُدْ إِلَى الإِْمَامَةِ لِخُرُوجِهِ مِنْهَا. (1)
وَاجِبَاتُ الإِْمَامِ:
24 -
مِنْ تَعْرِيفِ الْفُقَهَاءِ لِلإِْمَامَةِ الْكُبْرَى بِأَنَّهَا
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 17 - 20، وحاشية ابن عابدين 3 / 310، ومغني المحتاج 4 / 132، وحاشية الدسوقي 4 / 299، ومطالب أولي النهى 6 / 265، والإنصاف 10 / 310