الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَادٍ} أَيْ سَدَّ الْجَوْعَةَ فَأَكَل {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (1) . قَال الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَوْفُ حُصُول الشَّيْنِ الْفَاحِشِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ، كَخَوْفِ طُول الْمَرَضِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ. وَاكْتَفَى بِالظَّنِّ، كَمَا فِي الإِْكْرَاهِ عَلَى أَكْل ذَلِكَ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّيَقُّنُ وَلَا الإِْشْرَافُ عَلَى الْمَوْتِ (2) . وَلِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُل مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ أَيْ مَا يَحْفَظُ الْحَيَاةَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. قَال الْمَوَّاقُ: وَنَصُّ الْمُوَطَّأِ: وَمِنْ أَحْسَنِ مَا سَمِعْتُهُ فِي الرَّجُل يُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ أَنَّهُ يَأْكُل مِنْهَا حَتَّى يَشْبَعَ وَيَتَزَوَّدَ مِنْهَا، فَإِنْ وَجَدَ عَنْهَا غِنًى طَرَحَهَا (3) .
وَيَحْرُمُ الأَْكْل مِنَ الْمَيْتَةِ عَلَى الْمُضْطَرِّ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالآْبِقِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (4) قَال مُجَاهِدٌ: غَيْرَ بَاغٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَادٍ عَلَيْهِمْ. وَقَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِذَا خَرَجَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ فَلَا رُخْصَةَ لَهُ (5) ، فَإِنْ تَابَ وَأَقْلَعَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ حَل لَهُ الأَْكْل (6) . وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ تَحْتَ عِنْوَانِ (اضْطِرَار) .
وَإِنِ اضْطُرَّ فَلَمْ يَجِدْ مَيْتَةً، وَمَعَ رَجُلٍ شَيْءٌ كَانَ لَهُ أَنْ يُكَابِرَهُ، وَعَلَى الرَّجُل أَنْ يُعْطِيَهُ، وَإِذَا كَابَرَهُ أَعْطَاهُ ثَمَنَهُ وَافِيًا، فَإِنْ كَانَ إِذَا أَخَذَ شَيْئًا خَافَ
(1) سورة البقرة / 173.
(2)
أسنى المطالب 1 / 570.
(3)
ابن عابدين 3 / 57، والمواق 3 / 233، وقليوبي 4 / 262، والمغني 11 / 73.
(4)
سورة البقرة / 173.
(5)
المغني لابن قدامة 11 / 75، 76.
(6)
أسنى المطالب 1 / 572.
مَالِكُ الْمَال عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُكَابَرَتُهُ (1) .
قَال الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِذَا أَكَل مَال مُسْلِمٍ اقْتَصَرَ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ، إِلَاّ أَنْ يَعْلَمَ طُول الطَّرِيقِ فَلْيَتَزَوَّدْ، لأَِنَّ مُوَاسَاتَهُ تَجِبُ إِذَا جَاعَ.
ب -
الأَْكْل مِنْ بُسْتَانِ الْغَيْرِ وَزَرْعِهِ دُونَ إِذْنِهِ:
27 -
قَال صَاحِبُ الْمُغْنِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ: مَنْ مَرَّ بِبُسْتَانِ غَيْرِهِ يُبَاحُ لَهُ الأَْكْل مِنْهُ، مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُضْطَرًّا إِلَى الأَْكْل أَوْ لَا، وَمَحَل ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبُسْتَانِ حَائِطٌ، أَيْ جِدَارٌ يَمْنَعُ الدُّخُول إِلَيْهِ لِحِرْزِهِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الإِْشْعَارِ بِعَدَمِ الرِّضَا.
وَدَلِيل ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ حَائِطًا، فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُل، فَلْيُنَادِ: يَا صَاحِبَ الْحَائِطِ، ثَلَاثًا، فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَاّ فَلْيَأْكُل، وَإِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ بِإِبِلٍ فَأَرَادَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ أَلْبَانِهَا، فَلْيُنَادِ: يَا صَاحِبَ الإِْبِل أَوْ يَا رَاعِيَ الإِْبِل، فَإِنْ أَجَابَهُ، وَإِلَاّ فَلْيَشْرَبْ (2) .
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَال: يَأْكُل مِمَّا تَحْتَ الشَّجَرِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَ الشَّجَرِ فَلَا يَأْكُل ثِمَارَ النَّاسِ وَهُوَ غَنِيٌّ، وَلَا يَأْكُل بِضَرْبٍ بِحَجَرٍ، وَلَا يَرْمِي، لأَِنَّ هَذَا يُفْسِدُ.
(1) الأم 2 / 25.
(2)
حديث: " إذا أتى أحدكم حائطا. . . " أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده. من حديث أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعا. وعزاه الشوكاني فضلا عما سبق إلى أبي يعلى بهذا اللفظ وابن ماجه وابن حبان والحاكم والمقدسي وصححه الألباني. (مسند أحمد بن حنبل 3 / 7، 8 ط الميمنية وسنن ابن ماجه. 2 / 771، ط عيسى الحلبي، وفتح الباري 5 / 89 ط السلفية، والجامع الصغير بتحقيق الألباني1 / 135، 136، ونيل الأوطار 8 / 154 ط المطبعة العثمانية المصرية) .