الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالتَّصَرُّفِ إِذَا أَنْكَرَهُ الْمُوَكِّل لَا يَنْفُذُ، (1) كَمَا صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ إِقْرَارَ الْوَكِيل يَلْزَمُ الْمُوَكِّل إِنْ كَانَ مُفَوَّضًا أَوْ جَعَل لَهُ الإِْقْرَارَ. (2) وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ التَّوْكِيل فِي الإِْقْرَارِ لَا يَجُوزُ. نَعَمْ يَكُونُ بِالتَّوْكِيل بِالإِْقْرَارِ مُقِرًّا لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ. (3) وَبِالنِّسْبَةِ لإِِقْرَارِ الْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَل إِقْرَارُهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إِلَاّ إِذَا كَانَ قَدْ فَوَّضَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، لأَِنَّ الإِْقْرَارَ مَعْنًى يَقْطَعُ الْخُصُومَةَ وَيُنَافِيهَا فَلَا يَمْلِكُهُ الْوَكِيل، وَلأَِنَّ الإِْذْنَ فِي الْخُصُومَةِ لَا يَقْتَضِي الإِْقْرَارَ، فَإِنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لَمْ يَلْزَمِ الْمُوَكِّل مَا أَقَرَّ بِهِ، وَيَكُونُ الْوَكِيل كَشَاهِدٍ. وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يُقْبَل إِقْرَارُهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فِيمَا عَدَا الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ: يُقْبَل إِقْرَارُهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ، لأَِنَّ الإِْقْرَارَ أَحَدُ جَوَابَيِ الدَّعْوَى، فَصَحَّ مِنَ الْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ كَمَا يَصِحُّ مِنْهُ الإِْنْكَارُ، (4) لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُوَكِّل إِذَا نَصَّ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ عَلَى أَنَّ الْوَكِيل لَيْسَ لَهُ الإِْقْرَارُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الإِْقْرَارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَلَوْ أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ، وَخَرَجَ بِهِ عَنِ الْوَكَالَةِ، كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّ التَّوْكِيل بِالإِْقْرَارِ يَصِحُّ، وَلَا يَصِيرُ الْمُوَكِّل بِمُجَرَّدِ التَّوْكِيل مُقِرًّا خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الطَّوَاوِيسِيِّ: مَعْنَاهُ أَنْ يُوَكَّل بِالْخُصُومَةِ وَيَقُول:
(1) شرح روض الطالب من أسنى المطالب 2 / 288.
(2)
الصاوي على الشرح الصغير 4 / 525.
(3)
نهاية المحتاج5 / 25.
(4)
ابن عابدين 4 / 413، وحاشية الدسوقي 3 / 379، والمغني 5 / 99 - 100، ونهاية المحتاج 5 / 24.
خَاصِمْ، فَإِذَا رَأَيْتَ لُحُوقَ مَئُونَةٍ أَوْ خَوْفَ عَارٍ عَلَيَّ فَأَقِرَّ بِالْمُدَّعَى يَصِحُّ إِقْرَارُهُ عَلَى الْمُوَكِّل كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَيَظْهَرُ مِنْهُ وَجْهُ عَدَمِ كَوْنِهِ إِقْرَارًا أَيْ بِمُجَرَّدِ الْوَكِيل. (1)
أَثَرُ الشُّبْهَةِ فِي الإِْقْرَارِ:
54 -
الشُّبْهَةُ لُغَةً: الاِلْتِبَاسُ، وَشَبَّهَ عَلَيْهِ الأَْمْرَ: خَلَّطَ حَتَّى اشْتَبَهَ لِغَيْرِهِ (2) وَعَرَّفَهَا الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهَا: مَا يُشْبِهُ الثَّابِتَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ (3) فَهِيَ بِهَذَا تُؤَثِّرُ عَلَى الإِْثْبَاتِ وَمِنْهُ الإِْقْرَارُ. فَلَوِ احْتَمَل الإِْقْرَارُ اللَّبْسَ أَوِ التَّأْوِيل أَوْ شَابَهُ شَيْءٌ مِنَ الْغُمُوضِ وَالْخَفَاءِ اعْتُبِرَ ذَلِكَ شُبْهَةً، وَالشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقًّا لِلْعِبَادِ. وَحُقُوقُ الْعِبَادِ تَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ، بِخِلَافِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ مِنْهَا مَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَمِنْهَا مَا لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ. عَلَى تَفْصِيلٍ يُبَيَّنُ فِي مَوْضِعِهِ، (4) وَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (حَقّ، وَشُبْهَة) .
55 -
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى عَدَمِ الاِعْتِدَادِ بِإِقْرَارِ الأَْخْرَسِ بِالإِْشَارَةِ غَيْرِ الْمُفْهِمَةِ، لِمَا فِيهَا مِنَ الشُّبْهَةِ.
يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: وَأَمَّا الأَْخْرَسُ فَإِنْ لَمْ تُفْهَمْ إِشَارَتُهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ إِقْرَارٌ. وَإِنْ فُهِمَتْ إِشَارَتُهُ، فَقَال الْقَاضِي: عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ وَابْنِ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ. لأَِنَّ مَنْ
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 4 / 413، المغني 5 / 99 - 100، ونهاية المحتاج وحاشيته 5 / 25.
(2)
لسان العرب، والمصباح مادة (شبه) .
(3)
البدائع 7 / 36.
(4)
المهذب 2 / 344، وانظر مختلف كتب الفقه في باب الحدود.