الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَرْأَةِ وَنَوَتْ هِيَ الاِقْتِدَاءَ بِهِ لَمْ تَضُرَّهُ، فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا، لأَِنَّ الاِشْتِرَاكَ لَا يَثْبُتُ دُونَ النِّيَّةِ. (1)
وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الإِْمَامِ الإِْمَامَةَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، إِلَاّ فِي الْجُمُعَةِ وَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ وَالْمَنْذُورَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ عِنْدَهُمْ لِلإِْمَامِ أَنْ يَنْوِيَ الإِْمَامَةَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْمُوجِبِ لَهَا، وَلِيَحُوزَ فَضِيلَةَ الإِْمَامَةِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. (2)
الأَْحَقُّ بِالإِْمَامَةِ:
14 -
وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ الأَْحَادِيثُ التَّالِيَةُ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالإِْمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُل الرَّجُل فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَاّ بِإِذْنِهِ. (3)
15 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ وَكَانَ فِيهِمْ ذُو سُلْطَانٍ، كَأَمِيرٍ وَوَالٍ وَقَاضٍ فَهُوَ أَوْلَى بِالإِْمَامَةِ مِنَ الْجَمِيعِ حَتَّى مِنْ صَاحِبِ الْمَنْزِل وَإِمَامِ الْحَيِّ، وَهَذَا إِذَا كَانَ مُسْتَجْمِعًا لِشُرُوطِ صِحَّةِ
(1) مراقي الفلاح ص 158، وفتح القدير 1 / 314
(2)
بلغة السالك 1 / 451، ونهاية المحتاج 2 / 204، 205
(3)
حديث: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله " أخرجه مسلم (1 / 465 - ط الحلبي)
الصَّلَاةِ كَحِفْظِ مِقْدَارِ الْفَرْضِ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ بِأَرْكَانِ الصَّلَاةِ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْقَوْمِ مَنْ هُوَ أَفْقَهُ أَوْ أَقْرَأُ مِنْهُ، لأَِنَّ وِلَايَتَهُ عَامَّةٌ، وَلأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ ذُو سُلْطَانٍ يُقَدَّمُ صَاحِبُ الْمَنْزِل، وَيُقَدَّمُ إِمَامُ الْحَيِّ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ أَوْ أَقْرَأَ أَوْ أَوْرَعَ مِنْهُ، إِنْ شَاءَ تَقَدَّمَ وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَ مَنْ يُرِيدُهُ. لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الْمَنْزِل أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ هُوَ أَفْضَل مِنْهُ.
وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ بِنَاءَ أَمْرِ الإِْمَامَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ وَالْكَمَال، وَمَنِ اسْتَجْمَعَ خِصَال الْعِلْمِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْوَرَعِ وَكِبَرِ السِّنِّ وَغَيْرِهَا مِنَ الْفَضَائِل كَانَ أَوْلَى بِالإِْمَامَةِ.
وَلَا خِلَافَ فِي تَقْدِيمِ الأَْعْلَمِ وَالأَْقْرَأِ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْقَوْمِ مَنْ هُوَ أَفْضَل مِنْهُ فِي الْوَرَعِ وَالسِّنِّ وَسَائِرِ الأَْوْصَافِ. (1)
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ)(2) عَلَى أَنَّ الأَْعْلَمَ بِأَحْكَامِ الْفِقْهِ أَوْلَى بِالإِْمَامَةِ مِنَ الأَْقْرَأِ، لِحَدِيثِ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَل بِالنَّاسِ وَكَانَ ثَمَّةَ مَنْ هُوَ أَقْرَأُ مِنْهُ، لَا أَعْلَمُ مِنْهُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ (3)، وَلِقَوْل أَبِي سَعِيدٍ:
(1) مراقي الفلاح ص 163، وفتح القدير 1 / 301 - 304، ونهاية المحتاج 2 / 175 - 179، وجواهر الإكليل 1 / 83، وكشاف القناع 1 / 473، وبدائع الصنائع 1 / 157، والمغني لابن قدامة 2 / 206
(2)
فتح القدير 1 / 303، ونهاية المحتاج 2 / 175، وجواهر الإكليل 1 / 83
(3)
حديث: " أقرؤكم أبي "، أخرجه الترمذي (5 / 664 - ط الحلبي) وهو حديث صحيح. الإصابة لابن حجر (3 / 427 - ط مطبعة السعادة)
كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، وَهَذَا آخِرُ الأَْمْرَيْنِ مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونُ الْمُعَوَّل عَلَيْهِ. (1) وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْفِقْهِ أَهَمُّ مِنْهَا إِلَى الْقِرَاءَةِ، لأَِنَّ الْقِرَاءَةَ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا لإِِقَامَةِ رُكْنٍ وَاحِدٍ، وَالْفِقْهُ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِجَمِيعِ الأَْرْكَانِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ. (2)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ أَقْرَأَ النَّاسِ أَوْلَى بِالإِْمَامَةِ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَمُهُمْ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةٌ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالإِْمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ (3) وَلأَِنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْحَاجَةُ إِلَى الْعِلْمِ إِذَا عَرَضَ عَارِضٌ مُفْسِدٌ لِيُمْكِنَهُ إِصْلَاحُ صَلَاتِهِ، وَقَدْ يَعْرِضُ وَقَدْ لَا يَعْرِضُ. (4)
16 -
أَمَّا إِذَا تَفَرَّقَتْ خِصَال الْفَضِيلَةِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْوَرَعِ وَكِبَرِ السِّنِّ وَغَيْرِهَا فِي أَشْخَاصٍ فَقَدِ اخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ. فَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّمَ الأَْعْلَمَ عَلَى الأَْقْرَأِ، وَقَالُوا: إِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِتَقْدِيمِ الْقَارِئِ، لأَِنَّ أَصْحَابَهُ كَانَ أَقْرَؤُهُمْ أَعْلَمَهُمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ تَعَلَّمُوا مَعَهُ أَحْكَامَهُ، وَهَذَا قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَالأَْصْل فِي أَوْلَوِيَّةِ الإِْمَامَةِ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ الأَْنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَال: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ
(1) فتح القدير 1 / 303
(2)
الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 163، والبدائع 1 / 157، ونهاية المحتاج2 / 175
(3)
كشاف القناع 1 / 471، وفتح القدير 1 / 301. والحديث رواه أحمد ومسلم والنسائي
(4)
كشاف القناع 1 / 471، وفتح القدير 1 / 301
كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا. (1)
17 -
وَفِي تَرْتِيبِ الأَْوْلَوِيَّةِ فِي الإِْمَامَةِ بَعْدَ الاِسْتِوَاءِ فِي الْعِلْمِ وَالْقِرَاءَةِ، قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: يُقَدَّمُ أَوْرَعُهُمْ أَيِ الأَْكْثَرُ اتِّقَاءً لِلشُّبُهَاتِ، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: مَنْ صَلَّى خَلْفَ عَالِمٍ تَقِيٍّ فَكَأَنَّمَا صَلَّى خَلْفَ نَبِيٍّ (2) وَلأَِنَّ الْهِجْرَةَ الْمَذْكُورَةَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ بِالسُّنَّةِ نُسِخَ وُجُوبُهَا بِحَدِيثِ: لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ (3) فَجَعَلُوا الْوَرَعَ - وَهُوَ هَجْرُ الْمَعَاصِي - مَكَانَ تِلْكَ الْهِجْرَةِ. (4)
وَمِثْلُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ حَيْثُ قَالُوا: الأَْوْلَوِيَّةُ بَعْدَ الأَْعْلَمِ وَالأَْقْرَأِ لِلأَْكْثَرِ عِبَادَةً. (5) ثُمَّ إِنِ اسْتَوَوْا فِي الْوَرَعِ يُقَدَّمُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الأَْقْدَمُ إِسْلَامًا، فَيُقَدَّمُ شَابٌّ نَشَأَ فِي الإِْسْلَامِ عَلَى شَيْخٍ أَسْلَمَ حَدِيثًا. أَمَّا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ مِنَ الأَْصْل، أَوْ أَسْلَمُوا مَعًا فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الأَْكْبَرُ سِنًّا، لِقَوْلِهِ عليه السلام: وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا سِنًّا (6) . وَلأَِنَّ الأَْكْبَرَ فِي السِّنِّ يَكُونُ أَخْشَعَ قَلْبًا عَادَةً، وَفِي تَقْدِيمِهِ كَثْرَةُ الْجَمَاعَةِ. (7)
(1) حديث أبي مسعود تقدم ف / 14
(2)
حديث: " من صلى خلف عالم. . . . " أورده الزيلعي في نصب الراية (2 / 26 - ط المجلس العلمي - الهند) وقال: غريب
(3)
حديث: " لا هجرة بعد الفتح. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 3 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1488 - ط الحلبي)
(4)
فتح القدير 1 / 303، وابن عابدين 1 / 374، ونهاية المحتاج 2 / 176
(5)
جواهر الإكليل 1 / 83
(6)
حديث: " وليؤمكما أكبركما سنا " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 111 - ط السلفية)
(7)
ابن عابدين 1 / 374، ونهاية المحتاج 1 / 178، وجواهر الإكليل 1 / 83