الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكَلْبِ هُوَ أَنَّهُ إِذَا أُرْسِل اتَّبَعَ الصَّيْدَ. وَإِذَا أَخَذَهُ أَمْسَكَهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَا يَأْكُل مِنْهُ شَيْئًا، حَتَّى لَوْ أَخَذَ صَيْدًا فَأَكَل مِنْهُ لَا يُؤْكَل عِنْدَ الْجُمْهُورِ، بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (1) إِشَارَةً إِلَى أَنَّ حَدَّ تَعْلِيمِ الْكَلْبِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ هُوَ الإِْمْسَاكُ عَلَى صَاحِبِهِ وَتَرْكُ الأَْكْل مِنْهُ، وَالْكَلْبُ الَّذِي يَأْكُل إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَكَانَ فِعْلُهُ مُضَافًا إِلَيْهِ لَا إِلَى الْمُرْسِل فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ. وَاسْتُدِل لِذَلِكَ بِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لَهُ: فَإِنْ أَكَل فَلَا تَأْكُل، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ (2) وَقَال مَالِكٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّ الإِْمْسَاكَ لَيْسَ شَرْطًا فِي تَعْلِيمِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُرْسَل إِلَى الصَّيْدِ. فَالْحَيَوَانُ الْمُعَلَّمُ هُوَ الَّذِي إِذَا أُرْسِل أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ، لأَِنَّ التَّعْلِيمَ إِنَّمَا شُرِطَ حَالَةَ الاِصْطِيَادِ وَهِيَ حَالَةُ الاِتِّبَاعِ. أَمَّا الإِْمْسَاكُ عَلَى صَاحِبِهِ وَتَرْكُ الأَْكْل فَيَكُونَانِ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنِ الاِصْطِيَادِ فَلَا يُشْتَرَطَانِ. (3)
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (صَيْد) .
(1) سورة المائدة / 4
(2)
البدائع 5 / 52، والقليوبي 4 / 244، ونهاية المحتاج 8 / 114، والمغني 11 / 806. وحديث:" فإن أكل فلا تأكل. . . . ". أخرجه البخاري ومسلم من حديث عدي بن حاتم مرفوعا بلفظ " إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك وإن قتلن، إلا أن يأكل الكلب، فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه. . . . "(فتح الباري 9 / 609 ط السلفية، وصحيح مسلم 3 / 1529 ط عيسى الحلبي)
(3)
ابن عابدين 5 / 300، والشرح الصغير 2 / 162، ونهاية المحتاج 8 / 114، والمغني 11 / 6 - 8
ثَانِيًا: الإِْمْسَاكُ فِي الصِّيَامِ:
5 -
الإِْمْسَاكُ عَنِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ هُوَ مَعْنَى الصِّيَامِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. وَهُنَاكَ إِمْسَاكٌ لَا يُعَدُّ صَوْمًا، لَكِنَّهُ وَاجِبٌ فِي أَحْوَالٍ، مِنْهَا: مَا إِذَا أَفْطَرَ لاِعْتِقَادِهِ أَنَّ الْيَوْمَ مِنْ شَعْبَانَ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، لَزِمَهُ الإِْمْسَاكُ عَنْ جَمِيعِ الْمُفْطِرَاتِ لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ (1) ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَسِبُ إِمْسَاكَهُ هَذَا صَوْمًا.
كَذَلِكَ يَلْزَمُ إِمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ لِكُل مَنْ أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَالصَّوْمُ لَازِمٌ لَهُ، كَالْمُفْطِرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَالْمُفْطِرُ يَظُنُّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَقَدْ كَانَ طَلَعَ، أَوْ ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ وَلَمْ تَغِبْ، مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ.
6 -
أَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ وَزَال عُذْرُهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ كَمَا لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ، أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ، أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ أَقَامَ الْمُسَافِرُ، أَوْ طَهُرَتِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، فَالْمَالِكِيَّةُ وَكَذَا الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الإِْمْسَاكِ عَلَيْهِمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ.
وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِاسْتِحْبَابِ إِمْسَاكِهِمْ لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ (2)
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلِهِمُ الثَّانِي وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ فَقَدْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ الإِْمْسَاكِ عَلَيْهِمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ، كَمَا إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَال رَمَضَانَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ. (3)
(1) ابن عابدين 2 / 106، وجواهر الإكليل 1 / 145، 146، والمغني 3 / 71، ونهاية المحتاج 3 / 83
(2)
نفس المراجع
(3)
ابن عابدين 2 / 106، والشرح الصغير 1 / 685، ونهاية المحتاج 3 / 184، والمغني 3 / 71