الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِرُّ الْوَالِدَيْنِ:
2 -
وَمِنَ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، وَيَجِبُ طَاعَتُهُمَا فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَلْيُصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا، وَلَا يُطِعْهُمَا فِي كُفْرٍ وَلَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، قَال سبحانه وتعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (1) وَقَال تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (2)
وَهِيَ أَوْلَى مِنَ الأَْبِ بِالْبِرِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الإِْنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} (3) وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَال: أُمُّكَ. قَال: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: أُمُّكَ. قَال: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: أُمُّكَ. قَال: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: أَبُوكَ (4) وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْعَمَل أَفْضَل؟ قَال: الصَّلَاةُ لأَِوَّل وَقْتِهَا، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ (5)
تَحْرِيمُ الأُْمِّ:
3 -
أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الأُْمِّ النَّسَبِيَّةِ وَإِنْ عَلَتْ عَلَى ابْنِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} (6)
(1) سورة الإسراء / 23
(2)
سورة لقمان / 15
(3)
سورة لقمان / 14
(4)
حديث: " أنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي. . . ". أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (فتح الباري 10 / 401 ط السلفية)
(5)
حديث ابن مسعود أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 9 ط السلفية)
(6)
سورة النساء / 23
وَمِثْلُهَا الأُْمُّ مِنَ الرَّضَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ} (1) .
النَّظَرُ إِلَى الأُْمِّ، وَالْمُسَافَرَةُ بِهَا:
4 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الأُْمِّ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي مَحَل جَوَازِ النَّظَرِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ النَّظَرِ مِنَ الأُْمِّ إِلَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَالصَّدْرِ وَالسَّاقِ وَالْعَضُدَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْوَجْهِ وَالأَْطْرَافِ، فَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الصَّدْرِ وَالظَّهْرِ وَالثَّدْيِ وَالسَّاقِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَذَّ بِهِ.
وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ كَالْمَالِكِيَّةِ إِلَاّ أَنَّهُمْ أَجَازُوا النَّظَرَ إِلَى السَّاقِ مِنَ الْمَحْرَمِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ مِنَ الْمَحْرَمِ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَيَحِل مَا عَدَاهُ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ هَذَا التَّحْدِيدَ فِي النَّظَرِ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ، فَإِنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ حَرُمَ.
وَيَجُوزُ لِلأُْمِّ أَنْ تُسَافِرَ مَعَ وَلَدِهَا لأَِنَّهُ مِنْ أَقْوَى الْمَحَارِمِ لَهَا، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ (2) .
(1) سورة النساء / 23، وانظر المغني 6 / 567، وبداية المجتهد 2 / 32 ط مصطفى الحلبي، ومغني المحتاج 3 / 174
(2)
ابن عابدين 5 / 235، والهداية 1 / 43 - 44، والدسوقي 1 / 214، ومغني المحتاج 3 / 129، ونهاية المحتاج 6 / 184، والمغني 6 / 554 - 556، والإنصاف 8 / 19 - 20 وحديث:" لا يحل لامرأة. . . . " أخرجه البخاري - واللفظ له - ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (فتح الباري 2 / 566 ط السلفية، وصحيح مسلم 2 / 977 ط عيسى الحلبي)