الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاِنْتِفَاعَ مِنَ الأَْطْعِمَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، بَل هُوَ مُبَاحٌ فَقَطْ؛ لأَِنَّ إِبَاحَةَ الأَْكْل فِي حَالَةِ الاِضْطِرَارِ رُخْصَةٌ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الرُّخَصِ. (1)
15 -
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْمَال مُضْطَرًّا إِلَيْهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ، لأَِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ إِحْيَاءُ نَفْسِ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ فَلَزِمَهُ بَذْلُهُ لَهُ. فَإِنِ امْتَنَعَ وَاحْتِيجَ إِلَى الْقِتَال، فَلِلْمُضْطَرِّ الْمُقَاتَلَةُ. فَإِنْ قُتِل الْمُضْطَرُّ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَعَلَى قَاتِلِهِ ضَمَانُهُ. وَإِنْ قَتَل صَاحِبَهُ فَهُوَ هَدَرٌ، لأَِنَّهُ ظَالِمٌ بِقِتَالِهِ، إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ جَوَّزُوا الْقِتَال بِغَيْرِ سِلَاحٍ.
وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعِ الْمُضْطَرُّ شِرَاءَ الطَّعَامِ. فَإِنِ اسْتَطَاعَ اشْتَرَاهُ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْل. (2)
ب -
الاِنْتِفَاعُ بِالْخَمْرِ:
16 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِالْخَمْرِ لإِِسَاغَةِ الْغُصَّةِ وَدَفْعِ الْهَلَاكِ فِي حَالَةِ الاِضْطِرَارِ حَتَّى إِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى وُجُوبِ شُرْبِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْخَمْرِ، فَأَسَاغَ اللُّقْمَةَ بِهَا، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، لِوُجُوبِ شُرْبِهَا عَلَيْهِ إِنْقَاذًا لِلنَّفْسِ. وَلأَِنَّ شُرْبَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُتَحَقِّقُ النَّفْعِ، وَلِذَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ. (3)
(1) نهاية المحتاج 8 / 150، وتيسير التحرير 2 / 232، والمغني 11 / 74.
(2)
الفتاوى الهندية 5 / 338، والشرح الصغير 2 / 183، ونهاية المحتاج 8 / 125، وابن عابدين 5 / 256، والقليوبي 4 / 263، والمغني 11 / 80.
(3)
ابن عابدين 5 / 243، والدسوقي 4 / 353، والبجيرمي على الخطيب 4 / 159.
وَأَمَّا شُرْبُ الْخَمْرِ لِلْجُوعِ وَالْعَطَشِ فَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ لِعُمُومِ النَّهْيِ، وَلأَِنَّ شُرْبَهَا لَنْ يَزِيدَهُ إِلَاّ عَطَشًا. (1)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ خَافَ الْهَلَاكَ عَطَشًا وَعِنْدَهُ خَمْرٌ فَلَهُ شُرْبُ قَدْرِ مَا يَدْفَعُ الْعَطَشَ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ. كَذَلِكَ لَوْ شَرِبَ لِلْعَطَشِ الْمُهْلِكِ مِقْدَارَ مَا يَرْوِيهِ فَسَكِرَ لَمْ يُحَدَّ (2)
وَفَرَّقَ الْحَنَابِلَةُ بَيْنَ الْمَمْزُوجَةِ وَغَيْرِ الْمَمْزُوجَةِ فَقَالُوا: إِنْ شَرِبَهَا لِلْعَطَشِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَتْ مَمْزُوجَةً بِمَا يَرْوِي مِنَ الْعَطَشِ أُبِيحَتْ لِدَفْعِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، كَمَا تُبَاحُ الْمَيْتَةُ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ، وَكَمَا يُبَاحُ شُرْبُ الْخَمْرِ لِدَفْعِ الْغُصَّةِ. وَإِنْ شَرِبَهَا صِرْفًا، أَوْ مَمْزُوجَةً بِشَيْءٍ يَسِيرٍ لَا يَرْوِي مِنَ الْعَطَشِ لَمْ يُبَحْ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ (3)
17 -
وَأَمَّا تَعَاطِي الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي فَالْجُمْهُورُ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَتَفْصِيلُهُ فِي (أَشْرِبَة) .
ح -
الاِنْتِفَاعُ بِلَحْمِ الآْدَمِيِّ الْمَيِّتِ:
18 -
ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِلَحْمِ الآْدَمِيِّ الْمَيِّتِ حَالَةَ الاِضْطِرَارِ؛ لأَِنَّ حُرْمَةَ الإِْنْسَانِ الْحَيِّ أَعْلَى مِنْ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ. وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - الاِنْتِفَاعَ بِلَحْمِ الْمَيِّتِ الْمَعْصُومِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَمِثْل الْمَيِّتِ كُل حَيٍّ مُهْدَرِ الدَّمِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ.
(1) حاشية الدسوقي 4 / 353، ونهاية المحتاج 8 / 150.
(2)
ابن عابدين 3 / 162، 5 / 351.
(3)
المغني 10 / 330.