الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ الاِلْتِزَامُ لِلْمَجْهُول، فَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى صِحَّةِ تَنْفِيل الإِْمَامِ فِي الْجِهَادِ بِقَوْلِهِ مُحَرِّضًا لِلْمُجَاهِدِينَ:" مَنْ قَتَل قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ "، وَعِنْدَئِذٍ مَنْ يَقْتُل عَدُوًّا يَسْتَحِقُّ أَسْلَابَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ سَمِعُوا مَقَالَةَ الإِْمَامِ (1) .
وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قَال رَجُلٌ: مَنْ يَتَنَاوَل مِنْ مَالِي فَهُوَ مُبَاحٌ فَتَنَاوَل رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ (2) .
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا بِنَاءُ سِقَايَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ خَانٍ لأَِبْنَاءِ السَّبِيل. (3)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ
رَابِعًا: مَحَل الاِلْتِزَامِ (الْمُلْتَزَمُ بِهِ) :
21 -
الاِلْتِزَامُ هُوَ إِيجَابُ الْفِعْل الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْمُلْتَزِمُ كَالاِلْتِزَامِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، وَتَسْلِيمِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، وَكَالاِلْتِزَامِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوَدِيعَةِ، وَتَمْكِينِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ مِنَ الْهِبَةِ، وَالْمِسْكِينِ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالْقِيَامِ بِالْعَمَل فِي عَقْدِ الاِسْتِصْنَاعِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ، وَفِعْل الْمَنْذُورِ، وَإِسْقَاطِ الْحَقِّ. . . وَكَذَا.
وَهَذِهِ الاِلْتِزَامَاتُ تَرِدُ عَلَى شَيْءٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ، وَهُوَ قَدْ يَكُونُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا، أَوْ مَنْفَعَةً أَوْ عَمَلاً، أَوْ حَقًّا، وَهَذَا مَا يُسَمَّى بِمَحَل الاِلْتِزَامِ أَوْ مَوْضُوعِهِ.
وَلِكُل مَحَلٍّ شُرُوطٌ خَاصَّةٌ حَسَبَ طَبِيعَةِ التَّصَرُّفِ الْمُرْتَبِطِ بِهِ، وَالشُّرُوطُ قَدْ تَخْتَلِفُ مِنْ تَصَرُّفٍ إِلَى
(1) ابن عابدين 3 / 238، والاختيار 4 / 132، وشرح منتهى الإرادات 2 / 107.
(2)
تكملة ابن عابدين 2 / 299.
(3)
الاختيار 3 / 45.
آخَرَ، فَمَا يَجُوزُ الاِلْتِزَامُ بِهِ فِي تَصَرُّفٍ قَدْ لَا يَجُوزُ الاِلْتِزَامُ بِهِ فِي تَصَرُّفٍ آخَرَ.
إِلَاّ أَنَّهُ يُمْكِنُ إِجْمَال الشُّرُوطِ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ مَعَ مُرَاعَاةِ الاِخْتِلَافِ فِي التَّفَاصِيل. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ -
انْتِفَاءُ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ:
22 -
يُشْتَرَطُ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ فِي الْمَحَل الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الاِلْتِزَامُ انْتِفَاءُ الْغَرَرِ، وَالْغَرَرُ يَنْتَفِي عَنِ الشَّيْءِ - كَمَا يَقُول ابْنُ رُشْدٍ - بِأَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْوُجُودِ، مَعْلُومَ الصِّفَةِ، مَعْلُومَ الْقَدْرِ، وَمَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ.
وَانْتِفَاءُ الْغَرَرِ شَرْطٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ فِي الاِلْتِزَامَاتِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ، مَبِيعًا وَثَمَنًا وَمَنْفَعَةً وَعَمَلاً وَأُجْرَةً (1) .
هَذَا مَعَ اسْتِثْنَاءِ بَعْضِهَا بِالنِّسْبَةِ لِوُجُودِ مَحَل الاِلْتِزَامِ وَقْتَ التَّصَرُّفِ كَالسَّلَمِ وَالإِْجَارَةِ وَالاِسْتِصْنَاعِ، فَإِنَّهَا أُجِيزَتِ اسْتِحْسَانًا مَعَ عَدَمِ وُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالْمَنْفَعَةِ وَالْعَمَل، وَذَلِكَ لِلْحَاجَةِ.
وَيُرَاعَى كَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْل بُدُوِّ صَلَاحِهِ.
وَإِذَا كَانَ شَرْطُ انْتِفَاءِ الْغَرَرِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ، فَإِنَّ الأَْمْرَ يَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا مِنْ تَبَرُّعَاتٍ كَالْهِبَةِ بِلَا عِوَضٍ وَالإِْعَارَةِ،
(1) بداية المجتهد 2 / 148، 172، 220، 226، والبدائع 5 / 3، 147، 148، 156، 158، والمهذب 1 / 402 وما بعدها، ونهاية المحتاج 3 / 21، 22 وإعلام الموقعين 2 / 28، والمغني 5 / 434 - 437، وأشباه ابن نجيم 91، 92، والمنثور في القواعد 2 / 400، 401، 403.
وَتَوْثِيقَاتٍ كَالرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ وَغَيْرِهَا.
فَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يُجِيزُ الاِلْتِزَامَ بِالْمَجْهُول وَبِالْمَعْدُومِ وَبِغَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ. وَأَكْثَرُهُمْ تَمَسُّكًا بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ.
23 -
وَمِنَ الْعَسِيرِ فِي هَذَا الْمَقَامِ تَتَبُّعُ كُل التَّصَرُّفَاتِ لِمَعْرِفَةِ مَدَى انْطِبَاقِ شَرْطِ انْتِفَاءِ الْغَرَرِ عَلَى كُل تَصَرُّفٍ.
وَلِذَلِكَ سَنَكْتَفِي بِبَعْضِ نُصُوصِ الْمَذَاهِبِ الَّتِي تُلْقِي ضَوْءًا عَلَى ذَلِكَ، عَلَى أَنْ يُرْجَعَ فِي التَّفْصِيلَاتِ إِلَى مَوَاضِعِهَا:
(1)
فِي الْفُرُوقِ لِلْقَرَافِيِّ: الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ: مَا تُؤَثِّرُ فِيهِ الْجَهَالَاتُ وَالْغَرَرُ، وَقَاعِدَةِ: مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ.
وَرَدَتِ الأَْحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي نَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ بَيْعِ الْمَجْهُول. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ عَمَّمَهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ، فَمَنَعَ مِنَ الْجَهَالَةِ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالإِْبْرَاءِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّل - وَهُوَ مَالِكٌ - بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُجْتَنَبُ فِيهِ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ، وَهُوَ بَابُ الْمُمَاكَسَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمُوجِبَةِ لِتَنْمِيَةِ الأَْمْوَال وَمَا يُقْصَدُ بِهِ تَحْصِيلُهَا، وَقَاعِدَةِ مَا لَا يُجْتَنَبُ فِيهِ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ، وَهُوَ مَا لَا يُقْصَدُ لِذَلِكَ، وَانْقَسَمَتِ التَّصَرُّفَاتُ عِنْدَهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: طَرَفَانِ وَوَاسِطَةٌ.
24 -
فَالطَّرَفَانِ: أَحَدُهُمَا مُعَاوَضَةٌ صِرْفَةٌ، فَيُجْتَنَبُ فِيهَا ذَلِكَ إِلَاّ مَا دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ عَادَةً.
وَثَانِيهِمَا مَا هُوَ إِحْسَانٌ صِرْفٌ لَا يُقْصَدُ بِهِ تَنْمِيَةُ
الْمَال، كَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَالإِْبْرَاءِ، فَإِنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا يُقْصَدُ بِهَا تَنْمِيَةُ الْمَال، بَل إِنْ فَاتَتْ عَلَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ بِهَا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْذُل شَيْئًا بِخِلَافِ الْقِسْمِ الأَْوَّل إِذَا فَاتَ بِالْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ ضَاعَ الْمَال الْمَبْذُول فِي مُقَابَلَتِهِ، فَاقْتَضَتْ حِكْمَةُ الشَّرْعِ مَنْعَ الْجَهَالَاتِ فِيهِ. أَمَّا الإِْحْسَانُ الصِّرْفُ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ، فَاقْتَضَتْ حِكْمَةُ الشَّرْعِ وَحَثُّهُ عَلَى الإِْحْسَانِ التَّوْسِعَةَ فِيهِ بِكُل طَرِيقٍ، بِالْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُول، فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْسَرُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ قَطْعًا، وَفِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ إِلَى تَقْلِيلِهِ، فَإِذَا وَهَبَ لَهُ عَبْدَهُ الآْبِقَ جَازَ أَنْ يَجِدَهُ، فَيَحْصُل لَهُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَجِدْهُ، لأَِنَّهُ لَمْ يَبْذُل شَيْئًا.
وَهَذَا فِقْهٌ جَمِيلٌ. ثُمَّ إِنَّ الأَْحَادِيثَ لَمْ يَرِدْ فِيهَا مَا يَعُمُّ هَذِهِ الأَْقْسَامَ حَتَّى نَقُول: يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ نُصُوصِ الشَّرْعِ، بَل إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ.
25 -
وَأَمَّا الْوَاسِطَةُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ فَهُوَ النِّكَاحُ، فَهُوَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَال فِيهِ لَيْسَ مَقْصُودًا - وَإِنَّمَا مَقْصِدُهُ الْمَوَدَّةُ وَالأُْلْفَةُ وَالسُّكُونُ - يَقْتَضِي أَنْ يَجُوزَ فِيهِ الْجَهَالَةُ وَالْغَرَرُ (1) مُطْلَقًا، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ اشْتَرَطَ فِيهِ الْمَال بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (2) يَقْتَضِي امْتِنَاعَ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ فِيهِ. فَلِوُجُودِ الشَّبَهَيْنِ تَوَسَّطَ مَالِكٌ فَجَوَّزَ فِيهِ الْغَرَرَ الْقَلِيل دُونَ الْكَثِيرِ، نَحْوَ عَبْدٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَشُورَةِ بَيْتٍ (وَهِيَ الْجِهَازُ) ، وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْعَبْدِ الآْبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ، لأَِنَّ الأَْوَّل يَرْجِعُ فِيهِ إِلَى الْوَسَطِ
(1) جواز الغرر والجهالة مقصود بهما الصداق بدليل ما بعده.
(2)
سورة النساء / 24.
الْمُتَعَارَفِ، وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ ضَابِطٌ فَامْتَنَعَ، وَأُلْحِقَ الْخُلْعُ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الأَْوَّلَيْنِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْغَرَرُ مُطْلَقًا، لأَِنَّ الْعِصْمَةَ وَإِطْلَاقَهَا لَيْسَ مِنْ بَابِ مَا يُقْصَدُ لِلْمُعَاوَضَةِ، بَل شَأْنُ الطَّلَاقِ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَهُوَ كَالْهِبَةِ. فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ، وَالْفِقْهُ مَعَ مَالِكٍ رحمه الله. (1)
وَفِي الْفُرُوقِ كَذَلِكَ: اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ قَبْل النِّكَاحِ وَقَبْل الْمِلْكِ، فَيَقُول لِلأَْجْنَبِيَّةِ: إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلِلْعَبْدِ: إِنِ اشْتَرَيْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ إِذَا تَزَوَّجَ وَاشْتَرَى خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَوَافَقْنَا الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ بِالنَّذْرِ قَبْل الْمِلْكِ، فَيَقُول: إِنْ مَلَكْتُ دِينَارًا فَهُوَ صَدَقَةٌ.
وَجَمِيعُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ الْمُسْلِمُ فِي الذِّمَّةِ فِي بَابِ الْمُعَامَلَاتِ.
وَدَلِيل ذَلِكَ.
أَوَّلاً: الْقِيَاسُ عَلَى النَّذْرِ فِي غَيْرِ الْمَمْلُوكِ بِجَامِعِ الاِلْتِزَامِ بِالْمَعْدُومِ.
وَثَانِيًا: قَال اللَّهُ تَعَالَى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (2) وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ عَقْدَانِ عَقَدَهُمَا عَلَى نَفْسِهِ فَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِمَا.
وَثَالِثًا: قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (3) ، وَهَذَانِ شَرْطَانِ فَوَجَبَ الْوُقُوفُ
(1) الفروق للقرافي 1 / 150، 151.
(2)
سورة المائدة / 1.
(3)
حديث: " المسلمون على شروطهم " أخرجه الترمذي (تحفة الأحوذي 4 / 584 نشر السلفية) من طريق كثير بن عبد الله وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأبو داود (4 / 19، 20 ط عزت عبيد دعاس) والحاكم (المستدرك 2 / 49) من طريق كثير بن زيد. قال الذهبي: هذا الحديث لم يصححه الحاكم، وكثير ضعفه النسائي ومشاه غيره. وقد نوقش الترمذي في تصحيح حديثه، فإن في إسناده كثير بن عبد الله وهو ضعيف جدا، قال الشوكاني بعد أن ذكر طرق الحديث المختلفة: ولا يخفى أن الأحاديث المذكورة والطرق يشهد بعضها لبعض فأقل أحوالها أن يكون المتن الذي اجتمعت عليه حسنا (نيل الأوطار 5 / 378، 379 ط دار الجيل) .
مَعَهُمَا (1) .
26 -
(2) فِي الْمَنْثُورِ لِلزَّرْكَشِيِّ: مِنْ حُكْمِ الْعُقُودِ اللَاّزِمَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ فِي الْحَال، وَالْجَائِزُ قَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، كَالْجِعَالَةِ تُعْقَدُ عَلَى رَدِّ الآْبِقِ.
ثُمَّ قَال: حَيْثُ اعْتُبِرَ الْعِوَضُ فِي عَقْدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَعِوَضِ الأُْجْرَةِ، إِلَاّ فِي الصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ، فَإِنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ لَا تُبْطِلُهُ، لأَِنَّ لَهُ مُرَادًا (بَدَلاً) مَعْلُومًا وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْل، وَقَدْ يَكُونُ الْعِوَضُ فِي حُكْمِ الْمَجْهُول، كَالْعِوَضِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ. (2)
(3)
فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي بُطْلَانِ بَيْعِ الْمَعْدُومِ هِيَ الْغَرَرُ قَال: وَكَذَلِكَ سَائِرُ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهَا تَبَرُّعٌ مَحْضٌ، فَلَا غَرَرَ فِي تَعَلُّقِهَا بِالْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ، وَمَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَمَا لَا يُقْدَرُ، وَطَرْدُهُ (مِثَالُهُ) : الْهِبَةُ، إِذْ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ فِيهَا، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هِبَةُ الْمُشَاعِ الْمَجْهُول فِي قَوْلِهِ لِصَاحِبِ كُبَّةِ الشَّعْرِ حِينَ أَخَذَهَا مِنَ الْمَغْنَمِ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَهَبَهَا لَهُ
(1) الفروق 3 / 169.
(2)
المنثور في القواعد للزركشي 2 / 400 - 403، 3 / 138، 139.