الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَاحِبُ اللِّسَانِ: مَعْنَاهُ عَدَّ مُصِيبَتَهُ بِهِ فِي جُمْلَةِ بَلَايَا اللَّهِ الَّتِي يُثَابُ عَلَى الصَّبْرِ عَلَيْهَا.
وَفِي الشَّرِيعَةِ يَتَنَاوَل كُل مَشْرُوعٍ يُؤَدَّى لِلَّهِ تَعَالَى، كَالأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ، إِلَخْ، وَلِهَذَا قِيل: الْقَضَاءُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْحِسْبَةِ.
قَال التَّهَانُوِيُّ: وَاخْتَصَّ فِي الْعُرْفِ بِأُمُورٍ، مِنْهَا: إِرَاقَةُ الْخَمْرِ وَكَسْرُ الْمَعَازِفِ وَإِصْلَاحُ الشَّوَارِعِ، وَالأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ إِذَا ظَهَرَ تَرْكُهُ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ إِذَا ظَهَرَ فِعْلُهُ. (1)
وَالْحِسْبَةُ مِنَ الْوِلَايَاتِ الإِْسْلَامِيَّةِ الَّتِي يُقْصَدُ بِهَا الأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ مِمَّا لَيْسَ مِنِ اخْتِصَاصِ الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ وَأَهْل الدِّيوَانِ وَنَحْوِهِمْ.
وَمِمَّا يُقَارِبُ الأَْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ - النُّصْحُ وَالإِْرْشَادُ، وَقَدْ سَبَقَتِ الْمُقَارَنَةُ بَيْنَهُمَا فِي مُصْطَلَحِ (إِرْشَاد) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 -
اتَّفَقَ الأَْئِمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَحَكَى الإِْمَامُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ الإِْجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِهِ، وَتَطَابَقَتْ آيَاتُ الْكِتَابِ وَأَحَادِيثُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ مِنَ النَّصِيحَةِ الَّتِي هِيَ الدِّينُ. (2)
قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} . (3)
وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ
(1) التهانوي من مادة احتساب 2 / 278 ط خياط بيروت. والحسبة في الإسلام لابن تيمية ص 8، 9
(2)
شرح النووي على مسلم 2 / 22
(3)
سورة آل عمران / 104
بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ. (1)
قَال الإِْمَامُ الْغَزَالِيُّ: الأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ أَصْل الدِّينِ، وَأَسَاسُ رِسَالَةِ الْمُرْسَلِينَ، وَلَوْ طُوِيَ بِسَاطُهُ، وَأُهْمِل عِلْمُهُ وَعَمَلُهُ، لَتَعَطَّلَتِ النُّبُوَّةُ وَاضْمَحَلَّتِ الدِّيَانَةُ، وَعَمَّتِ الْفَوْضَى، وَهَلَكَ الْعِبَادُ. (2)
إِلَاّ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي حُكْمِهِ، هَل هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ، أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ، أَوْ نَافِلَةٌ؟ أَوْ يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ، أَوْ يَكُونُ تَابِعًا لِقَاعِدَةِ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ. عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ:
الْمَذْهَبُ الأَْوَّل: أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ أَهْل السُّنَّةِ، وَبِهِ قَال الضَّحَّاكُ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ وَالطَّبَرِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.
الْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ فِي مَوَاضِعَ:
أ - إِذَا كَانَ الْمُنْكَرُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ إِلَاّ هُوَ، وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إِزَالَتِهِ.
ب - مَنْ يَرَى الْمُنْكَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ، أَوْ يَرَى الإِْخْلَال بِشَيْءٍ مِنَ الْوَاجِبَاتِ.
ج - وَالِي الْحِسْبَةِ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، لاِخْتِصَاصِهِ بِهَذَا الْفَرْضِ. (3)
الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: إِنَّ الأَْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ نَافِلَةٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ.
الْمَذْهَبُ الرَّابِعُ: التَّفْصِيل، وَقَدِ اخْتَلَفُوا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
(1) حديث: " من رأى منكم منكرا. . . " أخرجه مسلم 1 / 69 ط الحلبي
(2)
إحياء علوم الدين 2 / 391
(3)
شرح النووي على مسلم 2 / 23