الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالدُّعَاءِ، مُغَيِّرًا هَيْئَتَهُ أَوْ مُنْحَرِفًا عَنْ مَكَانِهِ. وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً بَعْدَهَا سُنَّةٌ يُكْرَهُ لَهُ الْمُكْثُ قَاعِدًا، وَلَكِنْ يَقُومُ وَيَتَنَحَّى عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ يَتَنَفَّل.
وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ عِنْدَهُمْ أَنَّ السُّنَنَ بَعْدَ الْفَرَائِضِ شُرِعَتْ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ، لِيَقُومَ فِي الآْخِرَةِ مَقَامَ مَا تَرَكَ فِيهَا لِعُذْرٍ، فَيُكْرَهُ الْفَصْل بَيْنَهُمَا بِمُكْثٍ طَوِيلٍ، وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَوَاتُ الَّتِي لَيْسَتْ بَعْدَهَا سُنَّةٌ. (1)
وَلَمْ يُعْثَرْ عَلَى هَذِهِ التَّفْرِقَةِ فِي كُتُبِ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ.
الأَْجْرُ عَلَى الإِْمَامَةِ:
32 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ) إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الاِسْتِئْجَارِ لإِِمَامَةِ الصَّلَاةِ، لأَِنَّهَا مِنَ الأَْعْمَال الَّتِي يَخْتَصُّ فَاعِلُهَا بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْل الْقُرْبَةِ، فَلَا يَجُوزُ الاِسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا كَنَظَائِرِهَا مِنَ الأَْذَانِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ (2) . وَلأَِنَّ الإِْمَامَ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ، فَمَنْ أَرَادَ اقْتَدَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الإِْمَامَةَ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى نِيَّتِهِ شَيْءٌ فَهُوَ إِحْرَازُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَهَذِهِ فَائِدَةٌ تَخْتَصُّ بِهِ، وَلأَِنَّ الْعَبْدَ فِيمَا يَعْمَلُهُ مِنَ الْقُرُبَاتِ وَالطَّاعَاتِ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ، قَال سبحانه وتعالى:{مَنْ عَمِل صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} (3) ، وَمَنْ عَمِل لِنَفْسِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الأَْجْرَ عَلَى غَيْرِهِ. (4)
(1) البدائع 1 / 159، 160، وابن عابدين 1 / 356، 452
(2)
حديث: " اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به. . . . " أخرجه أحمد (3 / 428 - ط الميمنية) وقواه ابن حجر في الفتح (9 / 101 - ط السلفية)
(3)
سورة النحل / 97
(4)
الروضة 5 / 88، ونهاية المحتاج 5 / 288، وابن عابدين 5 / 34، والمغني 5 / 555 - 558
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: جَازَ أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَى الأَْذَانِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ صَلَاةٍ، وَكُرِهَ الأَْجْرُ عَلَى الصَّلَاةِ وَحْدَهَا، فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلاً مِنَ الْمُصَلِّينَ. (1)
وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ جَوَازُ الاِسْتِئْجَارِ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ وَالإِْمَامَةِ وَالأَْذَانِ، وَيُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى دَفْعِ الْمُسَمَّى بِالْعَقْدِ أَوْ أَجْرِ الْمِثْل إِذَا لَمْ تُذْكَرْ مُدَّةٌ.
وَاسْتَدَلُّوا لِلْجَوَازِ بِالضَّرُورَةِ، وَهِيَ خَشْيَةُ ضَيَاعِ الْقُرْآنِ لِظُهُورِ التَّوَانِي فِي الأُْمُورِ الدِّينِيَّةِ الْيَوْمَ. (2)
وَهَذَا كُلُّهُ فِي الأَْجْرِ. وَأَمَّا الرِّزْقُ مِنْ بَيْتِ الْمَال فَيَجُوزُ عَلَى مَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ مِنْ هَذِهِ الأُْمُورِ بِلَا خِلَافٍ، لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ الإِْحْسَانِ وَالْمُسَامَحَةِ، بِخِلَافِ الإِْجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ، وَلأَِنَّ بَيْتَ الْمَال لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا كَانَ بَذْلُهُ لِمَنْ يَتَعَدَّى نَفْعُهُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ كَانَ مِنَ الْمَصَالِحِ، وَكَانَ لِلآْخِذِ أَخْذُهُ، لأَِنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَجَرَى مَجْرَى الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِهَذِهِ الْمَصَالِحِ (3) .
الإِْمَامَةُ الْكُبْرَى
التَّعْرِيفُ:
1 -
(الإِْمَامَةُ) : مَصْدَرُ أَمَّ الْقَوْمَ وَأَمَّ بِهِمْ. إِذَا تَقَدَّمَهُمْ وَصَارَ لَهُمْ إِمَامًا (4) . وَالإِْمَامُ - وَجَمْعُهُ أَئِمَّةٌ -: كُل
(1) جواهر الإكليل 1 / 37
(2)
ابن عابدين 5 / 34
(3)
المراجع السابقة
(4)
متن اللغة، ولسان العرب المحيط، ومحيط المحيط مادة:(إمم) .