الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنِ ائْتَمَّ بِهِ قَوْمٌ سَوَاءٌ أَكَانُوا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (1) أَمْ كَانُوا ضَالِّينَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ} (2) .
ثُمَّ تَوَسَّعُوا فِي اسْتِعْمَالِهِ، حَتَّى شَمَل كُل مَنْ صَارَ قُدْوَةً فِي فَنٍّ مِنْ فُنُونِ الْعِلْمِ. فَالإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ قُدْوَةٌ فِي الْفِقْهِ، وَالإِْمَامُ الْبُخَارِيُّ قُدْوَةٌ فِي الْحَدِيثِ. . . إِلَخْ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا أُطْلِقَ لَا يَنْصَرِفُ إِلَاّ إِلَى صَاحِبِ الإِْمَامَةِ الْعُظْمَى، وَلَا يُطْلَقُ عَلَى الْبَاقِي إِلَاّ بِالإِْضَافَةِ، لِذَلِكَ عَرَّفَ الرَّازِيَّ الإِْمَامَ بِأَنَّهُ: كُل شَخْصٍ يُقْتَدَى بِهِ فِي الدِّينِ. (3)
وَالإِْمَامَةُ الْكُبْرَى فِي الاِصْطِلَاحِ: رِئَاسَةٌ عَامَّةٌ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا خِلَافَةً عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسُمِّيَتْ كُبْرَى تَمْيِيزًا لَهَا عَنِ الإِْمَامَةِ الصُّغْرَى، وَهِيَ إِمَامَةُ الصَّلَاةِ وَتُنْظَرُ فِي مَوْضِعِهَا (4) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْخِلَافَةُ:
2 -
الْخِلَافَةُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ خَلَفَ يَخْلُفُ خِلَافَةً: أَيْ: بَقِيَ بَعْدَهُ أَوْ قَامَ مَقَامَهُ، وَكُل مَنْ يَخْلُفُ شَخْصًا آخَرَ يُسَمَّى خَلِيفَةً، لِذَلِكَ سُمِّيَ مَنْ يَخْلُفُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي إِجْرَاءِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَرِئَاسَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا خَلِيفَةً، وَيُسَمَّى الْمَنْصِبُ خِلَافَةً وَإِمَامَةً. (5)
(1) سورة الأنبياء / 73
(2)
سورة القصص / 41
(3)
الفصل في الملل 4 / 95
(4)
حاشية ابن عابدين 1 / 368، ونهاية المحتاج 7 / 409، وروض الطالبين على تحفة المحتاج 7 / 540
(5)
محيط المحيط ومتن اللغة مادة (خلف)
أَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ الشَّرْعِيِّ: فَهِيَ تُرَادِفُ الإِْمَامَةَ، وَقَدْ عَرَّفَهَا ابْنُ خَلْدُونٍ بِقَوْلِهِ: هِيَ حَمْل الْكَافَّةِ عَلَى مُقْتَضَى النَّظَرِ الشَّرْعِيِّ، فِي مَصَالِحِهِمُ الأُْخْرَوِيَّةِ، وَالدُّنْيَوِيَّةِ الرَّاجِعَةِ إِلَيْهَا، ثُمَّ فَسَّرَ هَذَا التَّعْرِيفَ بِقَوْلِهِ: فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ خِلَافَةٌ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا (1) .
ب - الإِْمَارَةُ:
3 -
الإِْمَارَةُ لُغَةً: الْوِلَايَةُ، وَالْوِلَايَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَامَّةً، فَهِيَ الْخِلَافَةُ أَوِ الإِْمَامَةُ الْعُظْمَى، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ خَاصَّةً عَلَى نَاحِيَةٍ كَأَنْ يَنَال أَمْرَ مِصْرٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ عَلَى عَمَلٍ خَاصٍّ مِنْ شُئُونِ الدَّوْلَةِ كَإِمَارَةِ الْجَيْشِ وَإِمَارَةِ الصَّدَقَاتِ، وَتُطْلَقُ عَلَى مَنْصِبِ أَمِيرٍ (2) .
ج - السُّلْطَةُ:
4 -
السُّلْطَةُ هِيَ: السَّيْطَرَةُ وَالتَّمَكُّنُ وَالْقَهْرُ وَالتَّحَكُّمُ وَمِنْهُ السُّلْطَانُ وَهُوَ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّحَكُّمِ وَالسَّيْطَرَةِ فِي الدَّوْلَةِ، فَإِنْ كَانَتْ سُلْطَتُهُ قَاصِرَةً عَلَى نَاحِيَةٍ خَاصَّةٍ فَلَيْسَ بِخَلِيفَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَامَّةً فَهُوَ الْخَلِيفَةُ، وَقَدْ وُجِدَتْ فِي الْعُصُورِ الإِْسْلَامِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ خِلَافَةٌ بِلَا سُلْطَةٍ، كَمَا وَقَعَ فِي أَوَاخِرِ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَسُلْطَةٌ بِلَا خِلَافَةٍ كَمَا كَانَ الْحَال فِي عَهْدِ الْمَمَالِيكِ (3)
(1) مقدمة ابن خلدون ص 191
(2)
الفصل في الملل والنحل لابن حزم 4 / 90
(3)
الصحاح في اللغة والعلوم ص 493، والرائد 1 / 833. ولم يرد هذا اللفظ بلسان الشرع مرادا به لقب إسلامي بل بمعناه اللغوي +، ولم يطلق قط على منصب إلا بعد استيلاء الأعاجم على السلطة في الدولة الإسلامية