الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّصَرُّفَاتِ حِينَئِذٍ. (ر: شَرْط - تَعْلِيق) .
وَأَمَّا الشَّرْطُ التَّقْيِيدِيُّ فَهُوَ مَا جَزَمَ فِيهِ بِالأَْصْل وَشَرَطَ فِيهِ أَمْرًا آخَرَ.
وَأَمَّا أَثَرُهُ فِي الاِلْتِزَامِ، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، فَمَا كَانَ مِنْهُ مُلَائِمًا لِلتَّصَرُّفِ، كَمَنْ يَبِيعُ وَيَشْتَرِطُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَهُ بِالثَّمَنِ رَهْنًا أَوْ كَفِيلاً. . . أَوْ كَانَ جَرَى بِهِ التَّعَامُل بَيْنَ النَّاسِ كَمَنْ يَشْتَرِي جِرَابًا عَلَى أَنْ يَخْرِزَهُ لَهُ الْبَائِعُ. . . فَإِنَّهُ يُنْشِئُ الْتِزَامًا زَائِدًا عَلَى الاِلْتِزَامِ الأَْصْلِيِّ، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مِنَ الأَْمْثِلَةِ وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ.
أَمَّا إِنْ كَانَ مُؤَكِّدًا لِمُقْتَضَى التَّصَرُّفِ، كَاشْتِرَاطِ التَّسْلِيمِ فِي الْبَيْعِ مَثَلاً، فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الاِلْتِزَامِ، إِذِ الشَّرْطُ هُنَا تَأْكِيدٌ وَبَيَانٌ لِمُقْتَضَى الاِلْتِزَامِ.
وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ فَاسِدًا، فَإِنْ كَانَ لَا يَقْتَضِيهِ التَّصَرُّفُ وَلَيْسَ مُلَائِمًا لَهُ وَلَا جَرَى بِهِ التَّعَامُل بَيْنَ النَّاسِ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهَا صَاحِبٌ يُطَالِبُ بِهَا، كَمَنْ يَبِيعُ الدَّارَ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الْبَائِعُ شَهْرًا، أَوِ الثَّوْبَ عَلَى أَنْ يَلْبَسَهُ أُسْبُوعًا، فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ فَاسِدٌ وَيَفْسُدُ مَعَهُ التَّصَرُّفُ، وَبِالتَّالِي يَفْسُدُ الاِلْتِزَامُ الأَْصْلِيُّ لِلتَّصَرُّفِ حَيْثُ قَدْ فَسَدَ مَصْدَرُهُ.
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ يَجْرِي فِي عُقُودِ الْمُبَادَلَاتِ الْمَالِيَّةِ فَقَطْ، خِلَافًا لِلتَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ حَيْثُ يَفْسُدُ الشَّرْطُ وَيَبْقَى التَّصَرُّفُ فِي الاِلْتِزَامِ بِهِ كَمَا هُوَ، وَيُصْبِحُ الشَّرْطُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الاِلْتِزَامِ.
وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّ مِثْل هَذَا الشَّرْطِ يَفْسُدُ، وَيَفْسُدُ مَعَهُ التَّصَرُّفُ، وَيُجْرُونَ هَذَا فِي كُل التَّصَرُّفَاتِ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ، فَإِنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يُفْسِدُ التَّصَرُّفَ عِنْدَهُمْ، فَهُوَ مَا كَانَ مُنَافِيًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، أَوْ كَانَ
مُخِلًّا بِالثَّمَنِ. وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ. إِذْ هُوَ عِنْدَهُمْ: مَا كَانَ مُنَافِيًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، أَوْ كَانَ الْعَقْدُ يَشْتَمِل عَلَى شَرْطِهِ.
أَمَّا مَا كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لأَِحَدٍ، فَإِنَّهُ غَيْرُ فَاسِدٍ عِنْدَهُمْ إِذَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً. فَمَنْ يَبِيعُ الدَّارَ وَيَشْتَرِطُ سُكْنَاهَا شَهْرًا مَثَلاً فَشَرْطُهُ صَحِيحٌ وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ بَاعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَمَلاً، وَاشْتَرَطَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَيْ رُكُوبَهُ، وَفِي لَفْظٍ قَال: بِعْتُهُ وَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي. (1)
عَلَى أَنَّ الْجُمْهُورَ وَمَعَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَاشْتَرَطَ أَنْ يُعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي فَهُوَ شَرْطٌ صَحِيحٌ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ، لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، بَل إِنَّ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ قَال: يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الشَّرْطُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ، فَإِنَّهُ يَفْسُدُ هُوَ وَيَبْقَى التَّصَرُّفُ صَحِيحًا فَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ. (2)
وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلَاتٌ كَثِيرَةٌ (ر: اشْتِرَاط، شَرْط) .
ثَالِثًا: الأَْجَل:
49 -
الأَْجَل هُوَ الْمُدَّةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا الْمُسْتَقْبَلَةُ الْمُحَقَّقَةُ الْوُقُوعِ. وَالاِلْتِزَامُ قَدْ يَكُونُ مُؤَجَّلاً إِذَا كَانَ الأَْجَل أَجَل تَوْقِيتٍ، فَإِنَّهُ يَجْعَل تَنْفِيذَ الاِلْتِزَامِ مُسْتَمِرًّا
(1) حديث: " جابر أنه باع. . . " أخرجه البخاري ومسلم (فتح الباري 5 / 314 ط السلفية، وصحيح مسلم 3 / 1221 ط عيسى الحلبي) .
(2)
البدائع 5 / 169 - 173، والهداية 3 / 229، 230، والدسوقي 3 / 65، منح الجليل 2 / 568 - 572، والمهذب 1 / 275 ونهاية المحتاج 3 / 436، 438، وشرح منتهى الإرادات 2 / 160، 161، والمغني 4 / 249، 250 ط الرياض.