الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَال: أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكَ (1)
27 -
(4) فِي الْقَوَاعِدِ لاِبْنِ رَجَبٍ (2) فِي إِضَافَةِ الإِْنْشَاءَاتِ وَالإِْخْبَارَاتِ إِلَى الْمُبْهَمَاتِ قَال: أَمَّا الإِْنْشَاءَاتُ فَمِنْهَا الْعُقُودُ، وَهِيَ أَنْوَاعٌ:
أَحَدُهَا: عُقُودُ التَّمْلِيكَاتِ الْمَحْضَةِ كَالْبَيْعِ وَالصُّلْحِ بِمَعْنَاهُ (أَيْ عَلَى بَدَلٍ) ، وَعُقُودِ التَّوْثِيقَاتِ كَالرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ، وَالتَّبَرُّعَاتِ اللَاّزِمَةِ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالْقَبْضِ بِعِدَةٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، فَلَا يَصِحُّ فِي مُبْهَمٍ مِنْ أَعْيَانٍ مُتَفَاوِتَةٍ، كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدٍ، وَشَاةٍ مِنْ قَطِيعٍ، وَكَفَالَةِ أَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، وَضَمَانِ أَحَدِ هَذَيْنِ الدَّيْنَيْنِ. وَفِي الْكَفَالَةِ احْتِمَالٌ، لأَِنَّهُ تَبَرُّعٌ، فَهُوَ كَالإِْعَارَةِ وَالإِْبَاحَةِ، وَيَصِحُّ فِي مُبْهَمٍ مِنْ أَعْيَانٍ مُتَسَاوِيَةٍ مُخْتَلِطَةٍ، كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً مُتَفَرِّقَةً فَفِيهِ احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي الصِّحَّةُ.
وَالثَّانِي: عُقُودُ مُعَاوَضَاتٍ غَيْرُ مُتَمَحِّضَةٍ، كَالصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، فَفِي صِحَّتِهَا عَلَى مُبْهَمٍ مِنْ أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةٍ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ.
وَالثَّالِثُ: عَقْدُ تَبَرُّعٍ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ فَيَصِحُّ فِي الْمُبْهَمِ بِغَيْرِ خِلَافٍ لِمَا دَخَلَهُ مِنَ التَّوَسُّعِ، وَمِثْلُهُ عُقُودُ التَّبَرُّعَاتِ، كَإِعَارَةِ أَحَدِ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ وَإِبَاحَةِ أَحَدِ
(1) إعلام الموقعين 22 / 28. وحديث: " أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك. . . " أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي مطولا، وقال أحمد شاكر محقق مسند أحمد بن حنبل: إسناده صحيح (مسند أحمد بن حنبل بتحقيق أحمد شاكر11 / 21 رقم 1 / 6729، وعون المعبود 3 / 15 ط الهند، وسنن النسائي 5 / 262 - 264) .
(2)
القواعد لابن رجب / 3.
هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ، وَكَذَلِكَ عُقُودُ الْمُشَارَكَاتِ وَالأَْمَانَاتِ الْمَحْضَةِ، مِثْل أَنْ يَقُول: ضَارِبْ بِإِحْدَى هَاتَيْنِ الْمِائَتَيْنِ - وَهُمَا فِي كِيسَيْنِ - وَدَعِ الأُْخْرَى عِنْدَكَ وَدِيعَةً. وَأَمَّا الْفُسُوخُ فَمَا وُضِعَ مِنْهَا عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ صَحَّ فِي الْمُبْهَمِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ. . إِلَخْ.
ب -
قَابِلِيَّةُ الْمَحَل لِحُكْمِ التَّصَرُّفِ:
28 -
يُشْتَرَطُ كَذَلِكَ فِي الْمَحَل الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الاِلْتِزَامُ: أَنْ يَكُونَ قَابِلاً لِحُكْمِ التَّصَرُّفِ، بِمَعْنَى أَلَاّ يَكُونَ التَّصَرُّفُ فِيهِ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ.
وَهَذَا الشَّرْطُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ مَعَ الاِخْتِلَافِ فِي التَّفَاصِيل.
يَقُول السُّيُوطِيُّ: كُل تَصَرُّفٍ تَقَاعَدَ عَنْ تَحْصِيل مَقْصُودِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ. فَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الْحُرِّ وَلَا الإِْجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ مُحَرَّمٍ. (1)
وَيَقُول ابْنُ رُشْدٍ فِي الإِْجَارَةِ (2) : مِمَّا اجْتَمَعُوا عَلَى إِبْطَال إِجَارَتِهِ: كُل مَنْفَعَةٍ كَانَتْ لِشَيْءٍ مُحَرَّمِ الْعَيْنِ، كَذَلِكَ كُل مَنْفَعَةٍ كَانَتْ مُحَرَّمَةً بِالشَّرْعِ، مِثْل أَجْرِ النَّوَائِحِ وَأَجْرِ الْمُغَنِّيَاتِ، وَكَذَلِكَ كُل مَنْفَعَةٍ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى الإِْنْسَانِ بِالشَّرْعِ، مِثْل الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا.
وَفِي الْمُهَذَّبِ (3) : الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ، كَالْوَصِيَّةِ لِلْكَنِيسَةِ وَالْوَصِيَّةِ بِالسِّلَاحِ لأَِهْل الْحَرْبِ بَاطِلَةٌ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الاِلْتِزَامُ بِمَا هُوَ غَيْرُ
(1) الأشباه للسيوطي / 167، 310.
(2)
بداية المجتهد 2 / 220، والمغني 4 / 246، 247.
(3)
المهذب 1 / 458.