الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يُسَمَّى بِحَقِّ الاِرْتِفَاقِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (ارْتِفَاق) .
حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
5 -
الاِنْتِفَاعُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ حَرَامًا أَوْ جَائِزًا، وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلَّقِهِ وَهُوَ الْعَيْنُ الْمُنْتَفَعُ بِهَا، وَنَظَرًا لِلشُّرُوطِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ وَبِالشَّخْصِ الْمُنْتَفِعِ بِهَا، وَفِيمَا يَلِي أَمْثِلَةٌ لِلاِنْتِفَاعِ الْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ وَالْجَائِزِ بِاخْتِصَارٍ.
أ -
الاِنْتِفَاعُ الْوَاجِبُ:
6 -
لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الاِنْتِفَاعَ يَكُونُ وَاجِبًا بِأَكْل الْمُبَاحِ، إِذَا خَافَ الإِْنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ؛ لأَِنَّ الاِمْتِنَاعَ مِنْهُ إِلْقَاءٌ بِالنَّفْسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (1) حَتَّى إِنَّ الْجُمْهُورَ أَوْجَبُوا الأَْكْل وَالشُّرْبَ فِي حَالَةِ الاِضْطِرَارِ، وَلَوْ كَانَتِ الْعَيْنُ الْمُنْتَفَعُ بِهَا مُحَرَّمَةً. (2)
ب -
الاِنْتِفَاعُ الْمُحَرَّمُ:
7 -
قَدْ يَكُونُ الاِنْتِفَاعُ بِالشَّيْءِ مُحَرَّمًا، إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ الْمُنْتَفَعُ بِهَا مُحَرَّمَةً شَرْعًا، كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالطُّيُورِ الْمُحَرَّمَةِ وَأَمْثَال ذَلِكَ فِي غَيْرِ حَالَةِ الاِضْطِرَارِ.
وَقَدْ يَكُونُ الاِنْتِفَاعُ بِعَيْنٍ مِنَ الأَْعْيَانِ الْمُبَاحَةِ مُحَرَّمًا - سَبَبَ وَصْفٍ قَائِمٍ بِشَخْصِ الْمُنْتَفِعِ،
(1) سورة البقرة / 195.
(2)
ابن عابدين 5 / 215، وأسنى المطالب 1 / 570، والمغني 11 / 74.
كَالاِنْتِفَاعِ بِلَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ، وَكَانْتِفَاعِ بِاللُّقَطَةِ لِلْغَنِيِّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. فَإِذَا زَال هَذَا الْوَصْفُ حَل الاِنْتِفَاعُ عَمَلاً بِالْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ:(إِذَا زَال الْمَانِعُ عَادَ الْمَمْنُوعُ) .
وَقَدْ يَكُونُ الاِنْتِفَاعُ بِالشَّيْءِ مُحَرَّمًا، إِذَا كَانَ فِيهِ اعْتِدَاءٌ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَعَدَمُ إِذْنِ الْمَالِكِ، فَيُوجِبُ الضَّمَانَ وَالْعِقَابَ، كَالاِنْتِفَاعِ بِالأَْمْوَال الْمَغْصُوبَةِ وَالْمَسْرُوقَةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَوْضِعِهِ.
ج -
الاِنْتِفَاعُ الْجَائِزُ:
8 -
أَمَّا الاِنْتِفَاعُ الْجَائِزُ فَهُوَ إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ الْمُنْتَفَعُ بِهَا مُبَاحَةً، كَالاِنْتِفَاعِ بِالأَْطْعِمَةِ وَالأَْشْرِبَةِ الْمُبَاحَةِ إِلَى حَدِّ الشِّبَعِ، وَالاِنْتِفَاعِ بِالْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ كَالشَّوَارِعِ وَضَوْءِ الشَّمْسِ وَالْهَوَاءِ، وَالاِنْتِفَاعِ بِالأَْمْوَال الْمَمْلُوكَةِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، كَالإِْبَاحَةِ، أَوْ بِوَاسِطَةِ الْعَقْدِ كَالاِنْتِفَاعِ بِالْمُسْتَعَارِ وَالْمَأْجُورِ وَالْمَوْقُوفِ وَالْمُوصَى بِهِ حَسَبَ الإِْذْنِ وَالشُّرُوطِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا.
أَسْبَابُ الاِنْتِفَاعِ
9 -
الْمُرَادُ بِأَسْبَابِ الاِنْتِفَاعِ مَا يَشْمَل الْمَنْفَعَةَ الَّتِي يُمْكِنُ نَقْلُهَا إِلَى الْغَيْرِ، وَمَا هُوَ خَاصٌّ بِشَخْصِ الْمُنْتَفِعِ وَلَا يَقْبَل التَّحْوِيل لِلْغَيْرِ، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْعَيْنُ الْمُنْتَفَعُ بِهَا مِمَّا يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِهَا ابْتِدَاءً، أَمْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً يُنْتَفَعُ بِهَا بِشُرُوطٍ خَاصَّةٍ، فَأَسْبَابُ الاِنْتِفَاعِ بِهَذَا الْمَعْنَى عِبَارَةٌ عَنِ الإِْبَاحَةِ، وَالضَّرُورَةِ، وَالْعَقْدِ.
أَوَّلاً: الإِْبَاحَةُ
10 -
الإِْبَاحَةُ: هِيَ الإِْذْنُ بِإِتْيَانِ الْفِعْل كَيْفَ شَاءَ الْفَاعِل. (1)
(1) التعريفات للجرجاني ص 2.