الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ رَجَّحَ ابْنُ قُدَامَةَ الرِّوَايَةَ الأُْولَى. (1)
ج -
انْدِرَاسُ قُبُورِ الْمَوْتَى:
5 -
ذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْمَيِّتَ الْمُسْلِمَ إِذَا بَلِيَ وَصَارَ تُرَابًا جَازَ نَبْشُ قَبْرِهِ وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، أَمَّا إِذَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ - غَيْرَ عَجْبِ الذَّنَبِ - فَلَا يَجُوزُ نَبْشُهُ وَلَا الدَّفْنُ فِيهِ لِحُرْمَةِ الْمَيِّتِ، وَيَعْرِفُ ذَلِكَ أَهْل الْخِبْرَةِ.
إِلَاّ أَنَّ صَاحِبَ التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ يَرَى أَنَّ الْمَيِّتَ إِذَا صَارَ تُرَابًا فِي الْقَبْرِ يُكْرَهُ دَفْنُ غَيْرِهِ فِي قَبْرِهِ؛ لأَِنَّ الْحُرْمَةَ بَاقِيَةٌ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ مُعَقِّبًا عَلَى هَذَا: لَكِنَّ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةً عَظِيمَةً، فَالأَْوْلَى إِنَاطَةُ الْجَوَازِ بِالْبِلَى، إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَدَّ لِكُل مَيِّتٍ قَبْرٌ لَا يُدْفَنُ فِيهِ غَيْرُهُ وَإِنْ صَارَ الأَْوَّل تُرَابًا لَا سِيَّمَا فِي الأَْمْصَارِ الْكَبِيرَةِ الْجَامِعَةِ، وَإِلَاّ لَزِمَ أَنْ تَعُمَّ الْقُبُورُ السَّهْل وَالْوَعِرَ.
عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنَ الْحَفْرِ إِلَى أَلَاّ يَبْقَى عَظْمٌ عَسِرٌ جِدًّا، وَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ لِبَعْضِ النَّاسِ، لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي جَعْلِهِ حُكْمًا عَامًّا لِكُل أَحَدٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْحَرْثِ وَالزِّرَاعَةِ وَالْبِنَاءِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُنْدَرِسَةِ، فَأَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَمَنَعَهُ الْمَالِكِيَّةُ، وَلَمْ نَعْثُرْ عَلَى نَصٍّ لِلشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ فَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ نَبْشِهَا، لِيُتَّخَذَ مَكَانُهَا مَسْجِدًا؛ لأَِنَّ مَوْضِعَ مَسْجِدِ النَّبِيِّ كَانَ قُبُورًا لِلْمُشْرِكِينَ. (2)
(1) ابن عابدين 3 / 535، والبحر الرائق 5 / 239، 240، وأنفع الوسائل ص 109 - 110، الخرشي 7 / 94 - 95، والدسوقي 4 / 92، ومغني المحتاج 2 / 292، والجمل 3 / 590، والمغني مع الشرح 6 / 225، وما بعدها.
(2)
ابن عابدين 1 / 199، والدسوقي 1 / 428، ومغني المحتاج 1 / 362، والجمل 2 / 201، وأسنى المطالب 1 / 331، وكشاف القناع 2 / 144.
إِحْيَاءُ الْمُنْدَرِسِ
6 -
سَبَقَ فِي إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ - مِنْ أَبْحَاثِ الْمَوْسُوعَةِ - أَنَّ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى، انْدَرَسَتْ، فَهَل تَصِيرُ مَوَاتًا إِذَا أَحْيَاهَا غَيْرُهُ مَلَكَهَا، أَوْ تَبْقَى عَلَى مِلْكِ الأَْوَّل؟
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهَا تَبْقَى عَلَى مِلْكِ الأَْوَّل، وَلَا يَمْلِكُهَا الثَّانِي بِالإِْحْيَاءِ، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً لَيْسَتْ لأَِحَدٍ فَهِيَ لَهُ. (1) وَلأَِنَّ هَذِهِ أَرْضٌ يُعْرَفُ مَالِكُهَا فَلَمْ تُمْلَكْ بِالإِْحْيَاءِ، كَاَلَّتِي مُلِكَتْ بِشِرَاءٍ أَوْ عَطِيَّةٍ. وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الثَّانِيَ يَمْلِكُهَا، قِيَاسًا عَلَى الصَّيْدِ، إِذَا أَفْلَتَ وَلَحِقَ بِالْوَحْشِ وَطَال زَمَانُهُ، فَهُوَ لِلثَّانِي. وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ لِلْمَالِكِيَّةِ: التَّفْرِيقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الأَْوَّل أَحْيَاهُ أَوِ اخْتَطَّهُ أَوِ اشْتَرَاهُ، فَإِنْ كَانَ الأَْوَّل أَحْيَاهُ كَانَ الثَّانِي أَحَقَّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الأَْوَّل اخْتَطَّهُ أَوِ اشْتَرَاهُ كَانَ الأَْوَّل أَحَقَّ بِهِ. (2)
(1) حديث: " من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق " أخرجه أبو داود (3 / 454 - ط عزت عبيد دعاس) . وقال ابن حجر بعد أن ذكر طرق الحديث: وفي أسانيدها مقال، لكن يقوي بعضها ببعض. (الفتح 5 / 19 - السلفية) .
(2)
الفتاوى الهندية 5 / 386، وقليوبي وعميرة 3 / 88ط الحلبي، والمغني 5 / 564 ط الرياض، وهامش الحطاب 6 / 3، والرهوني 7 / 97 دار الفكر.