الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَوَازِ إِمَامَةِ الْفَاسِقِ، وَهُوَ الَّذِي أَتَى بِكَبِيرَةٍ كَشَارِبِ خَمْرٍ وَزَانٍ وَآكِل الرِّبَا، أَوْ دَاوَمَ عَلَى صَغِيرَةٍ (1) . لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ ذَهَبُوا إِلَى جَوَازِ إِمَامَةِ الْفَاسِقِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ فِسْقُهُ بِالصَّلَاةِ، وَإِلَاّ بَطَلَتْ عِنْدَهُمْ كَقَصْدِهِ الْكِبْرَ بِالإِْمَامَةِ، وَإِخْلَالِهِ بِرُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ سُنَّةٍ عَمْدًا. (2)
وَفِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ جَازَ إِمَامَةُ الْفَاسِقِ بِغَيْرِ كَرَاهَةٍ، مَعَ تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مَوَاضِعِهِ.
ب -
الْعَقْل:
6 -
يُشْتَرَطُ فِي الإِْمَامِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً، وَهَذَا الشَّرْطُ أَيْضًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، فَلَا تَصِحُّ إِمَامَةُ السَّكْرَانِ، وَلَا إِمَامَةُ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ، وَلَا إِمَامَةُ الْمَجْنُونِ غَيْرِ الْمُطْبِقِ حَال جُنُونِهِ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهِمْ لأَِنْفُسِهِمْ فَلَا تُبْنَى عَلَيْهَا صَلَاةُ غَيْرِهِمْ.
أَمَّا الَّذِي يُجَنُّ وَيَفِيقُ، فَتَصِحُّ إِمَامَتُهُ حَال إِفَاقَتِهِ. (3)
ج -
الْبُلُوغُ:
7 -
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإِْمَامَةِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ أَنْ يَكُونَ الإِْمَامُ بَالِغًا، فَلَا تَصِحُّ إِمَامَةُ مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ فِي فَرْضٍ عِنْدَهُمْ، لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: {
(1) كشاف القناع 1 / 475، والمغني لابن قدامة 2 / 185، 189، وجواهر الإكليل 1 / 78
(2)
ابن عابدين 1 / 376، وقليوبي 3 / 227، وجواهر الإكليل 1 / 78
(3)
الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 157، وجواهر الإكليل ص 78، وكشاف القناع 1 / 475، 476
لَا تُقَدِّمُوا صِبْيَانَكُمْ، (1) وَلأَِنَّهَا حَال كَمَالٍ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلأَِنَّ الإِْمَامَ ضَامِنٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْل الضَّمَانِ، وَلأَِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ الإِْخْلَال بِالْقِرَاءَةِ حَال السِّرِّ.
وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ إِمَامَةِ الصَّبِيِّ لِلْبَالِغِ فِي الْفَرْضِ أَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ نَافِلَةٌ فَلَا يَجُوزُ بِنَاءُ الْفَرْضِ عَلَيْهَا. (2)
أَمَّا فِي غَيْرِ الْفَرْضِ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ أَوِ التَّرَاوِيحِ فَتَصِحُّ إِمَامَةُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ) لأَِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ.
وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمُ جَوَازِ إِمَامَةِ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْفَرَائِضِ أَمْ فِي النَّوَافِل، لأَِنَّ نَفْل الصَّبِيِّ ضَعِيفٌ لِعَدَمِ لُزُومِهِ بِالشُّرُوعِ، وَنَفْل الْمُقْتَدِي الْبَالِغِ قَوِيٌّ لَازِمٌ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ. (3)
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الشَّافِعِيَّةُ فِي الإِْمَامِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا، فَتَصِحُّ إِمَامَةُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِ عِنْدَهُمْ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْفَرَائِضِ أَمِ النَّوَافِل، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ سِتِّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ (4) لَكِنَّهُمْ قَالُوا: الْبَالِغُ أَوْلَى مِنَ الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ أَقْرَأَ أَوْ أَفْقَهَ، لِصِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ بِالْبَالِغِ بِالإِْجْمَاعِ، وَلِهَذَا نَصَّ فِي
(1) حديث: " لا تقدموا صبيانكم. . . " أخرجه الديلمي كما في كنز العمال (7 / 588 - ط مؤسسة الرسالة) وإسناده ضعيف جدا
(2)
الزيلعي 1 / 140، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 157، وجواهر الإكليل 1 / 78، وكشاف القناع 1 / 480
(3)
فتح القدير 1 / 310، 311، وجواهر الإكليل 1 / 78، وكشاف القناع 1 / 480، والزيلعي 1 / 140
(4)
حديث عمرو بن سلمة " أنه كان يؤم قومه. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 8 / 22 - ط السلفية)