الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اجْتِمَاعُ جَمْعٍ فِي مَكَانٍ، كَمَا عُهِدَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَاتُ فِي الأَْعْصُرِ الْخَالِيَةِ، وَمَبْنَى الْعِبَادَاتِ عَلَى رِعَايَةِ الاِتِّبَاعِ فَيُشْتَرَطُ لِيَظْهَرَ الشِّعَارُ. (1) وَلِلْفُقَهَاءِ فِي تَطْبِيقِ هَذَا الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ، وَفِي بَعْضِ الْفُرُوعِ خِلَافٌ كَالآْتِي:
أَوَّلاً - الأَْبْنِيَةُ الْمُخْتَلِفَةُ:
20 -
تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالأَْبْنِيَةِ الْمُنْفَصِلَةِ.
ثَانِيًا - الاِقْتِدَاءُ فِي السُّفُنِ الْمُخْتَلِفَةِ:
21 -
يُشْتَرَطُ فِي الاِقْتِدَاءِ أَلَاّ يَكُونَ الْمُقْتَدِي فِي سَفِينَةٍ وَالإِْمَامُ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى غَيْرِ مُقْتَرِنَةٍ بِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، لاِخْتِلَافِ الْمَكَانِ، وَلَوِ اقْتَرَنَتَا صَحَّ اتِّفَاقًا، لِلاِتِّحَادِ الْحُكْمِيِّ. وَالْمُرَادُ بِالاِقْتِرَانِ: مُمَاسَّةُ السَّفِينَتَيْنِ، وَقِيل رَبْطُهُمَا. (2)
وَتَوَسَّعَ الْمَالِكِيَّةُ فِي جَوَازِ اقْتِدَاءِ ذَوِي سُفُنٍ مُتَقَارِبَةٍ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا رَبْطَ السَّفِينَتَيْنِ، وَلَا الْمُمَاسَّةَ، وَلَمْ يُحَدِّدُوا الْمَسَافَةَ حَيْثُ قَالُوا: جَازَ اقْتِدَاءُ ذَوِي سُفُنٍ مُتَقَارِبَةٍ فِي الْمَرْسَى بِإِمَامٍ وَاحِدٍ فِي بَعْضِهَا يَسْمَعُونَ أَقْوَالَهُ أَوْ أَقْوَال مَنْ مَعَهُ فِي سَفِينَتِهِ مِنْ مَأْمُومِينَ، أَوْ يَرَوْنَ أَفْعَالَهُ أَوْ أَفْعَال مَنْ مَعَهُ فِي سَفِينَتِهِ مِنْ مَأْمُومِينَ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتِ السُّفُنُ سَائِرَةً عَلَى الْمَشْهُورِ، لأَِنَّ الأَْصْل السَّلَامَةُ مِنْ طُرُوءِ مَا يُفَرِّقُهَا مِنْ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ.
لَكِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى اسْتِحْبَابِ أَنْ يَكُونَ الإِْمَامُ فِي
(1) نهاية المحتاج 2 / 191، ومغني المحتاج 1 / 248.
(2)
مراقي الفلاح ص 160، وشرح منتهى الإرادات 1 / 694.
السَّفِينَةِ الَّتِي تَلِي الْقِبْلَةَ. (1)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ صَحَّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالآْخَرِ وَإِنْ لَمْ تَكُونَا مَكْشُوفَتَيْنِ، وَلَمْ تُرْبَطْ إِحْدَاهُمَا بِالأُْخْرَى، بِشَرْطِ أَلَاّ تَزِيدَ الْمَسَافَةُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَعَدَمِ الْحَائِل. وَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا كَالنَّهْرِ بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ، (2) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُمْكِنُ اجْتِيَازُهُ سِبَاحَةً وَلَمْ يَشْتَرِطُوا الاِلْتِصَاقَ وَلَا الرَّبْطَ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَالْمُخْتَارِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
ثَالِثًا: عُلُوُّ مَوْقِفِ الْمُقْتَدِي عَلَى الإِْمَامِ أَوْ عَكْسُهُ:
22 -
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْقِفُ الْمَأْمُومِ عَالِيًا - وَلَوْ بِسَطْحٍ - عَنِ الإِْمَامِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ رَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ. فَصَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ بِسَطْحِ الْمَسْجِدِ بِالإِْمَامِ الَّذِي يُصَلِّي بِالْمَسْجِدِ، لإِِمْكَانِ الْمُتَابَعَةِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْقِفُ الإِْمَامِ عَالِيًا عَنْ مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ. (3)
وَلَمْ يُفَرِّقِ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ ارْتِفَاعِ مَوْقِفِ الإِْمَامِ وَالْمَأْمُومِ، فَشَرَطُوا فِي هَذِهِ الْحَال مُحَاذَاةَ بَعْضِ بَدَنِ الْمَأْمُومِ بَعْضَ بَدَنِ الإِْمَامِ، وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِالطُّول الْعَادِيِّ، وَقَال النَّوَوِيُّ يُكْرَهُ ارْتِفَاعُ الْمَأْمُومِ عَلَى إِمَامِهِ حَيْثُ أَمْكَنَ وُقُوفُهُمَا بِمُسْتَوًى وَاحِدٍ، وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ، إِلَاّ لِحَاجَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ، كَتَبْلِيغٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إِسْمَاعُ الْمَأْمُومِينَ وَتَعْلِيمُهُمْ صِفَةَ الصَّلَاةِ،
(1) جواهر الإكليل 1 / 81، والدسوقي 1 / 336.
(2)
القليوبي 1 / 243.
(3)
ابن عابدين 1 / 394 - 395، والدسوقي 1 / 336، والمغني 2 / 206، 209.