الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابٌ [في حكم المبيع قبل قبضه وبعده والتصرف فيه]
الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ. فَإِنْ تَلِفَ .. انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي عَنِ الضَّمَانِ .. لَمْ يَبْرَأْ فِي الأَظْهَرِ وَلَمْ يَتَغَيَّرِ الْحُكْمُ
===
(باب)
(المبيع قبل قبضه من ضمان البائع) لبقاء سلطنته عليه، واستثنى الوجيزي من ذلك ثلاث مسائل: الأولى: إذا اشترى أمة فوطئها أبو المشتري قبل القبض وأحبلها، ثم ماتت .. فإنها تتلف من ضمان المشتري فيما يظهر؛ لأنها بالعُلوق قَدَّرنا انتقالهما إلى ملك الأب، ومن ضرورة ذلك تقدير القبض وإن لم تحصل صورته، ووافقه السبكي على ذلك، الثانية: إذا اشترى السيد من مكاتبه شيئًا، ثم عجَّز المكاتب نفسَه قبل قبض السيد العين المبيعة، الثالثة: إذا اشترى الوارث من مورثه عينًا، ثم مات المورث قبل القبض، وفي استثناء الثانية والثالثة نظر.
(فإن تلف) بآفة ( .. انفسخ البيع وسقط الثمن) لفوات التسليم المستحق بالعقد فبطل؛ كما لو تفرقا في عقد الصرف قبل التقابض، ووقوع الدرة في البحر كالتلف.
واستثني من طرده: ما لو وضع العين المبيعة بين يدي المشتري بعد امتناعه من قبضها .. فإنه يبرأ على الصحيح.
ومن عكسه: ما لو قبضه المشتري وديعة من البائع - وقلنا: بالأصح: إنه لا يبطل به حقّ الحبس - فتلف في يده .. فهو كتلفه في يد البائع، وما لو قبضه المشتري من البائع في زمن الخيار، والخيار للبائع وحده فتلف في يده .. فهو كتلفه في يد البائع فينفسخ ويرجع المشتري بثمنه، وللبائع القيمة، وهي كقيمة المستعار.
(ولو أبرأه المشتري عن الضمان .. لم يبرأ في الأظهر ولم يتغير الحكم) لكونه إبراء عَمَّا لم يجب، والثاني: يبرأ؛ لوجود سبب الوجوب.
وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ إِنْ عَلِمَ، وَإِلَّا .. فَقَوْلَانِ كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ ضَيْفًا. وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ إِتْلَافَ الْبَائِعِ كَتَلَفِهِ. وَالأَظْهَرُ: أَنَّ إِتْلَافَ الأَجْنَبيِّ لَا يَفْسَخُ، بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يُجيزَ وَيُغَرِّمَ الأَجْنَبِيَّ، أَوْ يَفْسَخَ وَيُغَرِّمَ الْبَائِعُ الأَجْنَبِيَّ. وَلَوْ تَعَيَّبَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَرَضِيَهُ .. أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ
===
(وإتلاف المشتري قبضٌ إن عَلم) كما لو أتلف المالك المغصوب في يد الغاصب، ويستثنى منه مسائل: منها: ما إذا قتله المشتري دفعًا لصياله عليه .. فإنه لا يكون قبضًا على الأصح في "زيادة الروضة"(1)، ومنها: لو ارتد في يد البائع فقتله المشتري وهو الإمام أو نائبه عن الردة. قال ابن الرفعة: ولو قتله المشتري قصاصًا .. فيظهر أنه كالآفة.
(وإلا) أي: وإن لم يعلم ( .. فقولان كأكل المالك طعامَه المغصوبَ ضيفًا) جاهلًا بأنه طعامه، بتقديم الغاصب، والأصح: أنه يبرأ الغاصب تقديمًا للمباشرة، وقضيته: ترجيح كونه من ضمانه.
(والمذهب أن إتلاف البائع كتلفه) بآفة سماوية، فينفسخ البيع؛ لأن المبيع مضمون عليه بالثمن، فإذا أتلفه .. سقط الثمن، والثاني: لا ينفسخ؛ لأنه جان على ملك غيره، فأشبه الأجنبي فيتخير المشتري بين الفسخ والإجازة، والطريق الثاني: القطع بالأول، وبيع البائع مع الإقباض، وعجزه عن الاسترداد .. كجنايته.
(والأظهر: أن إتلاف الأجنبي لا يَفْسخ) لقيام البدل مقام المبيع، (بل يتخير المشتري بين أن يجيز ويُغرِّم الأجنبي، أو يَفسخ ويغرم البائع الأجنبي)(2) لفوات العين المقصودة، والثاني: يكون فسخًا، لتعذر التسليم.
ويستثنى: ما إذا كان الأجنبي حربيًّا أو قتله بحقٍّ، من قصاص وغيره .. فإنه كالآفة، وكذا لو كان المبيع مرتدًّا أو محاربًا أو تاركًا للصلاة وقتله أجنبي.
(ولو تَعيَّب قبل القبض فرضيه .. أخذه بكلِّ الثمن) كما لو كان مقارنًا للعقد، ولا أرش له مع قدرته على الفسخ.
(1) روضة الطالبين (3/ 504).
(2)
في (د): (أو يفسخ فيغرم البائع الأجنبي).
وَلَوْ عَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي .. فَلَا خِيَارَ، أَوِ الأَجْنَبِيُّ .. فَالْخِيَارُ، فَإِنْ أَجَازَ .. غَرِمَ الأَجْنَبِيُّ الأَرْشَ. وَلَوْ عَيَّبَهُ الْبَائِعُ .. فَالْمَذْهَبُ: ثبُوتُ الْخِيَارِ لَا التَّغرِيمُ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالأَصَحُّ: أَنَّ بَيْعَهُ لِلْبَائِعِ كَغَيْرِهِ،
===
(ولو عيّبه المشتري .. فلا خيار) لحصوله بفعله، بل يمتنع بسببه الردُّ بالعيوب القديمة، وهذا بخلاف المستأجر إذا عَيَّبَ العينَ المستأجرة، والمرأة إذا جَبَّت ذكرَ زوجها .. فإن لهما الخيارَ، وفرّق في "المطلب" بأن تعييب المشتري يُنزَّل منزلة القبض، وجَبّ الذكر وهدم الدار لا يتخيل فيهما ذلك.
(أو الأجنبي .. فالخيار) لكونه مضمونًا على البائع، (فإن أجاز .. غَرِم الأجنبيُّ الأرش) لأنه الجاني.
(ولو عيبه البائع .. فالمذهب: ثبوت الخيار لا التغريم) اعلم: أن ثبوت الخيار لا خلاف فيه؛ لأن فعل البائع إما كالآفة، وإما كفعل الأجنبي، وكلٌّ منهما مثبت للخيار قطعًا، وإنما الخلاف في التغريم، والمذهب: أنه لا يثبت؛ بناء على أنه كالآفة السماوية، والثاني: يثبت؛ بناء على جعله كالأجنبي، فالصواب في التعبير: أن يقول: (ثبت الخيار لا التغريم على المذهب).
(ولا يصحُّ بيع المبيع قبل قبضه) لصحة النهي عنه (1)، ثم قيل: المنع مُعلَّل بضعف الملك؛ بدليل الانفساخ بتلفه، فلا يستفيد به ولاية التصرف، وقيل: بتوالي الضمانين على شيء واحد؛ لأنا لو نَفَّذنا البيعَ من المشتري .. لكان مضمونًا على البائع للمشتري، وإذا نفذ منه .. صار مضمونًا عليه للمشتري الثاني، فيكون الشيء الواحد مضمونًا له وعليه في عَقدين.
(والأصح: أن بيعه للبائع كغيره) مراعاة للمعنى الأول، والثاني: يجوز؛ بناء على المعنى الثاني.
ومحل الخلاف: إذا باعه بغير جنس الثمن، أو بزيادة أو نقص أو تفاوت صفة، وإلا .. فهو إقالة بلفظ البيع، قاله في "التتمة"، وأقرّاه (2).
(1) أخرجه البخاري (2126)، ومسلم (1525/ 29) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
الشرح الكبير (4/ 296)، روضة الطالبين (3/ 509).
وَأَنَّ الإِجَارَةَ وَالرَّهْنَ وَالْهِبَةَ كَالْبَيع، وَأَنَّ الإِعْتَاقَ بِخِلَافِهِ. وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ كَالْمَبِيعِ، فَلَا يَبِيعُهُ الْبَائِعُ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَلَهُ بَيع مَالِهِ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ وَمُشْتَرَكٍ وَقِرَاضٍ، وَمَرْهُونٍ بَعْدَ انْفِكَاكِهِ، وَمَوْرُوثٍ، وَبَاقٍ فِي يَدِ وَلِيِّهِ بَعْدَ رُشْدِهِ،
===
(وأن الإجارة والرهن والهبة كالبيع) بناء على المعنى الأول، والثاني: يصحُّ؛ بناء على الثاني.
(وأن الإعتاق بخلافه) أي: بخلاف البيع، فيصحُّ ولو كان للبائع حقُّ الحبس؛ لقوته، وضعف حقِّ الحبس، والثاني: لا يصحُّ؛ لأنه إزالة ملك؛ كالبيع.
والتزويج والاستيلاد والوقف كالعتق.
ويستثنى: ما لو أعتقه على مال .. فإنه لا يصحُّ، وكذا إن أعتقه عن كفارة غيره؛ لأن الأول بيع، والثاني: هبة.
(والثمنُ المُعيَّن كالمبيع، فلا يبيعه البائع قبل قبضه) لعموم النهي (1)، ووجود العلتين.
وقوله: (فلا يبيعه
…
) إلى آخره: زيادة لا حاجة إليها، بل مضرة؛ لأنها توهم جوازَ غير البيع.
(وله بيع ماله في يد غيره أمانة؛ كوديعة، ومشترك، وقراض، ومرهون بعد انفكاكه، وموروث، وباق في يد وليّه بعد رشده) لتمام الملك، والقدرة على التسليم.
ويستثنى: ما إذا استأجر صَبَّاغًا لصبغ ثوب وسلمه إليه .. فليس للمالك بيعه قبل صبغه؛ لأن له حبسَه لعمل ما يستحق به الأجرةَ، وإذا صبغه .. فله بيعه إن وفّى الأجرةَ، وإلا .. فلا، قاله البغوي وتابعاه، قالا: والقِصارة كالصبغ إن قلنا: هي عين، وإن قلنا: أثر .. فله البيع قبل دفع الأجرة (2).
وقوله: (وموروث): استثني منه: ما إذا اشتراه مورثه ومات ولم يقبضه .. فليس للوارث بيعه قبل قبضه، ورد: بأنه ليس في يد بائعه أمانةً.
(1) أخرجه البخاري (2126)، ومسلم (1525/ 29) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
التهذيب (3/ 412)، الشرح الكبير (4/ 299)، روضة الطالبين (3/ 512).
وَكَذَا عَارِيَةٌ وَمَأْخُوذٌ بِسَوْمٍ. وَلَا يَصِحُّ بَيع الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَلَا الاعْتِيَاضُ عَنْهُ. وَالْجَدِيدُ: جَوَازُ الاسْتِبْدَالِ عَنِ الثَّمَنِ، فَإِنِ اسْتبدَلَ مُوَافِقًا فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ .. اشْتُرِطَ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ. وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي الْعَقْدِ، وَكَذَا الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ إِنِ اسْتَبْدَلَ مَا لَا يُوَافِقُ فِي الْعِلَّةِ؛ كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ
===
(وكذا عارية، ومأخوذ بسوم) لما ذكرناه، وإنما عطف بـ (كذا)؛ لينبه على أنه قسيم الأمانة؛ لأنه مضمون ضمانَ يد.
(ولا يصح بيع المُسلَم ديه، ولا الاعتياض عنه) لعموم النهي عن بيع ما لم يقبض (1).
(والجديد: جواز الاستبدال عن الثمن) الذي في الذمة؛ لحديث ابن عمر أنه قال: (يا رسول الله؛ إني أبيع الإبل بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، فقال: "لَا بَأْسَ إِذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ") صححه ابن حبان وغيره (2)، والقديم: المنع؛ لإطلاق النهي عن بيع ما لم يقبض.
والثمن هو: النقد على الأصح، والمثمن: ما يقابله، فإن لم يكن نقدًا أصلًا أو كانا نقدين .. فالثمن: ما التصقت به الباء.
(فإن استبدل موافقًا في علة الربا؛ كدراهم عن دنانير .. اشترط قبض البدل في المجلس) لما مرّ في الربا.
(والأصح: أنه لا يشترط التعيين في العقد) كما لو تصارفا في الذمة ثم عينا وتقابضا، والثاني: يشترط؛ ليخرج عن بيع الدين بالدين.
(وكذا القبض في المجلس إن استبدل ما لا يوافِق في العله؛ كثوب عن دراهم) أي: لا يشترط أيضًا في الأصح؛ كما لو باع ثوبًا بدراهم في الذمة .. لا يشترط قبض الثوب، والثاني: يشترط؛ لأن أحد العوضين دين، فيشترط قبض الآخر؛ كرأس
(1) أخرجه البخاري (2126)، ومسلم (1525/ 29) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
صحيح ابن حبان (4920)، وأخرجه الحاكم (2/ 44)، وأبو داوود (3354)، والترمذي (1242)، والنسائي (7/ 281)، وابن ماجه (2262).
وَلَوِ اسْتَبْدَلَ عَنِ الْقَرْضِ وَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ .. جَازَ، وَفِي اشْتِرَاطِ قَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ مَا سَبَقَ. وَبَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ بَاطِلٌ فِي الأَظْهَرِ؛ بِأَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ زَيْدٍ بِمِئَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو. وَلَو كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو دَيْنَانِ عَلَى شَخْصٍ، فَبَاعَ زَيْدٌ عَمْرًا دَيْنَهُ بِدَيْنِهِ .. بَطَلَ قَطْعًا. وَقَبْضُ الْعَقَارِ: تَخْلِيَتُهُ لِلْمُشْتَرِي وَتَمْكِينُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ، بِشَرْطِ فَرَاغِهِ مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ،
===
مال السلم، وعلى الأول: فلا بدّ من التعيين قطعًا.
وفي اشتراط التعيين في العقد الوجهان في استبدال الموافق.
(ولو استبدل عن) دين (القرض وقيمةِ المُتلَف) إن كان متقومًا ( .. جاز) لاستقراره، بخلاف دين السلم، وكذا المثل إن كان مثليًّا.
(وفي اشتراط قبضه في المجلس ما سبق) أي: فيفصل بين الموافق في علة الربا والمخالف، وكذا يأتي في تعينيه ما سبق، والأصح: عدم الاشتراط.
(وبيع الدين) بعين (لغير من عليه باطلٌ في الأظهر؛ بأن يشتري عبد زيد بمئة له على عمرو) لأنه لا يقدر على تسليمه، والثاني: يجوز؛ لاستقراره؛ كبيعه ممن هو عليه، وهو الاستبدال كما مر، وهذا ما صححه في "زوائد الروضة" هنا (1).
(ولو كان لزيد وعمرو دينان على شخص، فباع زيد عمرًا دينه بدينه .. بطل قطعًا) للنهي عن بيع الكالئ بالكالئ، وهو الدين بالدين (2).
(وقبض العقار) كالأرض والدار والبناء، وكذا الشجر (تخليتهُ للمشتري) أي: تركه له (وتمكينه من التصرف) فيه (بشرط فراغه من أمتعة البائع) لأن الشرع أطلق القبض وأناط به أحكامًا ولم يبينه، ولا له حدٌّ في اللغة، فيرجع فيه إلى العرف؛ كالحرز في السرقة ونحوه، والعرف قاض بما ذكره، ولا بدّ من تسليم مفتاح الدار إلى المشتري، ولا يشترط دخوله.
وتقييده بأمتعة البائع: يحترز به عن أمتعة المشتري، ويلتحق بأمتعة البائع أمتعة المستعير والمستأجر والموصى له بالمنفعة والغاصب، قاله الأَذْرَعي.
(1) روضة الطالبين (3/ 516).
(2)
أخرجه الحاكم (2/ 57) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
فَإِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْعَاقِدَانِ الْمَبِيعَ .. اعْتُبِرَ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُضِيُّ إِلَيْهِ فِي الأَصَحِّ. وَقَبْضُ الْمَنْقُولِ: تَحْوِيلُهُ، فَإِنْ جَرَى الْبَيْعُ بِمَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ .. كَفَى نَقْلُهُ إِلَى حَيِّزٍ، وَإِنْ جَرَى فِي دَارِ الْبَائِعِ .. لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ إِلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ فَيَكُونُ مُعِيرًا لِلْبُقْعَةِ
===
(فإن لم يَحضر العاقدان المبيعَ) وقلنا: بالأصح: أنه لا يشترط حضورهما عنده ( .. اعتبر مضي زمن يمكن فيه المضي إليه في الأصحِّ) سواء أكان في يد المشتري أم لا؛ لأنا أسقطنا الحضور للمشقة، ولا مشقة في مضي الزمان، فاعتبر، والثاني: لا يعتبر؛ لأنه لا معنى لاشتراطه مع عدم الحضور.
(وقبض المنقول: تحويله) لحديث ابن عمر: (كنا نشتري الطعام من الركبان جزافًا، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه)(1) ولأن العادة في المنقول ذلك، فإن كان المبيع خفيفًا يتناول باليد؛ كالدراهم .. فلا بدَّ من تناوله باليد.
(فإن جرى البيع بموضع لايختص بالبائع .. كفى نقله إلى حيّز) من ذلك الموضع؛ لوجود التحويل.
وقوله: (جرى البيع) تبع فيه "المحرر" وليس بجيد؛ إذ جريان البيع لا مدخل له فيما نحن فيه بالكلية، بل العبرة بوجود المبيع، ولهذا عبرا في "الروضة"، و"أصلها" بقولهما:(وإن كان المبيع) بالميم (2).
(وإن جرى في دار البائع .. لم يكف ذلك) لأن يد البائع عليها وعلى ما فيها.
نعم؛ يدخل في ضمانه؛ لوجود الاستيلاء.
(إلا بإذن البائع) في القبض والنقل (فيكون معيرًا للبُقعة) التي أذن في النقل إليها؛ كما لو استعار من غيره.
* * *
(1) أخرجه البخاري (2124)، ومسلم (1526).
(2)
المحرر (ص 149)، الشرح الكبير (4/ 306)، روضة الطالبين (3/ 518).