المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما] - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٢

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابٌ [البيوع المنهي عنها]

- ‌فصلٌ [في المنهيات التي لا يقتضي النهي فسادها]

- ‌فصلٌ [في تفريق الصفقة]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فصلٌ [في خيار الشرط وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في خيار النقيصة]

- ‌فرعٌ [في عدم تفريق الصفقة بالعيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [في حكم المبيع قبل قبضه وبعده والتصرف فيه]

- ‌فَرعٌ [في تتمة أحكام الباب]

- ‌فَرعٌ [في تتمة الباب أيضًا]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمراجعة

- ‌بابُ الأصول والثّمار

- ‌فَرعٌ [في دخول ما يتبع المبيع في البيع]

- ‌فصَلٌ [في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما]

- ‌بابُ اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ [معاملة الرّقيق)

- ‌كتابُ السَّلَم

- ‌فصَلٌ [في بقية الشروط السبعة]

- ‌فَرعٌ [في محل السلم وشروطه]

- ‌فصلٌ [في بيان أخذ غير المسلم فيه عنه ووقت أدائه ومكانه]

- ‌فصلٌ [في القرض]

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فصَلٌ [في شروط المرهون به ولزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [فيما يترتب على لزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [في جناية المرهون]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به]

- ‌فصلٌ [في تعلق الدين بالتركة]

- ‌كتاب التفليس

- ‌فصلٌ [فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما]

- ‌فَصْلٌ [في رجوع المعامل للمفلس عليه بما عامله به ولم يقبض عوضه]

- ‌بابُ الحَجْر

- ‌فَصْلٌ [فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

- ‌بابُ الصُّلْح

- ‌فَصْلٌ [في التزاحم على الحقوق المشتركة]

- ‌بابُ الحَوالة

- ‌بابُ الضَّمان

- ‌فصلٌ [في كفالة البدن]

- ‌فصلٌ [في صيغتي الضمان والكفالة]

- ‌كتابُ الشّركة

- ‌كتابُ الوكالة

- ‌فصَلٌ [في أحكام الوكالة بعد صحتها]

- ‌فصَلٌ [فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة]

- ‌فصَلٌ [في بيان جواز الوكالة وما تنفسخ به]

- ‌كتابُ الإقرار

- ‌فَصْلٌ [في الصيغة]

- ‌فَصْلٌ [في شروط المُقَرِّ به]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أنواع من الإقرار وفي بيان الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار بالنسب]

- ‌كتابُ العاريَّة

- ‌فَصْلٌ [في رد العارية]

- ‌كتابُ الغَصْب

- ‌فَصلٌ [في بيان حكم الغصب]

- ‌فَصلٌ [في اختلاف المالك والغاصب]

- ‌فَصلٌ [فيما يطرأ على المغصوب من زيادة ووطء وانتقال]

- ‌كتابُ الشُّفْعة

- ‌فَصلٌ [في بيان بدل الشقص الذي يؤخذ به والاختلاف في قدر الثمن]

- ‌كتابُ القِراض

- ‌فَصْلٌ [في بيان الصيغة وما يشترط في العاقدين]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين]

- ‌كتابُ المساقاة

- ‌فَصْلٌ [فيما يشترط في عقد المساقاة]

- ‌كتابُ الإِجَارة

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط المنفعة وما تقدر به]

- ‌فَصْلٌ [في منافع يمتنع الاستئجار لها ومنافع يخفى الجواز فيها وما يعتبر فيها]

- ‌فَصْلٌ [فيما يلزم المكري أو المكتري لعقار أو دابة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان غاية المدة التي تقدر بها المنفعة تقريبًا]

- ‌فَصْلٌ [فيما يقتضي انفساخ الإجارة والتخيير في فسخها وما لا يقتضيهما]

- ‌كتابُ إحياء المَوات

- ‌فَصْلٌ [في حكم المنافع المشتركة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض]

- ‌كتابُ الوَقْف

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف اللفظية]

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف المعنوية]

- ‌فصلٌ [في بيان النظر على الوقف وشرطه ووظيفة الناظر]

- ‌كتابُ الهِبَة

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌فصلٌ [في بيان لقط الحيوان وغيره وتعريفها]

- ‌فصلٌ [في تملك اللقطة وغرمها وما يتبعها]

- ‌كتابُ اللَّقيط

- ‌فصلٌ [في الحكم بإسلام اللقيط]

- ‌فصلٌ [في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه وتوابع ذلك]

- ‌كتابُ الجعالة

- ‌كتابُ الفرائض

- ‌فصلٌ [في بيان الفروض التي في القرآن الكريم وذويها]

- ‌فصلٌ [في الحجب]

- ‌فصلٌ [في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادًا واجتماعًا]

- ‌فصلٌ [في كيفية إرث الأصول]

- ‌فصلٌ [في إرث الحواشي]

- ‌فصلٌ [في الإرث بالولاء]

- ‌فصلٌ [في حكم الجد مع الإخوة]

- ‌فصلٌ [في موانع الإرث]

- ‌فصلٌ [في أصول المسائل وما يعول منها]

- ‌فَرْعٌ [في تصحيح المسائل]

- ‌فَرْعٌ [في المناسخات]

- ‌كتابُ الوصايا

- ‌فصَلٌ [في الوصية لغير الوارث وحكم التبرعات في المرض]

- ‌فصلٌ [في بيان المرض المخوف ونحوه]

- ‌فصلٌ [في أحكام الوصية الصحيحة ولفظها]

- ‌فصلٌ [في أحكام معنوية للموصى به]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الوصية]

- ‌فَصْلٌ [في الإيصاء وما يتبعه]

- ‌كتابُ الوَدِيعة

- ‌كتابُ قَسْم الفيء والغنيمة

- ‌فَصْلٌ [في الغنيمة وما يتبعها]

- ‌كتابُ قَسْم الصّدقات

- ‌فَصْلٌ [في بيان مستند الإعطاء وقدر المعطى]

- ‌فَصْلٌ [في القسمة بين الأصناف وما يتبعها]

- ‌فَصْلٌ [في صدقة التطوع]

الفصل: ‌فصل [في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما]

وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ يَمْتَصُّ رُطُوبَةَ الشَّجَرِ .. لَزِمَ الْبَائِعَ أَنْ يَقْطَعَ أَوْ يَسْقِيَ.

‌فصَلٌ [في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما]

يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مُطْلَقًا، وَبِشَرْطِ قَطعِهِ، وَبِشَرْطِ إِبْقَائِهِ. وَقَبْلَ الصَّلَاحِ إِنْ بِيعَ مُنْفَرِدًا عَنِ الشَّجَرِ .. لَا يَجُوزُ إِلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ، لَا كَكُمَّثْرَى، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي .. جَازَ بِلَا شَرْطٍ

===

(ولو كان الثمر يَمتص رطوبةَ الشجر .. لزم البائعَ أن يقطع أو يسقي) دفعًا لضرر المشتري.

(فصل: يجوز بيع الثمر بعد بدوِّ صلاحه مطلقًا) أي: بغير شرط قطع ولا تبقية، (وبشرط قطعه، وبشرط إبقائه) لأنه صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها) متفق عليه (1)، فدلَّ على الجواز بعد بدوِّ الصلاح، ولم يخصه بحالة من الأحوال، فدلَّ على التعميم.

(وقبل الصلاح إن بيع منفردًا عن الشجر .. لا يجوز إلا يشترط القطع) للحديث المارّ؛ فإنه يدلُّ بمنطوقه على المنع مطلقًا.

خرج البيع المشروط فيه القطعُ بالإجماع، فبقي ما عداه على الأصل.

ويستثنى: ما لو كان الثمر على شجرة مقطوعة فباعه .. فإنه لا يشترط القطع؛ لأن الثمر لا يبقى عليها، فينزل ذلك منزلة الشرط.

(وأن يكون المقطوع منتفعًا به، لا ككمّثرى) لا حاجة إلى هذا الشرط؛ فإن كلَّ مبيع شرطه ذلك.

(وقيل: إن كان الشجر للمشتري) والثمرة للبائع؛ كأن وهب الثمرة لإنسان أو باعها له بشرط القطع، ثم اشتراها منه ( .. جاز بلا شرط) لأنهما يجتمعان في ملك شخص واحد، فأشبه ما لو اشتراهما معًا، وصححه في "الروضة" في (باب

(1) صحيح البخاري (2197)، صحيح مسلم (1555/ 15) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

ص: 90

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي وَشَرَطْنَا الْقَطْعَ .. لَمْ يَجِبِ الْوَفَاءُ بِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

وَإِنْ بِيعَ مَعَ الشَّجَرَةِ .. جَازَ بِلَا شَرْطٍ، وَلَا يَجُوزُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ. ويَحْرُمُ بَيْعُ الزَّرْعِ الأَخْضَرِ فِي الأَرْضِ إِلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ، فَإِنْ بِيعَ مَعَهَا أَوْ بَعْدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ

===

المساقاة)، وأيد بعدم وجوب الوفاء بشرطه (1).

(قلت: فإن كان الشجر للمشتري وشرطنا القطعَ .. لم يجب الوفاءُ به، والله أعلم) إذ لا معنى لتكليفه قطعَ ثماره من أشجاره.

(وإن بيع مع الشجرة .. جاز بلا شرط)(2) لأن الثمرة هنا تبع للأصل، وهو غير متعرض للعاهة، وهذا إذا لم يفصل الثمن، فإن فصله:(كبعتك الشجرة بمئة، والثمرة بعشرة) .. لم يصحَّ؛ لانتفاء التبعية.

ويستثنى: ما إذا باع البطيخ ونحوه مع أصله .. فلا بدَّ من شرط القطع؛ لأن الأصل متعرضٌ للعاهة، بخلاف الشجر والثمر، قاله الإمام والغزالي، وفيه بحث للرافعي، فإن باعه مع الأرض .. استغنى عن شرط القطع، فالأرض، كالشجر (3).

(ولا يجوز بشرط قطعه) لأن فيه حَجْرًا على المشتري في ملكه، والفرق بينه وبين ما إذا باعها من مالك الأصل: أنها هنا تابعة، فاغتفر الغرر؛ كأساس الجدار.

(ويحرم بيع الزرع الأخضر) والبقول؛ كما قاله في "المحرر"(4)(في الأرض إلا بشرط قطعه) أو قلعه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام (نهى عن بيع ثمرة النخل حتى تُزهي، والسنبل حتى يَبْيَضَّ، ويَأمنَ العاهةَ) رواه مسلم (5).

وفيه إشارة إلى العلة المجوزة لبيعه بشرط القطع؛ لأنه أمن العاهة، فإن باعه من غير شرط .. لم يصحَّ البيع.

(فإن بيع) الزرع الأخضر (معها) أي: مع الأرض، (أو بعد اشتداد الحَبِّ)

(1) روضة الطالبين (5/ 162).

(2)

في (ب) و (د): (وإن بيع مع الشجر).

(3)

نهاية المطلب (5/ 151)، الوسيط (3/ 183)، الشرح الكبير (4/ 351).

(4)

المحرر (ص 154).

(5)

صحيح مسلم (1535/ 50) عن ابن عمر رضي الله عنهما.

ص: 91

جَازَ بِلَا شَرْطٍ، وَيُشْتَرَطُ لِبَيْعِهِ وَبَيْعِ الثَّمَرِ بَعْدَ الصَّلَاحِ: ظُهُورُ الْمَقْصُودِ؛ كَتِينٍ وَعِنَبٍ وَشَعِيرٍ. وَمَا لَا يُرَى حَبُّهُ؛ كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ فِي السُّنْبُلِ .. لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ دُونَ سُنْبُلِهِ، وَلَا مَعَهُ فِي الْجَدِيدِ. وَلَا بَأْسَ بِكِمَامٍ لَا يُزَالُ إِلَّا عِنْدَ الأَكْلِ. وَمَا لَهُ كِمَامَانِ؛ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَاءِ .. يُبَاعُ فِي قِشْرِهِ الأَسْفَلِ، وَلَا يَصِحُّ فِي الأَعْلَى، وَفِي قَوْلٍ: يَصِحُّ إِنْ كَانَ رَطْبًا

===

وحده ( .. جاز بلا شرط) أما الأول: فكبيع الثمرة مع الشجرة، وأما الثاني: فكبيع الثمرة بعد بدوِّ الصلاح.

(ويشترط لبيعه) أي: بيع الزرع (وبيع الثمر بعد الصلاح: ظهور المقصود)(1) لئلا يكون بيع غائب (كتين وعنب وشعير) ونحوها مما يظهر ثمره أو حبه؛ لحصول الرؤية.

(وما لا يُرى حبُّه؛ كالحنطة والعدس في السنبل .. لا يصحُّ بيعه دون سُنْبله) لاستتاره (ولا معه في الجديد) لأن المقصود مستتر بما ليس من صلاحه، فأشبه الحنطة في تِبْنها بعد الدِّياس؛ فإنه لا يصحُّ قطعًا، والقديم: الجواز؛ لأن بقاءه فيه من مصلحته.

والأَرُزُّ كالشعير على المذهب، وقيل: كالحنطة.

(ولا بأس بِكِمام لا يُزال إلا عند الأكل) كالرمان والعَلَس؛ لأن بقاءه فيه من مصلحته.

والكِمام بكسر الكاف: أوعية طلع النخل.

(وما له كِمامان؛ كالجوز واللوز والباقلَاءِ .. يباع في قشره الأسفل) لأن بقاءه فيه من مصلحته (ولا يصحُّ في الأعلى) لاستتاره بما ليس من مصلحته، (وفي قول: يصحُّ إن كان رطبًا) لأنه يصون القشرةَ السفلى، ويحفظ رطوبة اللُّبِّ، فكان من مصلحته، وصححه جماعة في الباقلَاء، ونقله الروياني عن تصحيح الأصحاب، والإجماعُ الفعلي عليه، وقد أمر الشافعي الربيع أن يشتري له الباقلَاء الأخضر (2).

(1) في (ب) و (د): (وبيع الثمر بعد بدوِّ الصلاح).

(2)

بحر المذهب (6/ 195).

ص: 92

وَبُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ: ظُهُورُ مَبَادِئِ النُّضْجِ وَالْحَلَاوَةِ فِيمَا لَا يَتَلَوَّنُ، وَفِي غَيْرِهِ: بِأَنْ يَأْخُذَ فِي الْحُمْرَةِ أَوِ السَّوَادِ. وَيَكْفِي بُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِهِ وَإِنْ قَلَّ، وَلَوْ بَاعَ ثَمَرَ بُسْتَانٍ أَوْ بُسْتَانَيْنِ بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ .. فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي التَّأْبِيرِ

===

ويستثنى من إطلاقه تصحيحَ المنع: اللوزُ في القشرة العليا قبل انعقاد السفلى؛ فإنه يجوز [كما قاله في "شرح المهذب"](1) لأنه مأكول كلُّه؛ كالتفاح (2).

(وبدو صلاح الثمر: ظهورُ مبادئ النُّضْج والحلاوة فيما لا يَتلون) بأن يَصفرَّ ويلين (3).

(وفي غيره: بأن يأخذ في الحمرة أو السواد) لما رواه الشيخان عن أنس قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى تُزْهِيَ، قالوا: وما تُزْهِيَ، قال: حتى تحمر)، وفي رواية لمسلم:(قلنا لأنس: ما زَهْوُها؟ قال: تحمر وتصفر)(4).

وقد نقض الرافعي الحدَّ المذكور بالقثاء الصغار، وورق الفِرْصاد والزرع، ثم قال: والضابط: أن ينتهي إلى الحالة التي يقصد منها غالبًا (5).

(ويكفي بدو صلاح بعضه وإن قلَّ) ولو حبة واحدة؛ كعنبة؛ لأن الله تعالى امتنّ علينا فجعل الثمار لا تطيب دفعة واحدة؛ إطالة لزمن التفكه، فلو اشترطنا في المبيع طيب جميعه .. لأدى إلى ألا يباع شيء، أو تباع الحبة بعد الحبة، وفي كلٍّ منهما حرج، ولا يغني صلاح جنس عن جنس آخر، وإليه أشار بقوله:(بعضه).

(ولو باع ثمر بستان أو بستانين بدا صلاح بعضه .. فعلى ما سبق في التأبير) فلا يتبع جنس غيره ولا جنسه إذا أفرد بالبيع ما لم يبد صلاحه على الأصح، ولا إذا اختلف البستانان على المذهب، ويتبع إذا اختلف النوع على الأصح.

(1) ما بين المعقوفين زيادة من غير (أ).

(2)

المجموع (9/ 292).

(3)

في غير (أ): (بأن يصفو ويلين).

(4)

صحيح البخاري (2199)، صحيح مسلم (1555).

(5)

الشرح الكبير (4/ 350 - 351).

ص: 93

وَمَنْ بَاعَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ .. لَزِمَهُ سَقْيُهُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَبَعْدَهَا، وَيَتَصَرَّفُ مُشْتَرِيهِ بَعْدَهَا. وَلَوْ عَرَضَ مُهْلِكٌ بَعْدَهَا؛ كَبَرْدٍ .. فَالْجَدِيدُ: أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي،

===

(ومن باع ما بدا صلاحُه) زرعًا كان أو ثمرة ولم يشرط القطع ( .. لزمه سقيه قبل التخلية وبعدها) قدر ما تنمو به الثمار، وتسلم عن التلف والفساد؛ لأنه من تتمة التسليم الواجب؛ كالكيل في المكيلات، والوزن في الموزونات، فيكون على البائع حتى لو شرط على المشتري .. بطل؛ لأنه مخالف لمقتضاه.

(ويتصرفُ مشتريه بعدها) أي: بعد التخلية، ولا يشترط القطع والنقل؛ لأنه لما كان متروكًا إلى مدة .. جُعل قبضُه قبل تلك المدة بالتخلية؛ لشبهه فيها بالعقار.

(ولو عرض مهلك) سماوي (بعدها) أي: بعد التخلية (كبرد) أي: بفتح الراء وإسكانها، كما ضبطه المصنف بخطه ( .. فالجديد: أنه مق ضمان المشتري) لأن التخلية كافية في جواز التصرف، فكانت كافيةً في نقل الضمان قياسًا على العقار، وفي "صحيح مسلم": أن رجلًا أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال صلى الله عليه وسلم:"تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ"، فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاءَ دينه، فقال عليه الصلاة والسلام لغرمائه:"خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ"(1).

فلو كانت الجائحة من ضمان البائع .. لأسقط النبي صلى الله عليه وسلم عنه الديون التي لحقته من ثمن الثمار التالفة.

والقديم -وحكي عن النصّ من الجديد-: أنه من ضمان البائع (2)، بشرط كون المشتري غيرَ مالك للشجر، وأن يحصل التلف قبل إمكان الجِذاذ؛ لأنه عليه السلام أمر بوضع الجوائح، كما رواه مسلم (3)، والأول حمله على الندب، أو على ما قبل التخلية؛ جمعًا بين الأدلة.

واحترز بقوله: (بعدها): عما إذا حصل قبلها .. فإنه من ضمان البائع.

(1) صحيح مسلم (1556) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(2)

في (أ): (وحكي عن الصرف من الجديد).

(3)

صحيح مسلم (1554/ 14) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

ص: 94

فَلَوْ تَعَيَّبَ بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ .. فَلَهُ الْخِيَارُ. وَلَوْ بِيعَ قَبْلَ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ وَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى هَلَكَ .. فَأَوْلَى بِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي. وَلَوْ بِيعَ ثَمَرٌ يَغْلِبُ تَلَاحُقُهُ وَاخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِالْمَوْجُودِ؛ كَتِينٍ وَقُثَّاءٍ .. لَمْ يَصِحَّ إِلَّا أَنْ يَشْرِطَ الْمُشْتَرِي قَطْعَ ثَمَرِهِ. وَلَوْ حَصَلَ الاخْتِلَاطُ فِيمَا يَنْدُرُ فِيهِ .. فَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ سَمَحَ لَهُ الْبَائِعُ بِمَا حَدَثَ .. سَقَطَ خِيَارُهُ فِي الأَصَحِّ

===

(فلو تعيب بترك البائع السقي .. فله الخيار) أي: للمشتري؛ لأن السقي لما كان لازمًا للبائع .. كان التعيب الحادثُ بتركه كالمتقدم على القبض، حتى لو تلف بذلك .. انفسخ العقد أيضًا.

(ولو بيع قبل صلاحه بشرط قطعه ولم يُقطع حتى هلك .. فأولى بكونه من ضمان المشتري) فيما إذا اقتضى الحال البقاء إلى الجِذاذ فيما تقدم؛ للتقصير هنا.

(ولو بيع ثمرٌ يغلب تلاحقُه واختلاطُ حادثه بالموجود؛ كتين وقِثَّاء .. لم يصحَّ) لأنه غير مقدور على تسليمه (إلا أن يشرط المشتري قطعَ ثمره) فيصحُّ؛ لانتفاء المحذور؛ فإنه حينئذ يجب القطع، ويأمن الاختلاط، فإن اختلط لتأخر القطع .. كان على الخلاف الآتي.

(ولو حصل الاختلاط فيما يندر فيه .. فالأظهر: أنه لا ينفسخ البيع) لبقاء عين المبيع، وتسليمه ممكن بالطريق الآتي، والثاني: ينفسخ؛ لتعذر التسليم المستحق، وهو تسليم المبيع وحده، وهذا ما صححه المصنف في "نكت الوسيط" ونقل عن الأكثرين، ونصَّ عليه في "الأم" و"الإملاء"، واختاره السبكي (1).

والأول: نقل الرافعي في "الكبير" ترجيحَه عن "الوجيز" خاصة، ولم يصرح برده ولا اختياره، وصرح برجحانه في "المحرر" و"الشرح الصغير"، وكذلك المصنف في "الروضة"(2).

(بل يتخير المشتري) لأن الاختلاط عيب حدث قبل التسليم.

(فإن سمح له البائع بما حدث .. سقط خياوه في الأصحِّ) لزوال المحذور،

(1) الأم (4/ 91).

(2)

الشرح الكبير (4/ 361، 362)، المحرر (ص 155)، روضة الطالبين (3/ 568).

ص: 95

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا بِصَافِيَةٍ؛ وَهُوَ: الْمُحَاقَلَةُ، وَلَا الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بتَمْرٍ؛ وَهُوَ: الْمُزَابَنَةُ. وَيُرَخَّصُ فِي الْعَرَايَا، وَهُوَ: بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى الَنَّخْلِ بِتَمْرٍ فِي الأَرْضِ، أَوِ الْعِنَبِ فِي الشَّجَرِ بِزَبِيبٍ،

===

والثاني: لا يسقط؛ لما في قبوله من المنة.

وما ذكره من الترتيب تبع فيه الإمام والغزالي، وهو يقتضي إثبات الخيار للمشتري أولًا حتى يجوز له المبادرة إلى الفسخ، فإن بادر البائع أولًا فسامح .. سقط خياره (1)، قال في "المطلب": وهو مخالف لنص الشافعي والأصحاب؛ فإنهم عكسوا فخيروا البائعَ أولًا، فإن سمح بحقه .. أقر العقد، وإلا .. فسخ، وقال السبكي: إن هذا أشبه، والفاسخ الحاكم.

(ولا يصحُّ بيع الحنطة في سُنبلها بصافيةٍ، وهو: المُحاقلة، ولا الرطبِ على النخل بتمر، وهو: المزابنة) للنهي عنهما، متفق عليه (2)، ووجهه: عدم العلم بالمماثلة، و (المحاقلة): مأخوذة من الحَقْل، وهي: الساحة التي تزرع، سميت محاقلةً؛ لتعلقها بزرع في حَقْل، قاله الرافعي، وقال الماوردي: الحَقْل هو السُّنْبل، وهو في لسان العرب: الموضع الذي يكون فيه الشيء؛ كالمعدن، و (المزابنة): مأخوذة من الزَّبْن، وهو: الدفع، سميت بذلك؛ لأنها مبنية على التخمين، والغبن فيهما مما يكثر، فيريد المغبون دفعه، والغابن إمضاءه فيتدافعان (3).

(ويُرخَّص في العَرايا، وهو: بيع الرطب على النخل بتمر في الأرض، أو العنبِ في الشجر بزبيب) لأنه صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع الثمر بالتمر، ورخص في بيع العرية أن تباع بخَرْصها يأكلها أهلها رُطَبًا) متفق عليه (4).

وأما في العنب: فلأنه زكوي يمكن خرصه، ويدخر يابسه، فكان كالرطب.

والثمر المذكور أولًا في الحديث هو: بالثاء المثلثة، والمراد به: الرطب، فِيمَا

(1) نهاية المطلب (5/ 119 - 120)، الوسيط (3/ 191).

(2)

صحيح البخاري (2381)، صحيح مسلم (1536) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(3)

الشرح الكبير (4/ 355)، الحاوي الكبير (6/ 253).

(4)

صحيح البخاري (2191)، صحيح مسلم (1540) عن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه.

ص: 96

دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَلَوْ زَادَ فِي صَفْقَتَيْنِ .. جَازَ، وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ بِتَسْلِيمِ التَّمْرِ كَيْلًا، وَالتَّخْلِيَةِ فِي النَّخْلِ، وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ،

===

بخلاف المذكور ثانيًا: فإنه بالمثناة، قاله في "شرح مسلم"(1).

وموضع الجواز: ما إذا لم تتعلق بالثمرة زكاة بأن خرصت عليه وضُمِّن، أو قلنا: الخرص تضمين، أو لنقصانها عن النصاب، أو كفر صاحبها، وحكم البُسْر: حكم الرطب في الجواز، قاله الماوردي (2)، قال ابن الملقن:(وعلى هذا ينبغي إلحاق الحِصْرم بالعنب)(3) وغلطه الأَذْرَعي؛ لأن البُسْر مما بدا صلاحه، بخلاف الحِصْرم.

واقتضى كلام المصنف: المنع فيما إذا كانا معًا على الشجر أو على الأرض، ومنع بيع الرطب بالرطب، وهو كذلك.

(فيما دون خمسة أوسق) بتقدير الجفاف وإن كان الرطب الآن أكثر؛ لما في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق، أو دون خمسة أوسق (4)، فلذلك جوز دون الخمسة؛ لأنه متفق عليه، ومنع في الخمسة؛ لأنا شككنا فيها، والأصل: التحريم.

(ولو زاد) على دون خمسة أوسق (في صفقتين) كلٌّ منهما دون خمسة أوسق ( .. جاز) قياسًا على الصفقة الأولى، فلو زاد في صفقة واحدة .. فإن البيع يبطل في الجميع، ولا يُخرَّج على تفريق الصفقة؛ لأنه صار بالزيادة ربا، فبطل في الجميع.

(ويشترط التقابض بتسليم التمر كيلًا، والتخلبةِ في النخل) والمماثلة بتقدير الجفاف؛ لأنه مطعوم بمطعوم.

(والأظهر: أنه لا يجوز في سائر الثمار) كالخَوْخ وغيره مما يدخر يابسه؛ لأنها متفرقة ومستورة بالأوراق، فلا يتأتى الخرص فيها، والثاني: يجوز قياسًا على الرطب، كما جوزنا في العنب بالقياس عليه.

(1) شرح مسلم (10/ 183).

(2)

الحاوي الكبير (6/ 159).

(3)

عجالة المحتاج (2/ 734).

(4)

صحيح البخاري (2190)، صحيح مسلم (1541).

ص: 97

وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ.

===

(وأنه لا يختص بالفقراء) لإطلاق الحديث، والثاني: يختص؛ لأنهم سبب الرخصة كما ذكره الشافعي في "الأم"، لكنه لم يسنده (1).

ومثار الخلاف: أن العبرة بعموم اللفظ، أو بخصوص السبب.

* * *

(1) الأم (4/ 110).

ص: 98