الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ [في الرجوع عن الوصية]
لَهُ الرُّجُوعُ عَنِ الْوَصِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِهَا
===
يلحق الثواب الميت، قال الرافعي: ولا يختص الحكم بوقف المصحف بل يجري في كلِّ وقف (1).
وكلام المصنف قد يفهم: أنه لا ينفعه ثواب غير ذلك؛ كالصلاة عنه قضاء أو غيره، وقراءة القرآن وهو المشهور عندنا (2).
نعم؛ يستثنى: ركعتا الطواف؛ فإن الأجير يأتي بهما عن المحجوج عنه تبعًا للطواف على الأصحِّ.
وحكى في "شرح مسلم" وجهًا: أن ثواب القراءة يصل إلى الميت، واختاره جماعة من الأصحاب منهم: ابن أبي عصرون، وابن الصلاح، وعليه عمل الناس، وما رآه المسلمون حسنًا .. فهو عند الله حسن، وألحق الماوردي القراءة عند القبر بالحج عنه، وذلك يقتضي وصول الثواب إليه.
وجوز القاضي الحسين الاستئجارَ على قراءة القرآن عند الميت، قال ابن الصلاح: وينبغي أن يقول: (اللهم؛ أوصل ثواب ما قرأناه لفلان)، فيجعله دعاء، وينبغي: الجزم بنفع هذا؛ لأنه إذا نفع الميت الدعاء، وجاز بما ليس للداعي .. فلأن يجوز بما له أولى، وهذا لا يختص بالقراءة، بل يجري في سائر الأعمال (3).
* * *
(فصل: له الرجوع عن الوصية وعن بعضها) لأنها عطية لم يزل عنها ملك معطيها، فأشبهت الهبة قبل القبض، وقد روى البيهقي تعليقًا عن عمر رضي الله عنه:(يغير الرجل من وصيته ما شاء)، وأسنده عن عائشة رضي الله عنها بإسناد صحيح (4).
(1) الشرح الكبير (7/ 130).
(2)
بلغ مقابلة على خط مؤلفه، عفا الله عنه. اهـ هامش (أ).
(3)
شرح مسلم (1/ 90)، الحاوي الكبير (10/ 145)، فتاوى ابن الصلاح (1/ 193).
(4)
سنن البيهقي (6/ 281).
بِقَوْلهِ: (نَقَضْتُ الْوَصِيَّةَ)، أَوْ (أَبْطَلْتُهَا)، أَوْ (رَجَعْتُ فِيهَا)، أَوْ (نَسَخْتُهَا)، أَوْ (هَذَا لِوَارِثِي). وَبِبَيْعٍ وَإِعْتَاقٍ وَإِصْدَاقٍ، وَكَذَا هِبَةٌ أَوْ رَهْنٌ مَعَ قَبْضٍ، وَكَذَا دُونَهُ فِي الأَصَحِّ. وَبِوَصِيَّةٍ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، وَكَذَا تَوْكِيلٌ فِي بَيْعِهِ وَعَرْضُهُ عَلَيْهِ فِي الأَصَحِّ
===
(بقوله: "نقضت الوصية"، أو "أبطلتها"، أو "رجعت فيها"، أو "نسختها")(1) وكذا أزلتها، ورددتها، ودفعتها ونحوها من الصرائح، (أو) قال:("هذا لوارثي") بعد موتي، أو (هو ميراث عني) لأنه لا يكون للوارث إلا وقد ردّه إلى نفسه فهو كقوله:(رددته).
(و) يحصل (ببيعٍ) وإن فسخ في زمن الخيار، (وإعتاق وإصداق) ونحوه من التصرفات الناجزة اللازمة في الحياة بالإجماع؛ كما نقله ابن المنذر، ولأنه يدل على الإعراض عن الوصية.
(وكذا هبة أو رهن مع قبض) لزوال الملك في الأولى، وتعريضه للبيع في الثانية، (وكذا دونه في الأصحِّ) لأنه عرضه لزوال الملك، وذلك يدل على الإعراض عن الوصية، والثاني: لا فيهما؛ أما في الهبة .. فلأنه لم يؤثر في ملكه، فكذا في رجوعه، وأما الرهن .. فلأنه لا يزيل الملك بل هو نوع انتفاع؛ كالاستخدام.
وإطلاقه قد يشمل: الهبة الفاسدة، وفيها أوجه في "الحاوي": ثالثها: إن أقبض .. كان رجوعًا، وإلا .. فلا، قال في "الكفاية": وكلامه يفهم: طردها في الرهن الفاسد أيضًا (2).
(وبوصية بهذه التصرفات) أي: بالبيع وما بعده؛ لإشعاره بالرجوع.
(وكذا توكيل في بيعه وعرضُه عليه في الأصحِّ) لأنه توسل إلى أمر يحصل به الرجوع، والثاني: لا؛ لأنه قد لا يوجد، هذا كلُّه في الوصية بمعين، أما إذا أوصى بثلث ماله ثم تصرف فيما يملكه ببيع أو إعتاق أو غيرهما .. لم يكن رجوعًا، ولو هلك جميع ماله .. لم تبطل الوصية؛ لأن الثلث مطلقًا لا يختص بما عنده حال الوصية، بل العبرة بما يملكه عند الموت.
(1) في (ز): (أو رجعت فيها، أو فسختها).
(2)
الحاوي الكبير (10/ 165)، كفاية النبيه (12/ 270).