الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ [فيما يقتضي انفساخ الإجارة والتخيير في فسخها وما لا يقتضيهما]
لَا تَنْفَسِخُ إِجَارَةٌ بِعُذْرٍ؛ كَتَعَذُّرِ وَقُودِ حَمَّامٍ، وَسَفَرٍ، وَمَرَضِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِسَفَرٍ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزِرَاعَةٍ فَزَرَعَ فَهَلَكَ الزَّرْعُ بِجَائِحَةٍ. . فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَلَا حَطُّ شَيْءٍ مِنَ الأُجْرَةِ. وَتنفَسِخُ بِمَوْتِ الدَّابَّةِ وَالأَجِيرِ الْمُعَيَّنَيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ
===
(فصل: لا تنفسخ إجارةٌ بعذر) من المؤجِّر أو المستأجر (كتعذر وَقود حمام، وسفر، ومرضِ مستأجرِ دابةٍ لسَفَرٍ) لأنه لا خلل في المعقود عليه.
وكلامه قد يفهم: ثبوت الخيار للمعذور، وليس كذلك، فلو قال:(لا تفسخ). . لكان أولى.
وإنما قيدت العذر بالمؤجر والمستأجر للاحتراز عما لو خرب ما حول الدار المستأجرة، وبطلان السوق الذي فيه الحانوت المستأجَر، فإنه لا يثبت الخيار؛ كما قاله الماوردي والروياني (1)، لكن ذكر في "البحر" في موضع آخر أن عدم دخول الناس الحمام المستأجرة بسبب فتنة حادثة أو خراب الناحية. . عيبٌ يثبت الخيار (2)، قال في "المطلب" والتسوية متجه.
وبعض مشايخنا فرق: بأن الحمام مستأجر لدخول الناس إليها، فإذا تعطل. . كان عيبًا، ولا كذلك الحانوت والدار؛ فإنهما مستأجران للسكنى، وهي ممكنة على كلِّ حال. انتهى.
وضعف الفرق بأن قضيته: أنه لو حصل قحط وعُدِمَ الحَبُّ أن يثبت لمستأجر الرحى الخيار، ولم يقل به أحد.
(ولو استأجر أرضًا لزراعة فزرع فهلك الزرعُ بجائحة) كسيل أو جراد (. . فليس له الفسخ ولا حطُّ شيء من الأجرة) لأن الجائحة لحقت زرعه لا منفعةَ الأرض؛ كما لو استأجر بزازٌ حانوتًا. . فاحترق بزه.
(وتنفسخ بموت الدابة والأجيرِ المعيَّنين في المستقبل) لفوات المعقود عليه، وهو
(1) الحاوي الكبير (9/ 217)، بحر المذهب (8/ 271).
(2)
بحر المذهب (8/ 316).
لَا الْمَاضِي فِي الأَظْهَرِ، فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنَ الْمُسَمَّى. وَلَا تنفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ.
===
المنفعة قبل قبضها؛ كما ينفسخ البيع بتلف المبيع قبل القبض، (لا الماضي في الأظهر) لاستقراره بالقبض، والثاني: ينفسخ فيه أيضًا؛ لأن العقد واحد، وقد انفسخ في البعض، فلينفسخ في الباقي، وهذا إذا كان الماضي لمثله أجرة، فإن لم يكن. . انفسخ في جميع المدة.
واحترز بالمعيَّن: عما في الذمة، فلا تنفسخ بتلفه؛ لأن العقد لم يَرِدْ عليه.
(فيستقر قسطُه من المسمَّى) تفريعًا على الأظهر، فتقوم المنفعة في المدتين الماضية والباقية، ويُوَزَّع المُسمَّى على نسبة القيمة فيهما؛ كما يوزع الثمن على نسبة الأعيان إذا تلف بعضها قبل القبض، فإذا كانت أجرة مثل المدة الباقية ثلث أجرة المدتين. . رجع من المُسمَّى بثلثه، وإنما لم يوزع المُسمَّى على نسبة المدتين؛ لأن ذلك يختلف؛ إذ قد تزيد أجرة شهر على شهرين فأكثر؛ لكثرة الراغبين فيه دون غيره.
(ولا تنفسخ بموت العاقدين) أو أحدهما، بل إن مات المستأجر. . خلفه الوارث في الاستيفاء، أو المؤجِّرُ. . تُرِكَ المال عند المستأجر إلى انقضاء المدة؛ لأن الإجارة عقد لازم، فلا ينفسخ بالموت؛ قياسًا على البيع.
واستثني من عدم الانفساخ: ما لو أوصى بمنفعة داره لزيد مدةَ عُمُرِ زيدٍ فقبل الوصية، وأجرها زيد مدة ثم مات في خلالها. . انفسخت الإجارة؛ لانتهاء حقِّه بموته.
ورُدَّ الاستثناء: بأن الانفساخ بانتهاء حقِّ المؤجر بالموت لا لموت العاقد.
(ومتولِّي الوقف) أي: ناظره، لأنه ناظر للجميع، ولا يختص نظره ببعض الموقوف عليهم.
نعم؛ لو كان الناظر هو المستحق للوقف وأجَّره بدون أجرة المثل، فإنه يجوز له ذلك، ولو مات في أثناء المدة، قال ابن الرفعة: فيظهر فيه الجزم بالانفساخ، فتستثنى هذه الصورة من إطلاق المصنف.
وَلَوْ أَجَّرَ الْبَطْنُ الأَوَّلُ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا، أَوِ الْوَليُّ صَبيًّا مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بالسِّنِّ فَبَلَغَ بِالاحْتِلَامِ. . فَالأَصَحُّ: انْفِسَاخُهَا فِي الْوَقْفِ لَا الصَّبِيِّ، وَأَنَّهَا تنفسِخُ بِاَنْهِدَامِ الدَّارِ،
===
(ولو أجر البطنُ الأولُ مدةً ومات قبل تمامها، أو الوليُّ صبيًّا مدة لا يبلغ فيها بالسن فبلغ بالاحتلام. . فالأصحُّ: انفساخها في الوقف) لأن المنافع بعد موته لغيره، ولا ولاية له عليه، ولا نيابة عنه (لا الصبيِّ) لأنه ولي حين تصرفه، وقد بناه على المصلحة، فيلزم؛ كما لو زَوَّجه، والثاني: أنها لا تنفسخ في الوقف؛ كما لو أجر ملكه ومات، وتنفسخ في الصبي؛ لأنا تبينا أنه زاد على حدِّ ولايته.
وما صححه في الصبي تبع فيه "المحرر" ونقل الرافعي في "الشرحين" ترجيحَ كلٍّ منهما عن جماعة، ولم يصرح بترجيح (1)، زاد في "الروضة" أن الرافعي صحح في "المحرر" الثاني (2)؛ أي: وهو الانفساخ، وهو سبق قلم.
واحترز بقوله: (لا يبلغ فيها بالسن) عما إذا كان يبلغ فيها به، فإن المذهب: القطع ببطلان ما زاد على مدة البلوغ، وفي الباقي قولا تفريقِ الصفقة.
ولو أجر الولي مال المجنون فأفاق في أثناء المدة، فهو كبلوغ الصبي بالاحتلام.
وقد استشكل تصوير إجارة البطن الأول؛ لأنه إن شرط له النظر فهو متول، وقد مر أنها لا تنفسخ بموته، وإلا. . فلا نظر له.
وأجيب بتصويرها فيما إذا شرط الواقف لكل فرد من كلِّ بطن أن ينظر في نصيبه؛ كما ذكره صاحب "الاستقصاء"، وابن الصباغ، وسليم، وغيرهم.
وأجاب به ابنُ الصلاح في "فتاويه"، ثم ذكر ما حاصله: أنه متى كان الناظر مستحقًّا في الوقف. . انفسخت، وإن لم يكن مستحقًّا. . استمرت (3).
(وأنها تنفسخ بانهدام الدار) لزوال الاسم وفوات المنفعة، فلو انهدم بعضها. . لم تنفسخ، بل يثبت الخيار، فإن بادر المؤجر وأصلحها. . سقط الخيار.
(1) الشرح الكبير (6/ 179).
(2)
روضة الطالبين (5/ 250).
(3)
فتاوى ابن الصلاح (1/ 378).
لَا انْقِطَاعِ مَاءِ أَرْضٍ اسْتُؤْجِرَتْ لِزِرَاعَةٍ، بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ. وَغَصْبُ الدَّابَّةِ وَإِبَاقُ الْعَبْدِ يُثْبِتُ الخِيَارَ. وَلَوْ أَكْرَى جِمَالًا وَهَرَبَ وَتَرَكَهَا عنْدَ الْمُكْتَري. . رَاجَعَ الْقَاضيَ ليَمُونَهَا مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا. . اقْتَرَضَ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَثِقَ بِالْمُكْتَرِي. . دَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَإِلَّا. . جَعَلَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا قَدْرَ النَّفَقَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لِلْمُكْتَرِي فِي الإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ. . جَازَ فِي الأَظْهَرِ
===
(لا انقطاعِ ماء أرض استُؤجرت لزراعة) لبقاء اسم الأرض مع إمكان زراعتها بغير الماء المنقطع، (بل يثبت الخيار) للعيب، وهذا هو المنصوص فيهما، وقيل: لا فسخ فيهما، وقيل: فيهما قولان: أظهرهما في كلِّ مسألة: ما نُصَّ عليه، وهي الطريقة المصححة، فكان ينبغي التعبير بالمذهب.
ومحلُّ ثبوت الخيار: ما إذا لم يبادر المؤجر بسوق ماء إليها، فإن بادر به. . سقط الخيار.
(وغصبُ الدابة وإباق العبد يُثبت الخيار) لتعذر الاستيفاء، فلو بادر المؤجر إلى الانتزاع من الغاصب وإحضارِ الآبق قبل مضي مدة لمثلها أجرة. . سقط الخيار.
وصورة المسألة في إجارة العين، فأما في إجارة الذمة. . فلا خيار، بل على المؤجر الإبدالُ، فإن امتنع. . استُؤجر عليه.
(ولو أكرى جمالًا وهرب وتركها عند المكتري. . راجع القاضيَ ليَمونها من مال الجَمَّال، فإن لم يجد له مالًا. . اقترض عليه) لأنه الممكن.
(فإن وثق) القاضي (بالمكتري. . دفعه إليه) سواء اقترض منه أو من غيره (وإلا) أي: وإن لم يثق به (. . جعله عند ثقة) لينفقه عليها؛ لتعيُّنه طريقًا.
(وله) أي: للقاضي (أن يبيع منها قدرَ النفقة) عليها وعلى من يخدمها، ومحلُّ البيع منها: إذا تعذر القرض، أو أمكن ولم يرده القاضي، كما نقله ابن الملقن عن القاضي والإمام (1)، ولا يجوز بيع جميعها خشية أن تأكل أثمانها.
(ولو أذن للمكتري في الإنفاق من ماله ليرجع. . جاز في الأظهر) لأنه محلُّ ضرورة؛ كما لو استقرض منه ودفع إليه، بخلاف ما لو هرب وأخذ معه الجمال، فإن
(1) عجالة المحتاج (2/ 944).
وَمَتَى قَبَضَ الْمُكْتَرِي الدَّابَّةَ أَوِ الدَّارَ وَأَمْسَكَهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الإِجَارَةِ. . اسْتَقَرَّتِ الإِجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يَنْتفِعْ، وَكَذَا لَوِ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ إِلَى مَوْضِعٍ وَقَبَضَهَا وَمَضَتْ مُدَّةُ إِمْكَانِ السَّيْرِ إِلَيْهِ، وَسَوَاءٌ فِيهِ إِجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ إِذَا سَلَّمَ الدَّابَّةَ الْمَوْصُوفَةَ. وَتَسْتَقِرُّ فِي الإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحَةِ.
===
الحاكم يكتري عليه أو يقترض، ولا يجوز أن يكل أمر الكراء للمستأجر.
والفرق: أنه يصير وكيلًا في حقِّ نفسه، بخلاف النفقة، ذكره ابن الصباغ، هذا إذا كانت إجارةَ ذمة، فإن كانت إجارةَ عين. . فللمستأجر فسخُ العقد.
والثاني: المنع، لأنه يؤدي إلى أن يكون القول قوله فيما يستحقه على غيره، بل يأخذه القاضي ويدفعه إلى أمين، ثم الأمين يعطيه قدر الحاجة.
وأفهم: أنه لو أنفق بغير إذن الحاكم. . لم يرجع، ومحله: إذا أمكن، فإن لم يكن حاكم وأنفق وأشهد وشرط الرجوع. . رجع في الأصحِّ، ولو كان هناك حاكم وعسر إثبات الواقعة عنده. . فهو كما لو لم يكن حاكم.
(ومتى قبض المكتري الدابةَ أو الدار وأمسكها حتى مضت مدةُ الإجارة. . استقرت الأجرة وإن لم ينتفع) لتلف المنافع تحت يده فيستقر عليه البدل؛ كالمبيع إذا تلف في يد المشتري، وليس له الانتفاع بعد المدة، فإن فعل. . لزمه أجرة المثل مع المُسمَّى.
(وكذا لو اكترى دابة لركوبٍ إلى موضع وقَبَضَها، ومضت مدة إمكان السير إليه) لوجود التمكين من المؤجر بأقصى المقدور عليه، فتستقر الأجرة؛ كما لو كان الضبط بالمدة.
(وسواء فيه إجارةُ العين والذمة إذا سَلَّم الدابةَ الموصوفة) لتعين حقِّه بالتسليم، وحصول التمكين.
وقوله: (إذا سلم) متعلق بالذمة خاصة.
(وتستقر في الإجارة الفاسدة أجرةُ المثل بما يستقر به المسمَّى في الصحيحة) سواء انتفع بها أم لا، وسواء أكانت أجرةُ المثل أقلَّ من المُسمَّى أم أكثر؛ لأن المنفعة كالعين، والبيع الفاسد كالصحيح في الضمان، فكذا في الإجارة.
وتستثنى: التخلية، فإنها تكفي لقبض العقار في الإجارة الصحيحة، بخلاف
وَلَوْ أَكْرَى عَيْنًا مُدَّةً وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتِ. . انْفَسَخَتْ، وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةً وَأَجَّرَ لِرُكُوبٍ إِلَى مَوْضِعٍ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ السَّيْرِ. . فَالأَصَحُّ: أَنَّهَا لَا تنفَسِخُ. وَلَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ. . فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا تنفَسِخُ الإِجَارَةُ، وَأَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْعَبْدِ، وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مَا بَعْدَ الْعِتْقِ.
===
الفاسدة، بل لا بدَّ من القبض الحقيقي؛ كما صرح به في "الانتصار"، وقال في "البيان": إنه الذي يقتضيه المذهب (1).
وكذا الوضعُ بين يديه يكفي في الصحيحة دون الفاسدة.
(ولو أكرى عينًا مدةً، ولم يُسلِّمها حتى مضت. . انفسخت) لفوات المعقود عليه قبل قبضه.
(ولو لم يقدر مدةً وأجر لركوبٍ إلى موضع، ولم يسلمها حتى مضت مدة السير. . فالأصحُّ: أنها لا تنفسخ) لأنها مَتعلقة بالمنفعة لا بالزمان، ولم يتعذر استيفاؤها، والثاني: تنفسخ؛ كما لو حبسها المكتري.
واحترز بالعين: عن إجارة الذمة إذا لم يسلم ما تُستوفَى منه المنفعة حتى مضت مدة يمكن استيفاؤها. . فلا فسخ، ولا انفساخ قطعًا؛ لأنه دين تأخر وفاؤه.
(ولو أجر عبده ثم أعتقه. . فالأصحُّ: أنه لا تنفسخ الإجارة) لأن السيد تبرع بإزالة ملكه، ولم تكن المنافع له وقت العتق، والثاني: تنفسخ؛ كموت البطن الأول، وهو ضعيف؛ كما صرح به في "الروضة"، لا كما اقتضاه إيراد "الكتاب"(2).
(وأنه لا خيار للعبد) في فسخ الإجارة بعد العتق؛ لأن السيد تصرف في خالص ملكه، فلا تنقض، والثاني: له الخيار؛ كالأمة تعتق تحت عبد.
(والأظهر: أنه لا يرجع على سيده بأجرة ما بعد العتق) إلى انقضاء المدة؛ لأنه تصرف في منافعه حين كانت مستَحَقَّة له بعقد لازم، فصار كما لو زوج أمته واستقر مهرها بالدخول ثم أعتقها. . لا ترجع بشيء لما يستوفيه الزوج بعد العتق، والثاني: يرجع؛ لأن المنافع تُستوفَى منه قهرًا، فصار كما لو أكرهه سيده على العمل، وكما
(1) البيان (7/ 334).
(2)
روضة الطالبين (5/ 251).
وَيَصحُّ بَيْعُ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْمُكْتَرِي، وَلَا تَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ فِي الأَصَحِّ، وَلَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ. . جَازَ فِي الأَظْهَرِ
===
لا يرجع بالأجرة لا يطالبه بنفقة هذه المدة على الأصحِّ، بل نفقته في بيت المال.
(ويصحُّ بيع المستأجَرة) قبل انقضاء المدة (للمكتري) لأنها في يده من غير حائل، فأشبه بيع المغصوب من الغاصب.
(ولا تنفسخ الإجارة في الأصحِّ) لأن الملك لا ينافيها، ولهذا يستأجر ملكه من مستأجره، والثاني: تنفسخ؛ لأنه إذا ملك الرقبة. . حدثت المنافع على ملكه، فلا يستوفى بالإجارة، وكذا لو اشترى زوجته. . فإنه ينفسخ النكاح.
(ولو باعها لغيره. . جاز في الأظهر) سواء أذن المستأجر أم لا؛ لأن ثبوت العقد على المنفعة لا يمنع بيع الرقبة؛ كالأمة المزوَّجة، قال السبكي: ولي مدةٌ أَبْحَثُ هل يصحُّ القبض في مدة الإجارة أم لا؟ لأن التخلية مع يد المستأجر لا تكفي، فلم أجد فيه نقلًا إلى الآن، إلا قول الجرجاني في "الشافي": ويقبض العين ليحصل التسليم، ثم يسترجع منه، ويسلم إلى المستأجر؛ ليستوفي منفعتها إلى آخر المدة، ويُعفَى عن القدر الذي يقع التسليم فيه؛ لأنه يسير، ولا يثبت فيه خيار للمستأجر؛ كما لو انسدت بالوعة الدار. . فلا خيار؛ لأن زمن فتحها يسير.
وقول الشيخ أبي حامد: إن يد المستأجر على المنفعة ويده على الرقبة أمانة، فلم يمتنع البيع؛ كمن باع تمر نخل، ثم باع رقابها، قال: وإلزام المستأجر برفع يده يحتاج إلى دليل، ونقل أكثر من هذا. انتهى.
والثاني: المنع؛ لأن يد المستأجر حائلة عن التسليم؛ كالمرهون.
ويستثنى من محلِّ الخلاف: ما إذا هرب الجمال وترك الجمال المستأجرة، فإنه يباع منها بقدر النفقة، كما مرَّ، وكذا البيع الضمني؛ كـ (أعتق عبدك عني على كذا)، فأعتقه عنه، وهو مستأجر؛ فإنه يصحُّ قطعًا؛ لقوة العتق، كذا نقلاه في أواخر (العتق) عن القفال، وأقراه (1).
(1) الشرح الكبير (13/ 404)، روضة الطالبين (12/ 183).
وَلَا تَنْفَسِخُ.
===
(ولا تنفسخ) الإجارة كما لا ينفسخ النكاح ببيع الأمة المزوجة، فتبقى في يد المستأجر إلى انقضاء المدة، وللمشتري الخيار إن جهل الإجارة، وكذا إن جهل المدة؛ كما قاله الرافعي في (باب بيع الأصول والثمار).
فإن علم أو أجاز. . فلا أجرة له لبقية المدة.
* * *