الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَا مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ فِي الأَصَحِّ. وَإِذَا نَقَصَ الْمَغْصُوبُ بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ. . وَجَبَ الأَرْشُ مَعَ الأُجْرَةِ، وَكَذَا لَوْ نَقَصَ بِهِ؛ بِأَنْ بَلِيَ الثَّوْبُ فِي الأَصَحِّ.
فَصلٌ [في اختلاف المالك والغاصب]
ادَّعَى تَلَفَهُ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ. . صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ عَلَى الصَّحِيحِ،
===
المثل على تفصيل فيه، ذكره المصنف في آخر الباب (1).
ولا تضمن بالفوات؛ لأنَّ اليد لا تثبت عليه بل اليد على منفعته للمرأة؛ بدليل أن السيد يزوج أمته المغصوبة ولا يؤجرها؛ لأنَّ يد الغاصب حائلةٌ.
(وكذا منفعة بدن الحرِّ في الأصحِّ) لأنَّ الحرَّ لا يدخل تحت اليد؛ فمنافعه تفوت تحت يده، والثاني: أنها تضمن بالفوات أيضًا؛ لأنها تقوم في العقد الفاسد؛ أي: في الإجارة، فأشبهت منافع الأموال؛ فلو أكرهه على العمل. . استحق الأجرة.
(وإذا نَقَص المغصوب بغير استعمال) كعمى العبد (. . وجب الأرش مع الأجرة) للنقص والفوات، وتجب أجرته سليمًا من الغصب إلى حدوث النقص، ومعيبًا من حدوث النقص إلى الردِّ.
(وكذا لو نَقَص به) أي: بالاستعمال (بأن بلي الثوبُ) باللبس (في الأصحِّ) لأنَّ كلًّا منهما يجب ضمانُه عند الانفراد؛ فكذا عند الاجتماع، والثاني: أن الواجب أكثر الأمرين من أجرة المثل وأرش النقصان؛ لأنَّ النقصان نَشَأ من الاستعمال، وقد قوبل الاستعمال بالأجرة؛ فلا يجب له ضمان آخر، وردَّه الرافعي: بأن الأجرة ليست في مقابلة الاستعمال، بل في مقابلة الفوات (2).
* * *
(فصل: ادعى تلفه وأنكر المالكُ. . صُدق الغاصب بيمينه على الصحيح) لأنه قد يكون صادقًا ويعجز عن البينة؛ فيتخلد حبسه، وهذا عند إطلاقه دعوى التلف، فإن قيَّده بسبب ظاهر. . فلا يبعد أن يُحبس حتى يقيم بينةً بالتلف لإمكانه، قاله ابن
(1) منهاج الطالبين (ص 295).
(2)
الشرح الكبير (5/ 418).
فَإِذَا حَلَفَ. . غَرَّمَهُ الْمَالِكُ فِي الأَصَحِّ. وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ أَوِ الثِّيَابِ الَّتِي عَلَى الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي عَيْبٍ خَلْقِيٍّ. . صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ، وَفِي عَيْبٍ حَادِثٍ. . يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ فِي الأَصَحِّ، وَلَوْ رَدَّهُ نَاقِصَ الْقِيمَةِ. . لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ
===
الملقن (1)، وهو في "الذخائر"، كما نقله الزركشي في "الخادم"، والثاني: يصدق المالك؛ لأنَّ الأصل بقاؤُه.
(فإذا حلف. . غرَّمه المالك) المثل أو القيمة (في الأصحِّ) لعجزه عن الوصول إلى عين ماله بيمين الغاصب، والثاني: لا؛ لبقاء العين في زعمه.
(ولو اختلفا في قيمته) مع الاتفاق على الهلاك (أو الثياب التي على العبد المغصوب) فقال المالك: (هي لي)، وقال الغاصب:(هي لي)، (أو في عيب خَلقي) بأن قال:(ولد أكمه)، أو (أعرج)، أو (عدم اليد)، وقال المالك:(كان سليمًا)(. . صدق الغاصب بيمينه) أما في الأولى. . فلأن الأصل براءةُ ذمته من الزيادة، وعلى المالك البينة، وأما في الثانية. . فلثبوت يده؛ فإن العبد وما عليه في يد الغاصب.
واحترز بـ (العبد): عما لو غصب حرًّا صغيرًا، قال في "المطلب": ويشبه أن يتخرج على أن غاصبه هل تثبت يده على ثيابه؟ إن قلنا نعم. . فهو المصدق، وإلا. . صُدِّق الوليّ. انتهى، والأصحُّ في الرافعي في آخر (الباب الأوّل) من أبواب السرقة: أن يد غاصب الحرِّ وسارقه لا تثبت على ثيابه (2)، وأما في الثالثة. . فلأن الأصل العدمُ، ويمكن المالك البينة.
(وفي عيب حادث) كما إذا قال: (كان أقطع)، أو (سارقًا)(. . يُصدّق المالك بيمينه في الأصحِّ) لأنَّ الأصل والغالب السلامةُ، والثاني: يصدق الغاصب؛ لأنَّ الأصل براءةُ ذمته.
(ولو رده ناقصَ القيمة. . لم يلزمه شيء) لأنه لا نقص في ذاته ولا في صفاته، والذي فات إنما هو رَغباتُ الناس.
(1) عجالة المحتاج (2/ 886).
(2)
الشرح الكبير (11/ 220).
وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، فَصَارَتْ بِالرُّخْصِ دِرْهَمًا، ثُمَّ لَبِسَهُ فَأَبْلَاهُ فَصَارَتْ نِصْفَ دِرْهَمٍ فَرَدَّهُ. . لَزِمَهُ خَمْسَةٌ، وَهِيَ قِسْطُ التَّالِفِ مِنْ أَقْصَى الْقِيَمِ. قُلْتُ: وَلَوْ غَصَبَ خُفَّيْنِ قِيمَتُهُمَا عَشَرَةٌ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا وَرَدَّ الآخَرَ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ، أَوْ أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا غَصْبًا، أَوْ فِي يَدِ مَالِكِهِ. . لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ فِي الأَصَحِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ حَدَثَ نَقْصٌ يَسْرِي إِلَى التَّلَفِ؛ بِأَنْ جَعَلَ الْحِنْطَةَ هَرِيسَةً. . فَكَالتَّالِفِ، وَفِي قَوْلٍ: يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ.
===
(ولو غصب ثوبًا قيمته عشرة، فصارت بالرُّخص درهمًا، ثمَّ لبسه فأبلاه فصارت نصف درهم فردَّه. . لزمه خمسة، وهي قسط التالف من أقصى القيم) لأنَّ الناقص باللبس نصفُ القيمة؛ فيلزمه قيمته أكثر ما كانت من الغصب إلى التلف، وهي خمسة، والنقصان الباقي وهو أربعة ونصف سببه الرخص، وقد مرَّ أنَّه غير مضمون.
(قلت: ولو غصب خُفين قيمتهما عشرة فتلف أحدهما وردَّ الآخر وقيمته درهمان، أو أتلف أحدهما غصبًا) له فقط (أو في يد مالكه. . لزمه ثمانية في الأصحِّ، والله أعلم) خمسة للتالف، وثلاثة لأرش ما حصل من التفريق؛ لأنه في الصورة الأولى: فوَّت بالتلف ما يساوي الثمانيةَ، وفي الثانية والثالثة: أتلف أحدَهما، وأدخل النقصانَ على الباقي بتعدّيه، وظاهره: عود الخلاف إلى الجميع، وجزم في "الشرحين" في الأولى: بالثمانية (1)، لكن حكى في "زيادة الروضة" وجهًا غريبًا عن "التنبيه" و"التتمة" أنَّه يلزمه درهمان (2)، وأما في الأخيرتين. . ففيهما ثلاثة أوجه: أصحها: ما ذكره، وثانيها: يلزمه خمسة، وثالثها: درهمان، والخلاف في كلِّ فردين لا يصلح أحدهما إلا بالآخر؛ كزوجي النعل، ومصراعي الباب.
(ولو حدث نقص) في المغصوب (يسري إلى التلف؛ بأن جعل الحنطة هَرِيسة. . فكالتالف) لإشرافه على الهلاك، فكأنه هلك؛ فيغرم بدل كلِّ المغصوب من مثل أو قيمة، (وفي قول: يردُّه مع أرش النقص) قياسًا على العيب الذي لا يسري، وفي قول ثالث: أن المالك يتخير بين موجب القولين، واستحسنه في "الشرح الصغير"، واختاره السبكي.
(1) الشرح الكبير (5/ 469).
(2)
روضة الطالبين (5/ 59).
وَلَوْ جَنَى الْمَغْصُوبُ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ. . لَزِمَ الْغَاصِبَ تَخْلِيصُهُ بِالأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمَالِ، فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ. . غَرَّمَهُ الْمَالِكُ، وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَغْرِيمُهُ وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَا أَخَذَهُ الْمَالِكُ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ
===
وعلى الأوّل: هل تبقى الهَرِيسة للغاصب أم للمالك؟ وجهان، بلا ترجيح في "الشرح" و"الروضة"(1)، لكن جزم المصنف في "نكته" بالأول، وصححه السبكي، وقال: لا وجه لمقابله.
واحترز بقوله: (يسري) عما لا سراية له؛ فإن على الغاصب أرشَه وردَّ الباقي مطلقًا.
(ولو جنى المغصوب فتعلق برقبته مال. . لزم الغاصب تخليصُه) لأنه نقص في يده، وهو مضمون عليه (بالأقلِّ من قيمته والمالِ) الواجب بالجناية؛ لأنَّ الأقلَّ إن كان هو القيمةَ. . فهو الذي دخل في ضمانه، وإن كان هو المالَ المتعلق بالرقبة. . فهو الذي وجب.
(فإن تلف في يده) أي: تلف العبد الجاني في يد الغاصب (. . غرمه المالك) أقصى القيم من الغصب إلى التلف؛ كسائر الأعيان المغصوبة.
(وللمجني عليه تغريمه) أي: تغريم الغاصب؛ لأنَّ جناية المغصوب مضمونةٌ عليه، (وأن يتعلق بما أخذه المالك) من الغاصب بقدر حقِّه؛ لأنَّ حقَّه كان متعلقًا بالرقبة فيتعلق ببدلها؛ قياسًا على بدل المرهون.
(ثمَّ يرجع المالك على الغاصب) بما أخذه منه المجني عليه؛ لأنَّ أخذه؛ أعني: المالك لم يسلم له، بل أخذ منه بجناية مضمونة على الغاصب، وهذا أحد المواضع التي يُغرَّم فيها بدلان في متلف واحد.
ومقتضى قوله: (ثمَّ يرجع) أنَّه ليس للمالك مطالبة الغاصب بالأرش قبل أن يأخذ المجني عليه القيمةَ منه، وبه صرح الإمام؛ لاحتمال الإبراء (2)، وقال في "المطلب": له ذلك كما يطالب الضامن المضمون بتخليصه، قال الإسنوي:
(1) الشرح الكبير (5/ 439)، روضة الطالبين (5/ 33).
(2)
نهاية المطلب (7/ 222).
وَلَوْ رَدَّ الْعَبْدَ إِلَى الْمَالِكِ فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ. . رَجَعَ الْمَالِكُ بِمَا أَخَذَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الْغَاصِبِ. وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَنَقَلَ تُرَابَهَا. . أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ عَلَى رَدِّهِ أَوْ رَدِّ مِثْلِهِ وَإِعَادَةِ الأَرْضِ كَمَا كَانَتْ، وَلِلنَّاقِلِ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ إِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ، وَإِلَّا. . فَلَا يَرُدُّهُ بِلَا إِذْنٍ فِي الأَصَحِّ، وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَا حَفْرُ الْبِئْرِ وَطَمُّهَا. وَإِذَا أَعَادَ الأَرْضَ كَمَا كَانَتْ وَلَمْ يَبْقَ نَقْصٌ. . فَلَا أَرْشَ، لَكِنْ
===
وما ذكره بحثًا وتشبيهًا إنما يقتضي المطالبة بالأداء للمجني عليه لا للمالك، وليس كلامُ الإمام فيه.
(ولو ردَّ العبد إلى المالك فبِيع في الجناية. . رجع المالك بما أخذه المجني عليه على الغاصب) لأنَّ الجناية حصلت حين كان مضمونًا عليه.
(ولو غصب أرضًا فنقل ترابَها. . أجبره المالك على ردِّه) إن كان باقيًا (أو ردِّ مثله) إن كان تالفًا؛ لأنَّ التراب مثليٌّ كما مرَّ.
وصورة المسألة: ما إذا كشط التراب عن وجه الأرض؛ فإن أخذه من مكان واحد بحيث صار مكانه حفرة. . فقد ذكره المصنف بعد ذلك.
(وإعادةِ الأرض كما كانت) من انبساط أو ارتفاع أو انخفاض؛ لإمكان ذلك، (وللناقل الردُّ وإن لم يطالبه المالك إن كان له فيه غرض) بأن كان قد نقل التراب إلى ملك غيره، أو حصل في الأرض نقص يزول بالردِّ؛ لدفع الضرر عنه.
(وإلا) أي: وإن لم يكن له فيه غرض؛ بأن نقله إلى موات (. . فلا يردُّه بلا إذن في الأصحِّ) لأنه تصرف في ملك غيره على وجه الإتعاب بلا نفع، وذلك سفهٌ، والثاني: له ردُّه؛ لأنه ردُّ ملكه إلى محله.
ومحلُّ الخلاف: إذا لم يمنعه المالك من الردِّ؛ فإن منعه. . لم يردَّ جزمًا.
(ويقاس بما ذكرنا حفرُ البئر وطَمُّها) فله الطَّمُّ بترابه إن كان باقيًا، وكذا بمثله إن كان تالفًا على الأصحِّ، ثمَّ إن أمره المالك بالطَّمِّ. . لزمه، وإلا؛ فإن كان له فيه غرض. . استقلَّ به، وإلا. . فلا في الأصحِّ، ومن الغرض هنا دفع ضمان التردي، فإن منعه المالك وقال:(رضيت باستدامة البئر). . امتنع عليه الطَّمُّ في الأصحِّ.
(وإذا أعاد الأرض كما كانت ولم يبق نقص. . فلا أرش) لعدم الموجب له (لكن
عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمُدَّةِ الإِعَادَةِ، وَإِنْ بَقِيَ نَقْصٌ. . وَجَبَ أَرْشُهُ مَعَهَا. وَلَوْ غَصَبَ زَيْتًا وَنَحْوَهُ وَأَغْلَاهُ فَنَقَصَتْ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ. . رَدَّهُ وَلَزِمَهُ مِثْلُ الذَّاهِبِ فِي الأَصَحِّ، وَإِنْ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ فَقَطْ. . لَزِمَهُ الأَرْشُ، وَإِنْ نَقَصَتَا. . غَرِمَ الذَّاهِبَ وَرَدَّ الْبَاقِيَ مَعَ أَرْشِهِ إِنْ كَانَ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ
===
عليه أجرةُ المثل لمدة الإعادة) لأنه فوَّتها بسبب هو فيه متعدٍّ، وعبارة "الشرح" و"الروضة" لمدة الحفر والإعادة (1)، قال السبكي: وهذه أزيد فائدة.
(وإن بقي نقصٌ. . وجب أرشُه معها) أي: مع الأجرة؛ لاختلاف سببهما.
(ولو غصب زيتًا ونحوه) من الأدهان؛ كالسَّيْرج (2)(وأغلاه فنقصت عينهُ دون قيمته) بأن غصب صاعًا قيمته درهمٌ فصار إلى نصف صاع قيمته درهم (. . ردَّه ولزمه مثل الذاهب في الأصحِّ) لأنَّ له بدلًا مقدرًا، وهو المثل، فأوجبناه وإن زادت القيمة، كما لو خصى العبد فزادت قيمته؛ فإنَّه يضمن قيمته على الجديد، والزيادة الحاصلة أثر محض لا ينجبر به النقصان، والثاني: يردُّه، ولا شيء عليه؛ إذ ما فيه من الزيادة والنقصان حصل بسبب واحد؛ فينجبر النقصان بالزيادة.
(وإن نقصت القيمة فقط. . لزمه الأرش) قياسًا على غيره.
(وإن نقصتا. . غرم الذاهبَ وردَّ الباقي مع أرشه إن كان نقصُ القيمة أكثر) مما نقص من العين؛ كرطلين قيمتهما درهمان صارا بالإغلاء رطلًا قيمته نصف درهم؛ فيردُّ الباقي ويردُّ معه رطلًا ونصف درهم، فإن لم يكن نقص القيمة أكثر بألا يحصل في الباقي نقص فيغرم الذاهب ولا أرش للباقي.
وترك المصنف قسمًا رابعًا؛ لوضوحه، وهو: ما إذا لم تنقص عينه ولا قيمته؛ فيردُّه ولا شيء عليه.
ولو غصب عصيرًا وأغلاه. . فقيل: هو كالزيت؛ فيضمن مثلَ الذاهب وإن لم تنقص قيمته في الأصحِّ، والأصحُّ: أنَّه لا يضمن المثلَ والحالةُ هذه؛ لأنَّ الذاهب مائيتُه، والذاهبَ من الزيت زيت.
(1) الشرح الكبير (5/ 447)، روضة الطالبين (5/ 41).
(2)
في (د): (الشَّيْرَج) بالشين، وكلاهما صحيح.
وَالأَصَحُّ: أَنَّ السِّمَنَ لَا يَجْبُرُ نَقْصَ هُزَالٍ قَبْلَهُ، وَأَنَّ تَذَكُّرَ صَنْعَةٍ نَسِيَهَا يَجْبُرُ النِّسْيَانَ. وَتَعَلُّمُ صَنْعَةٍ لَا يَجْبُرُ نِسْيَانَ أُخْرَى قَطْعًا. وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ. . فَالأَصَحُّ: أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَالِكِ، وَعَلَى الْغَاصِبِ الأَرْشُ إِنْ كَانَ الْخَلُّ أَنْقَصَ قِيمَةً
===
(والأصحُّ: أن السِّمن لا يَجبُر نقصَ هُزالٍ قبله) مثاله: غصب جارية سمينة فهزلت ثمَّ سمنت؛ فإنَّه يردُّها وأرش السمن الأوّل؛ لأنَّ الثاني غيرُ الأوّل، والثاني: يجبر؛ كما لو جنى على عين. . فابيضت، وزال البياض.
وأشار بقوله: (نقص) إلى أن السمن المفرط الذي لا تنقص القيمة بزواله. . غير مضمون، وهو كذلك، فلو انعكس الحال؛ بأن سمنت المعتدلة عند الغاصب سمنًا مفرطًا فنقصت القيمة. . ردَّها ولا شيء عليه؛ لأنها لم تنقص حقيقةً ولا عرفًا، كذا نقله في "الكفاية" عن أبي الطيب، وأقره (1)، وقاله سليم في "المجرد" أيضًا، قال الإسنوي والمنكت:(وفيه نظر)(2).
(وأن تذكر صَنعةٍ نسيها يَجبر النسيان) أي: فيما إذا غصبه وهو يحسن صَنعة، فنسيها ثمَّ تذكرها، أو تعلمها؛ لأنَّ العائد هو الأوّل، والسمن الثاني زيادة في الجسم محسوسة مغايرة لتلك الأجزاء الذاهبة، والثاني: لا يجبر؛ كالسمن.
وقضية إطلاقه: أن التذكر في يد المالك يكون جائزًا أيضًا حتى يستردَّ ما دفع من الأرش، قال في "المطلب": وهو الذي يظهر (3).
(وتعلم صَنعة لا يَجبر نسيانَ أخرى قطعًا) وإن كانت أرفع من الأولى؛ لاختلاف الأغراض.
(ولو غصب عصيرًا فتخمر ثمَّ تخلل. . فالأصحُّ: أن الخلَّ للمالك) لأنه عين ماله، وإنما انتقل من صفة إلى صفة، (وعلى الغاصب الأرش إن كان الخلُّ أنقصَ قيمةً) من العصير؛ لحصوله تحت يده، فإن لم تنقص قيمتُه. . اقتصر عليه،
(1) كفاية النبيه (10/ 452).
(2)
السراج (4/ 146).
(3)
وقع في "الكفاية": ولو تذكر في يد الغاصب. . فالذي يظهر الجبر، وأورده في "العجالة"[2/ 890] هكذا، وأقره، وهو سبق قلم؛ فإن التذكر في يد الغاصب هي مسألة الكتاب. أهـ هامش (أ).