الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ بِدَيْنٍ وَنصْفَهُ بِآخَرَ فَبَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا .. انْفَكَّ قِسْطُهُ، وَلَوْ رَهَنَاهُ فَبَرِئَ أَحَدُهُمَا .. انْفَكَّ نَصِيبُهُ.
فصلٌ [في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به]
اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ أَوْ قَدْرِهِ .. صُدِّقَ الرَّاهِنُ بِيَمِينِهِ إِنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ، وَإِنْ شُرِطَ فِي بَيعٍ .. تَحَالَفَا. وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُمَا رَهَنَاهُ عَبْدَهُمَا بِمِئَةٍ وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا .. فَنَصِيبُ الْمُصَدِّقِ رَهْنٌ بِخَمْسِينَ، وَالْقَوْلُ فِي نَصِيبِ الثانِي قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَتُقبَلُ شَهَادَةُ الْمُصدِّقِ عَلَيْهِ. وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِهِ؛ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ، أَوْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ:
===
(ولو رهن نصفَ عبدٍ بدين، ونصفَه بآخر فبرئ من أحدهما .. انفكَّ قسطه) لتعدد الصفقة بتعدد العقد، (ولو رهناه فبرئ أحدُهما .. انفك نصيبه) لتعددها بتعدد العاقد (1).
* * *
(فصل: اختلفا في) أصل (الرهن أو قدره .. صُدِّق الراهن بيمينه إن كان رهنَ تبرع) ليس مشروطًا في بيع؛ لأن الأصل عدمُ الرهن.
ولو عبر بـ (المالك) بدل (الراهن) .. لكان أولى؛ لأن منكر الرهن ليس براهن.
(وإن شرط في بيع) أي: اختلفا في اشتراط الرهن في البيع أو في قدره ( .. تحالفا) كما لو اختلفا في سائر كيفيات البيع.
(وإن ادعى أنهما رهناه عبدهما بمئة)(2) وأقبضاه (وصَدَّقه أحدُهما .. فنصيب المصدِّق رهن بخمسين، والقول في نصيب الثاني قولُه بيمينه) لما مرَّ.
(وتُقبل شهادة المصدق عليه) أي: على النافي؛ لخلوها عن جلبِ نفعٍ له، ودفع ضرر عنه، وحينئذ فيحلف معه، أو يقيم شاهدًا آخر.
(ولو اختلفا في قبضه؛ فإن كان في يد الراهن، أو في يد المرتهن وقال الراهن:
(1) بلغ مقابلة على خط مؤلفه، عفا الله عنه. اهـ هامش (أ).
(2)
في (ب): (ولو ادعى أنهما رهناه).
(غَصَبْتَهُ) .. صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ:(أَقْبَضْته عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى) فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ ثُمَّ قَالَ: (لَمْ يَكُنْ إِقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ) .. فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، وَقِيلَ: لَا يُحَلِّفُهُ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ لإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا؛ كَقَوْلهِ: (أَشْهَدْتُ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ). وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: (جَنَى الْمَرْهُونُ)، وَأَنْكَرَ الآخَرُ .. صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينهِ. وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ:(جَنَى قَبْلَ الْقَبْضِ) .. فَالأَظْهَرُ: تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ فِي إِنْكَارِهِ،
===
"غَصَبته" .. صدق بيمينه) لأن الأصل: عدمُ اللزوم، وعدم الإذن في القبض.
(وكذا لو قال: "أقبضته عن جهة أخرى") كإعارة ونحوها (في الأصح) لأن الأصل عدمُ اللزوم، والثاني: يصدق المرتهن؛ لاتفاقهما على قبض مأذون فيه، والراهن يريد صرفَه إلى جهة أخرى، وهو خلاف الظاهر؛ لتقدم العقد المحوج إلى القبض.
(ولو أقر بقبضه، ثمَّ قال: "لم يكن إقراري عن حقيقة" .. فله تحليفه) لأن الوثائق يشهد فيها غالبًا قبل تحقيق ما فيها، (وقيل: لا يحلِّفه إلا أن يذكر لإقراره تأويلًا؛ كقوله: "أشهدت على رسم القَبالة") أي: على الكتابة الواقعة في الوثيقة، لكي أعطي بعد ذلك، وكقوله:(اعتمدت كتاب وكيلي فبان مزورًا) لأنه إذا لم يذكر تأويلًا .. يكون مكذبًا لدعواه بإقراره السابق.
وقضية كلامه: أنه لا فرق بين أن يكون الإقرار في مجلس الحكم بعد الدعوى أم لا، قال الأَذْرَعي: وهو قضية إطلاق النصِّ والعراقيين، لكن في "الشرح"، و"الروضة" عن القفال - من غير اعتراض -: أنه ليس له تحليفه حينئذ وإن ذكر تأويلًا؛ لأنه لا يكاد يقرُّ عند القاضي إلا عن تحقيق (1).
(ولو قال أحدهما: "جنى المرهون") بعد القبض (وأنكر الآخر .. صدق المنكِر بيمينه) إذ الأصل عدمُها.
(ولو قال الراهن: "جنى قبل القبض" .. فالأظهر: تصديق المرتهن بيمينه في إنكاره) لأن الراهن قد يواطئ مدعي الجناية؛ لغرض إبطال الرهن.
(1) الشرح الكبير (534)، روضة الطالبين (4/ 118).
وَالأَصحُّ: أَنَّهُ إِذَا حَلَفَ .. غَرِمَ الرَّاهِنُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَغْرَمُ الأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ .. رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، لَا عَلَى الرَّاهِنِ. فَإِذَا حَلَفَ .. بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ. وَلَوْ أَذِنَ فِي بَيع الْمَرْهُونِ فَبِيعَ وَرَجَعَ عَنِ الإِذْنِ وَقَالَ:(رَجَعْتُ قَبْلَ الْبَيع)، وَقَالَ الرَّاهِنُ:(بَعْدَهُ) .. فَالأَصحُّ: تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ
===
والثاني: يصدق الراهن؛ لأنه أقرَّ في ملكه بما يضرُّه.
ومحل الخلاف: إذا عيَّن الراهن المجني عليه، وصدقه، وادعاه، فإن لم يعينه، أو عينَّه ولم يصدقه، أو لم يدعه .. فالرهن باقٍ بحاله.
(والأصح: أنه إذا حلف .. غرم الراهن للمجني عليه) كما لو قتله؛ لأنه حالَ بينه وبين حقِّه، والثاني: لا يغرم؛ لأنه أقرَّ في رقبة العبد بما لا يقبل إقراره به؛ فكأنه لم يُقرّ.
(وأنه يغرم الأقلَّ من قيمة العبد وأرشِ الجناية) كما في جناية أم الولد؛ لامتناع البيع، وقيل: على القولين في فداء العبد الجاني:
أظهرهما: بالأقلِّ من قيمته، وأرش الجناية.
وثانيهما: بأرش الجناية بالغًا ما بلغ.
(وأنه لو نكل المرتهن .. رُدَّت اليمين على المجنيِّ عليه لا على الراهن) لأن الحقَّ له، والراهن لا يدعي لنفسه شيئًا.
والثاني: على الراهن؛ لأنه مالك العبد، والخصومة بينه وبين المرتهن، (فإذا حلف .. بيع في الجناية) لثبوتها باليمين المردودة.
(ولو أذن) المرتهن (في بيع المرهون فبيع، ورجع عن الإذن وقال: "رجعت قبل البيع"، وقال الراهن: "بعده" .. فالأصحُّ: تصديق المرتهن) لأن الأصل عدمُ رجوعه في الوقت الذي يدعيه.
والأصل: عدم بيع الراهن في الوقت الذي يدعيه، فيتعارضان، ويبقى أن الأصل: استمرار الرهن.
والثاني: يصدق الراهن؛ لتَقَوِّي جانبه بالإذن.