المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في بقية الشروط السبعة] - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٢

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابٌ [البيوع المنهي عنها]

- ‌فصلٌ [في المنهيات التي لا يقتضي النهي فسادها]

- ‌فصلٌ [في تفريق الصفقة]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فصلٌ [في خيار الشرط وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في خيار النقيصة]

- ‌فرعٌ [في عدم تفريق الصفقة بالعيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [في حكم المبيع قبل قبضه وبعده والتصرف فيه]

- ‌فَرعٌ [في تتمة أحكام الباب]

- ‌فَرعٌ [في تتمة الباب أيضًا]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمراجعة

- ‌بابُ الأصول والثّمار

- ‌فَرعٌ [في دخول ما يتبع المبيع في البيع]

- ‌فصَلٌ [في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما]

- ‌بابُ اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ [معاملة الرّقيق)

- ‌كتابُ السَّلَم

- ‌فصَلٌ [في بقية الشروط السبعة]

- ‌فَرعٌ [في محل السلم وشروطه]

- ‌فصلٌ [في بيان أخذ غير المسلم فيه عنه ووقت أدائه ومكانه]

- ‌فصلٌ [في القرض]

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فصَلٌ [في شروط المرهون به ولزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [فيما يترتب على لزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [في جناية المرهون]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به]

- ‌فصلٌ [في تعلق الدين بالتركة]

- ‌كتاب التفليس

- ‌فصلٌ [فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما]

- ‌فَصْلٌ [في رجوع المعامل للمفلس عليه بما عامله به ولم يقبض عوضه]

- ‌بابُ الحَجْر

- ‌فَصْلٌ [فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

- ‌بابُ الصُّلْح

- ‌فَصْلٌ [في التزاحم على الحقوق المشتركة]

- ‌بابُ الحَوالة

- ‌بابُ الضَّمان

- ‌فصلٌ [في كفالة البدن]

- ‌فصلٌ [في صيغتي الضمان والكفالة]

- ‌كتابُ الشّركة

- ‌كتابُ الوكالة

- ‌فصَلٌ [في أحكام الوكالة بعد صحتها]

- ‌فصَلٌ [فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة]

- ‌فصَلٌ [في بيان جواز الوكالة وما تنفسخ به]

- ‌كتابُ الإقرار

- ‌فَصْلٌ [في الصيغة]

- ‌فَصْلٌ [في شروط المُقَرِّ به]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أنواع من الإقرار وفي بيان الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار بالنسب]

- ‌كتابُ العاريَّة

- ‌فَصْلٌ [في رد العارية]

- ‌كتابُ الغَصْب

- ‌فَصلٌ [في بيان حكم الغصب]

- ‌فَصلٌ [في اختلاف المالك والغاصب]

- ‌فَصلٌ [فيما يطرأ على المغصوب من زيادة ووطء وانتقال]

- ‌كتابُ الشُّفْعة

- ‌فَصلٌ [في بيان بدل الشقص الذي يؤخذ به والاختلاف في قدر الثمن]

- ‌كتابُ القِراض

- ‌فَصْلٌ [في بيان الصيغة وما يشترط في العاقدين]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين]

- ‌كتابُ المساقاة

- ‌فَصْلٌ [فيما يشترط في عقد المساقاة]

- ‌كتابُ الإِجَارة

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط المنفعة وما تقدر به]

- ‌فَصْلٌ [في منافع يمتنع الاستئجار لها ومنافع يخفى الجواز فيها وما يعتبر فيها]

- ‌فَصْلٌ [فيما يلزم المكري أو المكتري لعقار أو دابة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان غاية المدة التي تقدر بها المنفعة تقريبًا]

- ‌فَصْلٌ [فيما يقتضي انفساخ الإجارة والتخيير في فسخها وما لا يقتضيهما]

- ‌كتابُ إحياء المَوات

- ‌فَصْلٌ [في حكم المنافع المشتركة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض]

- ‌كتابُ الوَقْف

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف اللفظية]

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف المعنوية]

- ‌فصلٌ [في بيان النظر على الوقف وشرطه ووظيفة الناظر]

- ‌كتابُ الهِبَة

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌فصلٌ [في بيان لقط الحيوان وغيره وتعريفها]

- ‌فصلٌ [في تملك اللقطة وغرمها وما يتبعها]

- ‌كتابُ اللَّقيط

- ‌فصلٌ [في الحكم بإسلام اللقيط]

- ‌فصلٌ [في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه وتوابع ذلك]

- ‌كتابُ الجعالة

- ‌كتابُ الفرائض

- ‌فصلٌ [في بيان الفروض التي في القرآن الكريم وذويها]

- ‌فصلٌ [في الحجب]

- ‌فصلٌ [في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادًا واجتماعًا]

- ‌فصلٌ [في كيفية إرث الأصول]

- ‌فصلٌ [في إرث الحواشي]

- ‌فصلٌ [في الإرث بالولاء]

- ‌فصلٌ [في حكم الجد مع الإخوة]

- ‌فصلٌ [في موانع الإرث]

- ‌فصلٌ [في أصول المسائل وما يعول منها]

- ‌فَرْعٌ [في تصحيح المسائل]

- ‌فَرْعٌ [في المناسخات]

- ‌كتابُ الوصايا

- ‌فصَلٌ [في الوصية لغير الوارث وحكم التبرعات في المرض]

- ‌فصلٌ [في بيان المرض المخوف ونحوه]

- ‌فصلٌ [في أحكام الوصية الصحيحة ولفظها]

- ‌فصلٌ [في أحكام معنوية للموصى به]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الوصية]

- ‌فَصْلٌ [في الإيصاء وما يتبعه]

- ‌كتابُ الوَدِيعة

- ‌كتابُ قَسْم الفيء والغنيمة

- ‌فَصْلٌ [في الغنيمة وما يتبعها]

- ‌كتابُ قَسْم الصّدقات

- ‌فَصْلٌ [في بيان مستند الإعطاء وقدر المعطى]

- ‌فَصْلٌ [في القسمة بين الأصناف وما يتبعها]

- ‌فَصْلٌ [في صدقة التطوع]

الفصل: ‌فصل [في بقية الشروط السبعة]

وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالأَجَلِ. فَإِنْ عَيَّنَ شُهُورَ الْعَرَبِ أَوِ الْفُرْسِ أَوِ الرُّومِ .. جَازَ، وَإِنْ أَطْلَقَ .. حُمِلَ عَلَى الْهِلَالِيِّ، فَإِنِ انْكَسَرَ شَهْرٌ .. حُسِبَ الْبَاقِي بالأَهِلَّةِ وَتُمِّمَ ألأَوَّلُ ثَلَاثِينَ. وَالأَصَحُّ: صِحَّةُ تأْجِيلِهِ بالْعِيدِ وَجُمَادَى، وَيُحْمَلُ عَلَى الأَوَّلِ.

‌فصَلٌ [في بقية الشروط السبعة]

يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ: مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ عِنْدَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ كَانَ يُوجَدُ بِبَلَدٍ آخَرَ .. صَحَّ إِنِ اعْتِيدَ نَقْلُهُ لِلْبَيعِ، وَإِلَّا .. فَلَا،

===

(ويشترط العلم بالأجل) فلا يجوز بما يختلف؛ كالحصاد، وقدوم الحاجِّ، والميسرة؛ للآية والحديث السالفَيْن (1).

(فإن عين شهورَ العرب أو الفرس أو الروم .. جاز) لأنها معلومة مضبوطة.

(وإن أطلق) الشهر ( .. حُمل على الهلالي) لا الشمسي؛ لأنه عرف الشرع، وكذا السنة؛ كما صرح به في "المحرر"(2).

(فإن انكسر شهر .. حُسب الباقي بالأهلة وتُمِّم الأول ثلاثين) لتعذر اعتبار الهلال فيه، وقيل: إذا انكسر الأول .. انكسر الجميع.

(والأصحُّ: صحة تأجيله بالعيد وجمادى، ويحمل على الأول) لتحقق الاسم به، والثاني: يفسد؛ لتردده بينهما، ولو قال:(بعد رمضان إلى العيد) .. حمل على عيد الأضحى؛ لأنه الذي يلي العقد، قاله ابن الرفعة (3).

* * *

(فصل: يشترط كون المسلم فيه: مقدورًا على تسليمه عند وجوب التسليم) لأن المعجوز عن تسليمه يمتنع بيعه، فيمتنع السَّلم فيه.

(فإن كان يوجد ببلد آخر .. صحَّ إن اعتمد نقله للبيع، وإلا .. فلا) سواء أكان لا ينقل منها أصلًا أم ينقل ولكن على ندور، أم ينقل لا للبيع بل للهدية ونحوها.

(1) في (ص 105).

(2)

المحرر (ص 159).

(3)

كفاية النبيه (9/ 353).

ص: 113

وَلَوْ أَسْلَمَ فِيمَا يَعُمُّ فَانْقَطَعَ فِي مَحِلِّهِ .. لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الأَظْهَرِ، فَيَتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ بَيْنَ فَسْخِهِ، وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ، وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْمَحِلِّ انْقِطَاعَهُ عِنْدَهُ .. فَلَا خِيَارَ قَبْلَهُ فِي الأَصَحِّ. وَكَوْنُهُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ عَدًّا أَوْ ذَرْعًا، وَيَصِحُّ فِي الْمَكِيلِ وَزْنًا وعَكْسُهُ،

===

وهذا الضابط نقله الرافعي في "الشرح" عن الإمام، وجزم به في "المحرر"(1)، لكن ذكر في "الشرح" آخر الفصل في الكلام على الانقطاع كلامًا آخر حاصلُه: مخالفة الإمام رجحانَ اعتبار مسافة القصر، وقد أوضحه في "المهمات"(2).

(ولو أسلم فيما يعُمُّ فانقطع في محلِّه) بكسر الحاء ( .. لم ينفسخ في الأظهر) لتعلقه بالذمة؛ كإفلاس المشتري بالثمن.

والمراد بالانقطاع: ألا يوجد، أو يوجد ولا يباع، أو يوجد ببلد آخر ولو نقل .. لفسد، فلو كان يباع بثمن غال .. وجب تحصيله، وإن أمكن نقله من بلد آخر من غير فساد .. وجب إن قرب، وقد مرَّ بما يضبط القرب.

(فيتخير المسلم بين فسخه، والصبر حتى يوجد) فإن أجاز ثم بدا له .. مُكِّن من الفسخ؛ كزوجة المُولي؛ بناءً على أن خياره على التراخي، وهو الصحيح، والقول الثاني: ينفسخ؛ كما لو تلف المبيع قبل القبض.

(ولو علم قبل المَحِلِّ انقطاعه عنده .. فلا خيار قبله في الأصحِّ) لأنه لم يدخل وقت وجوب التسليم، والثاني: نعم؛ لتحقق العجز في الحال.

(وكونه معلوم القدر كيلًا أو وزنًا أو عدًّا أو ذرعًا) أما الأولان .. فللحديث المارِّ أول الباب (3)، وأما الأخيران .. فبالقياس.

(ويصحُّ في المكيل وزنًا، وعكسه)(4) إذ المقصود معرفةُ المقدار، بخلاف

(1) الشرح الكبير (4/ 401)، المحرر (ص 159).

(2)

الشرح الكبير (4/ 403)، المهمات (4/ 293).

(3)

في (ص 109).

(4)

في (ب): (ويصح المكيل وزنًا).

ص: 114

وَلَوْ أَسْلَمَ فِي مِئَةِ صَاعِ حِنْطَةٍ عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا .. لَمْ يَصِحَّ. وَيُشْتَرَطُ الْوَزْنُ فِي الْبِطِّيخِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْقُثَّاءِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالرُّمَّانِ. وَيَصِحُّ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بِالْوَزْنِ فِي نَوْعٍ يَقِلُّ اخْتِلَافُهُ، وَكَذَا كَيْلًا فِي الأَصَحِّ

===

الربويات، فإن الغالب فيها التعبد، كذا أطلقوه (1)، وحمله الإمام على ما يُعدُّ الكيلُ في مثله ضابطًا (2).

فلو أسلم في فُتات المسك والعَنْبَر، ونحوهما كيلًا .. لم يصحَّ؛ لكثرة مالية يسيرِهِ، حكاه الشيخان عنه، وأقراه (3)، وجزم به المصنف في "التصحيح"(4)، لكن الرافعي جزم بعد ذلك بالجواز في اللآلئ الصغار إذا عمَّ وجودها كيلًا (5) فيحتمل مخالفته؛ لما مرَّ، وهو ما فهمه في "الروضة"(6)، ويحتمل أن يفرق بينهما: بأن الكيل يَحصُر اللآلئ الصغار؛ لرزانتها في الكيل، بخلاف المسك ونحوه، وأيضًا فإن ذلك الكلام فيما له خَطَرٌ، واللآلئ الصغار المرادة للتداوي قد لا يكون لها خَطَرٌ.

(ولو أسلم في مئة صاعِ حنطةٍ على أن وزنها كذا .. لم يصحَّ) لأنه يورث عزَّة الوجود.

(ويشترط الوزن في البطيخ والباذنجان والقِثَّاء، والسَّفَرجل والرُّمّان) والرانج، والبيض، ولا يكفي الكيل؛ لتجافيه في المكيال، ولا العدد؛ لكثرة التفاوت.

(ويصحّ في الجوز واللوز بالوزن) لا بالعدد (في نوع يقلُّ اختلافه) فإن اختلفت قشوره بالغلظ والرقة .. امتنع السلم فيه؛ لاختلاف الغرض.

(وكذا كيلًا في الأصحِّ) كالحبوب، والثاني: لا؛ لتجافيها في المكيال.

والخلاف قولان؛ فالأول: منصوص "المختصر"(7)، والثاني: منصوص "البويطي".

(1) الشرح الكبير (4/ 405)، روضة الطالبين (4/ 14).

(2)

نهاية المطلب (6/ 49).

(3)

الشرح الكبير (4/ 405)، روضة الطالبين (4/ 14).

(4)

تصحيح التنبيه (1/ 308).

(5)

الشرح الكبير (4/ 411).

(6)

روضة الطالبين (4/ 17).

(7)

مختصر المزني (1/ 93).

ص: 115

وَيُجْمَعُ فِي اللَّبنِ بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ. وَلَوْ عَيَّنَ كَيْلًا .. فَسَدَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا، وَإِلَّا .. فَلَا فِي الأَصحِّ. وَلَوْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ .. لَمْ يَصِحَّ، أَوْ عَظِيمَةٍ .. صحَّ فِي الأَصَحِّ. وَمَعْرِفَةُ الأَوْصَافِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا،

===

(ويجمع في اللَّبِن بين العدِّ والوزن) فيقول: (كذا لبنة، وزن كل واحدة كذا) لأنها تُضرب عن اختيار فلا تؤدي إلى عزَّة الوجود، ثم الأمر في وزنها على التقريب، وفي "زيادة الروضة" لم يعتبر العراقيون أو معظمهم الوزن، ونصَّ في "الأم" على أنه مستحب، لكن يشترط أن يذكر طوله وعَرْضه وثخانته، وأنه من طين معروف (1).

(ولو عيَّن كيلًا .. فسد إن لم يكن معتادًا) ولم يعرف مقداره، كالكوز والقَصْعة بالإجماع؛ لأنه مجهول، ولأن فيه غررًا؛ لأنه قد يتلف قبل المحِلِّ، وينبني على المعنيين ما لو قال:(بعتك ملء هذا الكوز من هذه الصبرة)، والأصح: الصحة؛ اعتمادًا على المعنى الثاني، وهو انتفاء الغرر.

(وإلا .. فلا في الأصحِّ) أي: وإن كان معتادًا .. لم يفسد، بل يلغو تعيينه؛ كسائر الشروط التي لا غرض فيها، والثاني: يفسد؛ لتعرضه للتلف.

والمراد بالتعيين: تعيين الفرد من نوع المكيال، أما تعيين نوع المكيال بالغلبة أو بالتنصيص عليه .. فلا بدَّ من اشتراطه.

(ولو أسلم في) مقدار من (ثمر قرية صغيرة .. لم يصحَّ) بالإجماع؛ خشيةً من انقطاعه لجائحة ونحوها، وذلك غرر.

(أو عظيمةٍ .. صحَّ في الأصحِّ) لعدم انقطاعه غالبًا، والثاني: أنه كتعيين المكيال؛ لعدم الفائدة.

ومحل الخلاف: إذا لم يُفدْ تنويعًا، فإن أفاده كمَعْقِلي البصرة .. جاز قطعًا؛ لأنه مع مَعْقِلي بغداد صنفٌ واحد، لكن يختلفان في الأوصاف؛ فله غرض في ذلك.

(و) يشترط (معرفة الأوصاف التي يختلف بها الغرضُ اختلافًا ظاهرًا) لتقريبه من المعاينة، ولأن القيمة تختلف بسببها.

(1) روضة الطالبين (4/ 14).

ص: 116

وَذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إِلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ، فَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ كَالْمُخْتَلِطِ الْمَقْصُودِ الأَرْكَانِ؛ كَهَرِيسَةٍ وَمَعْجُونٍ وَغَالِيَةٍ وَخُفٍّ وَتُرْيَاقٍ مَخْلُوطٍ، وَالأَصَحُّ: صِحَّتُهُ فِي الْمُخْتَلِطِ الْمُنْضَبِطِ كَعَتَّابِيٍّ وَخَزٍّ، وَجُبْنٍ وَأَقِطٍ وَشَهْدٍ، وَخَلِّ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ،

===

واحترز بقوله: (ظاهرًا) عمَّا يتسامح الناس بإهمال ذكره.

(وذكرها في العقد) ليتميز المعقود عليه، فلا يكفي ذكرها بعده وإن كان في مجلس العقد، ويكون ذكرها (على وجه لا يؤدي إلى عِزَّة الوجود) لأن السلم غررٌ، فلا يجوز إلا فيما يوثق بتسليمه.

(فلا يصحُّ فيما لا ينضبط مقصوده؛ كالمختلط المقصود الأركان؛ كهَرِيسة ومعجون وغالية وخفّ وتِرْياق) طاهر (مخلوط) لأن الغالية مركبة من مسك وعنبر وعود وكافور، كما قاله الرافعي (1)، والخف مركب من ظهارة وبطانة.

واحترز بالترياق المختلط: عما إذا كان نباتًا أو حجرًا؛ فإنه يجوز السلم فيه، وقد يفهم الجواز في خف متخذ من شيء واحد، وليس كذلك؛ بناءً على منع السلم في الجلود، وهو الأصح.

(والأصحُّ: صحته في المختلط المنضبط؛ كعتَّابيٍّ، وخَزٍّ) لتيسُّر ضبط كلِّ جزء من الأجزاء، والثاني: المنع؛ كالمعجون، والعتابي: من قطن وحرير، والخزّ: من إِبْرَيْسمٍ ووبر، أو صوف.

(وجبن وأَقِط وشهد، وخلِّ تمر أو زبيب) إذ الملح والإِنْفَحةُ في الجُبْن، والأقِط، والماء في خلِّ التمر والزبيب من مصالحه، والثاني: لا؛ كاللبن المخلوط بالماء.

وأما الشهد .. فوجه الصحة: قياسه على التمر، ووجه المنع: أن الشمع فيه يقلُّ ويكثر، وهذا ما نصَّ عليه في "الأم"(2)، واختاره السبكي.

(1) الشرح الكبير (4/ 408).

(2)

الأم (4/ 216).

ص: 117

لَا الْخُبْزِ فِي الأَصَحِّ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ. وَلَا يَصِحُّ فِيمَا نَدَرَ وُجُودُهُ؛ كَلَحْمِ الصَّيْدِ بِمَوْضِعِ الْعِزَّةِ، وَلَا فِيمَا لَوِ اسْتُقْصِيَ وَصفُهُ .. عَزَّ وُجُودُهُ؛ كَاللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ وَالْيَوَاقِيتِ، وَجَارِيَةٍ وَأُخْتِهَا أَوْ وَلَدِهَا.

===

(لا الخبز في الأصحِّ عند الأكثرين) لاختلاف الغرض بقدر الملح، وتأثير النار فيه تأثيرًا غير منضبط، وهو مانع من الصحة، كما سيأتي، والثاني: يصحُّ؛ لأن ناره مضبوطة، والملح غير مقصود.

(ولا يصحُّ فيما ندر وجوده؛ كلحم الصيد بموضع العِزَّةِ) لأنه عقد غرر، فلا يحتمل إلا فيما يوثق بتسليمه.

(ولا فيما لو استُقصيَ وصفه) الذي يجب ذكرُه في السلم (عزَّ وجوده؛ كاللؤلؤ الكبار، واليواقيت) إذ لا بدّ فيها من ذكر الحجم والشكل والوزن واللون والصفاء، واجتماعها نادر، ويجوز في صغار اللآلئ العامة الوجود؛ كيلًا ووزنًا، وضبط جماعة الصغارَ: بما يطلب للتداوي لا للزينة، وضبطه الجويني: بسدس دينار (1)، قالا: والوجه أن اعتبار السدس للتقريب (2).

(وجاريةٍ وأختها أو ولدها) وشاةٍ وسخلتها؛ لندرة اجتماعهما بالصفات، واستشكله الرافعي بما لو شرط كون العبد كاتبًا، أو الجارية ماشطة .. فإنه يندر اجتماع ذلك مع الصفات المشروطة، ومع ذلك يصحُّ (3).

وفرق في "المهمات" بينهما بما ملخصه: أن الكتابة والمشط يسهل تحصيله بالاكتساب، بخلاف البنوَّة والأخوَّة؛ فإنه وصف غير مكتسب فيعزّ وجوده مع باقي الأوصاف. انتهى (4).

وقيَّد الإمام المنع بمن تكثر صفاتها بخلاف الزنجية، وبحث فيه الرافعي (5).

* * *

(1) نهاية المطلب (6/ 60).

(2)

الشرح الكبير (4/ 411)، روضة الطالبين (4/ 17).

(3)

الشرح الكبير (4/ 411 - 412).

(4)

المهمات (5/ 299).

(5)

نهاية المطلب (6/ 41)، الشرح الكبير (4/ 411).

ص: 118