المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتابُ الوكالة شَرْطُ الْمُوَكِّلِ: صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ مَا وَكَّلَ فِيهِ بِمِلْكٍ أَوْ - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ٢

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابٌ [البيوع المنهي عنها]

- ‌فصلٌ [في المنهيات التي لا يقتضي النهي فسادها]

- ‌فصلٌ [في تفريق الصفقة]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فصلٌ [في خيار الشرط وما يتبعه]

- ‌فصلٌ [في خيار النقيصة]

- ‌فرعٌ [في عدم تفريق الصفقة بالعيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [في حكم المبيع قبل قبضه وبعده والتصرف فيه]

- ‌فَرعٌ [في تتمة أحكام الباب]

- ‌فَرعٌ [في تتمة الباب أيضًا]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمراجعة

- ‌بابُ الأصول والثّمار

- ‌فَرعٌ [في دخول ما يتبع المبيع في البيع]

- ‌فصَلٌ [في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما]

- ‌بابُ اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ [معاملة الرّقيق)

- ‌كتابُ السَّلَم

- ‌فصَلٌ [في بقية الشروط السبعة]

- ‌فَرعٌ [في محل السلم وشروطه]

- ‌فصلٌ [في بيان أخذ غير المسلم فيه عنه ووقت أدائه ومكانه]

- ‌فصلٌ [في القرض]

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فصَلٌ [في شروط المرهون به ولزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [فيما يترتب على لزوم الرهن]

- ‌فصلٌ [في جناية المرهون]

- ‌فصلٌ [في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به]

- ‌فصلٌ [في تعلق الدين بالتركة]

- ‌كتاب التفليس

- ‌فصلٌ [فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما]

- ‌فَصْلٌ [في رجوع المعامل للمفلس عليه بما عامله به ولم يقبض عوضه]

- ‌بابُ الحَجْر

- ‌فَصْلٌ [فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله]

- ‌بابُ الصُّلْح

- ‌فَصْلٌ [في التزاحم على الحقوق المشتركة]

- ‌بابُ الحَوالة

- ‌بابُ الضَّمان

- ‌فصلٌ [في كفالة البدن]

- ‌فصلٌ [في صيغتي الضمان والكفالة]

- ‌كتابُ الشّركة

- ‌كتابُ الوكالة

- ‌فصَلٌ [في أحكام الوكالة بعد صحتها]

- ‌فصَلٌ [فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة]

- ‌فصَلٌ [في بيان جواز الوكالة وما تنفسخ به]

- ‌كتابُ الإقرار

- ‌فَصْلٌ [في الصيغة]

- ‌فَصْلٌ [في شروط المُقَرِّ به]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أنواع من الإقرار وفي بيان الاستثناء]

- ‌فَصْلٌ [في الإقرار بالنسب]

- ‌كتابُ العاريَّة

- ‌فَصْلٌ [في رد العارية]

- ‌كتابُ الغَصْب

- ‌فَصلٌ [في بيان حكم الغصب]

- ‌فَصلٌ [في اختلاف المالك والغاصب]

- ‌فَصلٌ [فيما يطرأ على المغصوب من زيادة ووطء وانتقال]

- ‌كتابُ الشُّفْعة

- ‌فَصلٌ [في بيان بدل الشقص الذي يؤخذ به والاختلاف في قدر الثمن]

- ‌كتابُ القِراض

- ‌فَصْلٌ [في بيان الصيغة وما يشترط في العاقدين]

- ‌فَصْلٌ [في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين]

- ‌كتابُ المساقاة

- ‌فَصْلٌ [فيما يشترط في عقد المساقاة]

- ‌كتابُ الإِجَارة

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط المنفعة وما تقدر به]

- ‌فَصْلٌ [في منافع يمتنع الاستئجار لها ومنافع يخفى الجواز فيها وما يعتبر فيها]

- ‌فَصْلٌ [فيما يلزم المكري أو المكتري لعقار أو دابة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان غاية المدة التي تقدر بها المنفعة تقريبًا]

- ‌فَصْلٌ [فيما يقتضي انفساخ الإجارة والتخيير في فسخها وما لا يقتضيهما]

- ‌كتابُ إحياء المَوات

- ‌فَصْلٌ [في حكم المنافع المشتركة]

- ‌فَصْلٌ [في بيان حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض]

- ‌كتابُ الوَقْف

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف اللفظية]

- ‌فَصْلٌ [في أحكام الوقف المعنوية]

- ‌فصلٌ [في بيان النظر على الوقف وشرطه ووظيفة الناظر]

- ‌كتابُ الهِبَة

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌فصلٌ [في بيان لقط الحيوان وغيره وتعريفها]

- ‌فصلٌ [في تملك اللقطة وغرمها وما يتبعها]

- ‌كتابُ اللَّقيط

- ‌فصلٌ [في الحكم بإسلام اللقيط]

- ‌فصلٌ [في بيان حرية اللقيط ورقه واستلحاقه وتوابع ذلك]

- ‌كتابُ الجعالة

- ‌كتابُ الفرائض

- ‌فصلٌ [في بيان الفروض التي في القرآن الكريم وذويها]

- ‌فصلٌ [في الحجب]

- ‌فصلٌ [في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادًا واجتماعًا]

- ‌فصلٌ [في كيفية إرث الأصول]

- ‌فصلٌ [في إرث الحواشي]

- ‌فصلٌ [في الإرث بالولاء]

- ‌فصلٌ [في حكم الجد مع الإخوة]

- ‌فصلٌ [في موانع الإرث]

- ‌فصلٌ [في أصول المسائل وما يعول منها]

- ‌فَرْعٌ [في تصحيح المسائل]

- ‌فَرْعٌ [في المناسخات]

- ‌كتابُ الوصايا

- ‌فصَلٌ [في الوصية لغير الوارث وحكم التبرعات في المرض]

- ‌فصلٌ [في بيان المرض المخوف ونحوه]

- ‌فصلٌ [في أحكام الوصية الصحيحة ولفظها]

- ‌فصلٌ [في أحكام معنوية للموصى به]

- ‌فَصْلٌ [في الرجوع عن الوصية]

- ‌فَصْلٌ [في الإيصاء وما يتبعه]

- ‌كتابُ الوَدِيعة

- ‌كتابُ قَسْم الفيء والغنيمة

- ‌فَصْلٌ [في الغنيمة وما يتبعها]

- ‌كتابُ قَسْم الصّدقات

- ‌فَصْلٌ [في بيان مستند الإعطاء وقدر المعطى]

- ‌فَصْلٌ [في القسمة بين الأصناف وما يتبعها]

- ‌فَصْلٌ [في صدقة التطوع]

الفصل: ‌ ‌كتابُ الوكالة شَرْطُ الْمُوَكِّلِ: صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ مَا وَكَّلَ فِيهِ بِمِلْكٍ أَوْ

‌كتابُ الوكالة

شَرْطُ الْمُوَكِّلِ: صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ مَا وَكَّلَ فِيهِ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ، فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا الْمَرْأَةِ وَالْمُحْرِمِ فِي النِّكِاحِ،

===

(كتاب الوكالة)

هي بفتح الواو وكسرها. وهي في اللغة: التفويض، وفي الاصطلاح: تفويض ما له فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حال حياته.

والأصل فيها: الإجماع، والسنة الصحيحة الشهيرة؛ كقصة عروة البارقي وغيره، وفي القرآن ما يدلُّ عليها، وهو قوله تعالى:{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} الآية، بل قال القاضي الحسين وغيره: إنه مندوب إليها.

(شرط الموكِّل: صحة مباشرته ما وكل فيه بملك أو ولاية، فلا يصحُّ توكيل صبي ولا مجنون) لأن الوكيل فرع ونائب عن الموكل، فإذا لم يقدر الأصلُ على تعاطي الشيء .. فنائبه أولى ألا يقدر، والمغمى عليه كالمجنون، وكذا النائم.

واحترز بالملك والولاية: عن الوكيل فإنه لا يوكل عند الإطلاق؛ كما سيأتي؛ لأنه ليس بمالك ولا ولي، وعن العبد المأذون؛ لأنه إنما يتصرف بالإذن فقط، وهذا الضابط ذكره الغزالي (1)، وأورد عليه الرافعي الوكيل؛ فإنه قد يوكل عنه لا عن الموكل؛ كما سيأتي، وحينئذ فلا يصحُّ اشتراط كون الموكِّل مالكًا للتصرف بملك أو ولاية (2).

وقوله: (ما وكل) هو بفتح الواو.

(ولا المرأة والمحرم في النكاح) أما المرأة .. فلأنها لا تزوج نفسها، والمراد: أنها لا توكل أجنبيًّا في تزويجها، فأما لو أذنت للولي بصيغة الوكالة .. فإنه يصحُّ؛ كما نقله في "البيان" عن النصِّ (3).

(1) الوجيز (ص 217).

(2)

الشرح الكبير (5/ 216).

(3)

البيان (9/ 192).

ص: 245

وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الطِّفْلِ، وَيُسْتَثْنَى تَوْكِيلُ الأَعْمَى فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ .. فَيَصِحُّ

===

وأما المحرم .. فللنهي عنه في "صحيح مسلم"(1)، وهذا محمول على ما إذا وكَّله ليعقد عنه في حال الإحرام، فإن وكَّله ليعقد له بعد التحلل، أو أطلق .. صحَّ، وكذا لو وكَّل حلالٌ محرمًا ليوكِّل حلالًا بالتزويج على الأصح؛ لأنه سفير محض.

(ويصحُّ توكيل الولي في حقِّ الطفل) في النكاح وغيره؛ لولايته عليه.

وتعبيره بالطفل تبع فيه "المحرر"(2)، والصواب: حذفه؛ كما هو في "الشرح" و"الروضة"؛ ليدخل المجنون والسفيه.

(ويستثنى) مما ذكرناه (توكيل الأعمى في البيع والشراء) وكذا سائر العقود المتوقفة على الرؤية؛ كالإجارة والأخذ بالشفعة (فيصحُّ) وإن لم يَقدر على مباشرته؛ للضرورة.

ويستثنى من هذا الضابط: مسائل كثيرة؛ بعضُها من طرده، وبعضها من عكسه؛ فمما يستثنى من طرده: الولي غير المجبر، إذا أذنت له في النكاح ونهته عن التوكيل، فلا يوكل قطعًا، ومنها: إذا جوزنا لصاحب الدين أن يكسر الباب ويأخذ ما يجده، فإنه لا يجوز له التوكيل فيه، كما صرح به جماعة، ومنها: التوكيل في الإقرار ممتنع على الصحيح، ومنها: إذا أسلم على أكثر من أربع نسوة له أن يختار أربعًا، ولا يوكل في ذلك، إلا إذا عين الموكل المختارات للنكاح، فيجوز في الأصح.

ومما يستثنى من العكس: توكيل المشتري البائع، أو المسلم المسلم إليه في أن يوكل من يقبض عنه، فإنه يصحُّ مع استحالة مباشرته القبضَ من نفسه، ومنها: إذا قال: (إن طلقتك .. فأنت طالق قبله ثلاثًا) وقلنا: لا يقع الطلاق، فوكل .. فإنه يصحُّ، كما قاله الرافعي، ومنها: التوكيل في استيفاء قصاص الطرف وحدِّ القذف، فإنه جائز مع امتناع الموكل من مباشرته، ومنها: مسألة توكيل الحلال محرمًا، ليوكل حلالًا في التزويج؛ كما مرَّ.

(1) صحيح مسلم (1409) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.

(2)

المحرر (ص 195).

ص: 246

وَشَرْطُ الْوَكِيلِ: صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ، لَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالْمُحْرِمُ فِي النِّكَاحِ، لَكِنِ الصَّحِيحُ: اعْتِمَادُ قَوْلِ صَبِيٍّ فِي الإِذْنِ فِي دُخُولِ دَارٍ وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ، وَالأَصَحُّ: صِحَّةُ تَوْكِيلِ عَبْدٍ فِي قَبُولِ نِكَاحٍ،

===

(وشرط الوكيل: صحة مباشرته التصرفَ لنفسه) كما في الموكل.

ويستثنى توكيل الولي فاسقًا في بيع مال محجوره، فإنه لا يجوز.

(لا صبيٍّ ومجنون) لسلب عبارتهما، والمغمى عليه كالمجنون، وكذا النائم.

ومحلُّ عدم صحة توكيل الصبي: فيما لا يصحُّ منه مباشرته، فيجوز توكيله في حجِّ التطوع والذبح ولو في أضحية، وفي تفرقة الزكاة؛ كما مرَّ في بابه.

(وكذا المرأة والمُحرم في النكاح) لسلب عبارتهما فيه إيجابًا وقبولًا.

و(المحرم) بضم الميم، أما مفتوحها .. فيجوز أن يكون وكيلًا في القبول وإن كان لا يصحُّ تعاطيه لنفسه، وألحق بعضهم الخنثى بالمرأة؛ للشك في أهليته.

(لكن الصحيح: اعتماد قول صبي في الإذن في دخول دار وإيصال هدية) لتسامح السلف في مثل ذلك، وهو توكيل من جهة الآذن والمهدي، والثاني: لا؛ كغيره من التصرفات.

ومحل الخلاف: إذا كان مأمونًا، وإلا .. فلا يعتمد قطعًا، وما إذا لم تكن قرينة؛ فإن احتفت به قرينة أفادت العلم .. اعتُمد قطعًا، والكافر والفاسق كالصبي في ذلك.

(والأصحُّ: صحة توكيل عبد في قبول نكاح) إذ لا ضرر على السيد فيه، والثاني: لا؛ إذ لا يستقل فيه بنفسه.

ومحل الخلاف: إذا لم يأذن فيه، فإن أذن .. صحَّ قطعًا؛ كذا ذكره في "الروضة" في النكاح، وقال هنا بعد أن حكى الخلاف مع الإذن:(المختار: الجواز مطلقًا)(1).

وهذه المسألة مستثناة من عكس القاعدة، وهو أن من لا تصحُّ مباشرتُه لنفسه .. لا تصحُّ وكالته.

(1) روضة الطالبين (4/ 299).

ص: 247

وَمَنْعُهُ فِي الإِيجَابِ. وَشَرْطُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ: أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُوَكِّلُ، فَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْع عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ، وَطَلاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا .. بَطَلَ فِي الأَصَحِّ. وَأَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ، فَلَا يَصِحُّ فِي عِبَادَةٍ إِلَّا الْحَجَّ، وَتَفْرِقَةَ زَكَاةٍ، وَذَبْحَ أُضْحِيَةٍ، وَلَا فِي شَهَادَةٍ، وَإِيلَاءٍ، وَلِعَانٍ، وَسَائِرِ الأَيْمَانِ،

===

(ومنعه في الإيجاب) لأنه إذا لم يزوج بنت نفسه .. فبنت غيره أولى، والثاني: يصحُّ؛ لصحة عبارته في الجملة، والمبعض أولى بالصحة منه فيما يصحُّ توكيلُه فيه.

(وشرط الموكل فيه: أن يملكه الموكِّل، فلو وكله ببيع عبد سيملكه، وطلاق من سينكحها .. بطل في الأصحِّ) لأنه لا يتمكن من مباشرته بنفسه عند التوكيل، فكيف يستنيب فيه غيره؟ والثاني: يصحُّ؛ لأن الملك حاصلٌ عند المقصود من التوكيل وهو التصرف.

ويستثنى من إطلاق المصنف: عامل القراض؛ فإن إذن المالك في بيع ما سيملكه من العروض نافذ؛ إذ لا تتم مصالح العقد إلا به، ولو قال:(وكلتك في بيع كذا، وأن تشتري بثمنه كذا) .. فأشهر القولين: صحة التوكيل بالشراء؛ كما ذكره صاحب "المطلب".

(وأن يكون قابلًا للنيابة) لأن التوكيل تفويض وإنابة، فما لا يقبلها؛ كاستيفاء حقِّ القسم من الزوجات ونحوه مما سيأتي .. لا يقبل التوكيل (فلا يصحُّ في عبادة) لأن المقصود منها ابتلاءُ الشخص وامتحانه بإتعابه نفسه، وذلك لا يحصل بالتوكيل، (إلا الحج، وتفرقةَ زكاة، وذبحَ أضحية) للأدلة المذكورة في أبوابها.

ويندرج في التوكيل بالحج ركعتا الطواف، والعمرةُ كالحج.

والكفارة، والنذر، وصدقة التطوع كالزكاة.

والعقيقة، والهدايا، وشاة الوليمة كالأضحية.

والعاجز يأمر من يوضئه، أو ييممه، والتوكيل في إزالة النجاسة جائز، وعنه احترز بقوله:(عبادة)؛ لأنه من باب التروك، ولذلك لا تشترط فيها النية على الأصحِّ.

(ولا في شهادة، وإيلاء، ولعان، وسائر الأيمان) أي: باقيها؛ إلحاقًا لها بالعبادات.

ص: 248

وَلَا فِي ظِهَارٍ فِي الأَصَحِّ، وَيَصِحُّ فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ، وَهِبَةٍ، وَسَلَمٍ، وَرَهْنٍ، وَنِكَاحٍ، وَطَلَاقٍ، وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ، وَقَبْضِ الدُّيُونِ وَإِقْبَاضِهَا، وَالدَّعْوَى وَالْجَوَابِ، وَكَذَا فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ كَالإِحْيَاءِ وَالاصْطِيَادِ وَالاحْتِطَابِ فِي الأَظْهَرِ، لَا فِي إِقْرَارٍ فِي الأَصَحِّ،

===

والنذر، وتعليق الطلاق، والعتق في معنى الأيمان، قاله الرافعي (1)، ولا ترد صحة الشهادة على الشهادة؛ إذ ليست بتوكيل.

(ولا في ظهار في الأصحِّ) الوجهان مبنيان على أن المغلب فيه معنى اليمين أو الطلاق، والأرجح: تغليب شائبة الطلاق، وقضيته: ترجيح الصحة، لكن لمنعه معنى آخر، وهو أنه منكر من القول وزور، فلا تشرع فيه الإعانة بالتوكيل؛ لقوله تعالى:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} وإذا صححناه قال في "المطلب": الأشبه: أن يقول: (موكلي يقول: أنت عليه كظهر أمه).

(ويصحُّ في طرفي بيع، وهبة، وسلم، ورهن، ونكاح) أما النكاح .. فبالنصِّ، وأما الباقي .. فبالقياس، (وطلاق) منجز؛ لأنه إذا جاز في العقد .. ففي حَلِّهِ أولى، أما المعلق .. فيمتنع على الأصح، (وسائرِ العقود) كالصلح والحوالة والضمان، ونحو ذلك، (والفسوخ) المتراخية، أما التي على الفور .. فلا؛ للتقصير.

(وقبض الديون وإقباضها، والدعوى والجواب) لعموم الحاجة.

ويستثنى من جواز التوكيل في القبض: قبض العوض في الصرف في غيبة الموكل؛ لأنه بغيبته فسد العقد، وفي استثنائه نظر؛ لأنه بعد فساد العقد لا دين.

(وكذا في تملك المباحات؛ كالإحياء، والاصطياد، والاحتطاب في الأظهر)؛ لأنها أحد أسباب الملك، فأشبه الشراء، فيحصل الملك للموكل إذا قصده الوكيل له، والثاني: المنع؛ قياسًا على الاغتنام.

(لا في إقرار) بأن يقول: (وكلتك لتقر عني لفلان بكذا)(في الأصحِّ) لأنه إخبار عن حقٍّ، فلم يقبل التوكيل؛ كالشهادة، والثاني: يصحُّ؛ لأنه قول يلزم به

(1) الشرح الكبير (5/ 207).

ص: 249

وَيَصِحُّ فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةِ آدَمِيٍّ؛ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ. وَلْيَكُنِ الْمُوَكَّلُ فِيهِ مَعْلُومًا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَوْ قَالَ:(وَكَّلْتُكَ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ)، أَوْ (فِي كُلِّ أُمُورِي)، أَوْ (فَوَّضْتُ إِلَيْكَ كُلَّ شَيْءٍ) .. لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ قَالَ:(فِي بَيْعِ أَمْوَالِي وَعِتْقِ أَرِقَّائِي) .. صَحَّ،

===

الحقُّ، فأشبه الشراء، فعلى هذا: لم يكن بنفس التوكيل مقرًّا على ما صححه في "زيادة الروضة"، إلا أن يقول:(أقر عني لزيد بألف له علي) فيكون مقرًا جزمًا، وعلى الأول: يكون مقرًّا؛ كما نقله في "زيادة الروضة" عن الأكثرين، وجزم في "الحاوي الصغير" بخلافه (1).

وصورة لفظ الوكيل: (أقررت عنه بكذا)، كما اقتضاه كلام البَنْدَنيجي، واختار السبكي أن يقول:(موكلي مقر لك بكذا).

(ويصحُّ في استيفاء عقوبة آدمي؛ كقصاص، وحدِّ قذف) كسائر الحقوق، بل يتعين ذلك في حدِّ القذف، وكذا في قطع الطرف في الأصح؛ كما ذكره المصنف في موضعه، ويجوز أيضًا التوكيل في استيفاء حدود الله تعالى من الإمام والسيد.

نعم؛ يمتنع التوكيل في إثباتها؛ لأنها مبنية على الدرء، إلا في القاذف، فإنه يجوز له أن يوكل في إثبات زنا المقذوف؛ لسقوط حدِّ القذف عنه بذلك.

(وقيل: لا يجوز إلا بحضرة الموكل) لاحتمال العفو في الغيبة، قال صاحب "المعين" تبعًا لابن الصباغ: ومحل الخلاف: في تمكين الحاكم الوكيل من الاستيفاء، أما استيفاء الوكيل .. فصحيح قطعًا.

(وليكن الموكَّل فيه معلومًا من بعض الوجوه) لئلا يعظم الغرر.

(ولا يشترط علمه من كلِّ وجه) لأنها جوزت للحاجة، فسومح فيها.

(فلو قال: "وكلتك في كلِّ قليل وكثير"، أو "في كلِّ أموري"، أو "فوضت إليك كلَّ شيء" .. لم يصحَّ) لأنه غرر عظيم، فإنه يدخل فيه أمور لو عرض تفصيلها على الموكل؛ كطلاق زوجاته، والصدقة بجميع ماله .. لاستنكره.

(وإن قال: "في بيع أموالي، وعتق أرقائي" .. صحَّ) لأن الغرر فيه قليل.

(1) روضة الطالبين (4/ 293 - 294)، الحاوي الصغير (ص 327).

ص: 250

وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءَ عَبْدٍ .. وَجَبَ بَيَانُ نَوْعِهِ، أَوْ دَارٍ .. وَجَبَ بَيَانُ الْمَحِلَّةِ وَالسِّكَّةِ، لَا قَدْرِ الثَّمَنِ فِي الأَصَحِّ. وَيُشْتَرَطُ مِنَ الْمُوَكِّلِ لَفْظٌ يَقْتَضِي رِضَاهُ؛ كـ (وَكَّلْتُكَ فِي كَذَا)، أَوْ (فَوَّضْتُهُ إِلَيْكَ)، أَوْ (أَنْتَ وَكِيلِي فِيهِ)،

===

(وإن وكله في شراء عبد .. وجب بيان نوعه) كتركي، أو هندي ونحوهما؛ لاختلاف الأغراض فيها، ولا يشترط استقصاء الأوصاف التي في السلم، ولا ما يقرب منها اتفاقًا، قاله الإمام والغزالي، وجرى عليه الشيخان (1)، لكن اعتبر القاضي ذكر الصفات التي يختلف الثمن باختلافها، ولو اختلفت أصناف نوع اختلافًا ظاهرًا .. اشترط التعرض للصنف، قاله الجويني، وأقراه (2).

(أو دار .. وجب بيان المحلة) وهي الحارة (والسكة) بكسر السين: وهي الزقاق؛ لاختلاف الغرض بذلك اختلافًا ظاهرًا، ويتعرض في الحانوت للسوق.

(لا قدرِ الثمن في الأصحِّ) في هذه المسألة والتي قبلها؛ لأن غرضه قد يتعلق بواحد ما، نفيسًا كان أو خسيسًا، والثاني: لا بدّ من تقديره؛ كمئة، أو بيان غايته؛ كمئة إلى ألف؛ لظهور التفاوت.

هذا كلُّه إذا قصد بالشراء القنية، فإن قصد التجارة .. لم يشترط بيان شيء من ذلك، بل يجوز أن يقول:(وكلتك في أن تشتري بهذا الدينار ما شئت من العروض، أو ما رأيت المصلحة في شرائه) قياسًا على القراض؛ كما نقله في "الكفاية" عن الماوردي والمتولي، وأقره، وجزم به القفال، وهو مقتضى كلام الرافعي (3).

(ويشترط من الموكِّل لفظ يقتضي رضاه؛ كـ "وكلتك في كذا"، أو "فوضته إليك"، أو "أنت وكيلي فيه") ونحوها كـ (أنبتك فيه)، كما يشترط الإيجاب في سائر العقود.

(1) عبارة (أ): (قاله الإمام والغزالي، وجرى للشيخان والرافعي)، وفي غير (أ):(قاله الإمام والرافعي)، ولعل المثبت هو الصواب.

(2)

نهاية المطلب (7/ 51)، والوسيط (3/ 280)، والشرح الكبير (5/ 214)، وروضة الطالبين (4/ 296 - 297).

(3)

كفاية النبيه (10/ 284)، الشرح الكبير (5/ 214).

ص: 251

فَلَوْ قَالَ: (بِعْ)، أَوْ (أَعْتِقْ) .. حَصَلَ الإِذْنُ. وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ؛ كـ (وَكَّلْتُكَ)، دُونَ صِيَغِ الأَمْرِ؛ كـ (بع) وَ (أَعْتِقْ). وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ فِي الأَصَحِّ،

===

وقوله: (لفظ) يوهم أنه لا تكفي الكتابة وإشارة الأخرس وكتابته، وليس كذلك، بل هو كالبيع وأولى.

وقوله: (كوكلتك) قد يفهم أن تعيين الوكيل شرطٌ فلا يصحُّ: (وكلت كلَّ من أراد بيع داري هذه) في بيعها، وبه صرح الإمام، والغزالي، وكذا الرافعي في (كتاب الحج) في الكلام على الجعالة فيه (1)، ونقله المصنف في "فتاويه" عن الأصحاب (2).

(فلو قال: "بع" أو "أعتق" .. حصل الإذن) لأنه أبلغ مما سبق.

(ولا يشترط القبول لفظًا) لأن التوكيل إباحة ورفع حَجْرٍ، فأشبه إباحةَ الطعام، وعلى هذا لو وكله والوكيل لا يعلم .. ثبتت وكالتُه في الأصح، فلو تصرف قبل علمه .. فكبيع مال مورثه ظانًّا حياتَه.

(وقيل: يشترط) لأنه تمليك للتصرف فليقبل؛ كسائر التمليكات، (وقيل: يشترط في صيغ العقود؛ كـ "وكلتك"، دون صيغ الأمر، كـ "بع" و"أعتق") إلحاقًا لصيغة العقد بالعقود، وللأمر بالإباحة.

واحترز بقوله: (لفظًا) عن القبول معنى، فإنه لا بدَّ منه في دوام الوكالة قطعًا، حتى لو رد .. بطلت، قال المنكت: وهو ينافي عدم اشتراط العلم، فإن الرضا يستلزم العلم، فالمشروط إذًا في دوام الوكالة: عدمُ الردِّ لا الرضا، فإنه لو أكرهه على التصرف .. صحَّ في الأصحِّ (3).

(ولا يصحُّ تعليقها بشرط) من صفة، أو وقت (في الأصحِّ) كسائر العقود، والثاني: يصحُّ؛ كالوصية.

(1) نهاية المطلب (4/ 390)، والوسيط (2/ 596)، والشرح الكبير (3/ 312).

(2)

فتاوى الإمام النووي (ص 138 - 139).

(3)

السراج (4/ 24).

ص: 252

فَإِنْ نَجَّزَهَا وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا .. جَازَ، وَلَوْ قَال:(وَكَّلْتُكَ وَمَتَى عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي) .. صَحَّتْ فِي الْحَالِ فِي الأَصَحِّ، وَفِي عَوْدِهِ وَكِيلًا بَعْدَ الْعَزْلِ الْوَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِهَا، وَيَجْرِيانِ فِي تَعْلِيقِ الْعَزْلِ.

===

وفرق الأول: بأن الوصية تقبل الجهالة، فتقبل التعليق، أما تأقيتها؛ كوكلتك إلى شهر .. فجائز.

(فإن نجزها وشرط للتصرف شرطًا .. جاز) بالاتفاق؛ لأنه إنما علق التصرف فقط.

(ولو قال: "وكلتك ومتى عزلتك فأنت وكيلي" .. صحت في الحال في الأصحِّ)؛ لوجود الإذن، والثاني: لا تصحُّ؛ لأنه أبَّدها، وهو إلزام للعقد الجائز.

ومحلُّ الخلاف: ما إذا قال ذلك متصلًا بالتوكيل بصيغة الشرط، وبكلَّما، وعمَّ نفسه وغيره؛ كذا قاله في "المطلب"، واقتضاه تعليل الرافعي بإلزام العقد الجائز (1)، وكلام المصنف ظاهر في جريان الخلاف مطلقًا.

(وفي عوده وكيلًا بعد العزل الوجهان في تعليقها) لأنه علق الوكالةَ ثانيًا على العزل، والأصحُّ: عدم العود؛ لأن الأصحَّ: فساد التعليق، والثاني: يعود، بناء على صحته.

(ويجريان في تعليق العزل) بطلوع الشمس ونحوه.

وقضية كلامه: تصحيح عدم الانعزال، والذي في "الروضة" و"أصلها: أنهما يجريان بالترتيب، والعزل أولى؛ لأنه لا يشترط فيه قبولٌ قطعًا (2)، واشتراطه في الوكالة مختلف فيه، قال الإسنوي: وتصحيح عدم العزل بعيد، وكيف ننفذ التصرفات والمالك مانع منها (3).

* * *

(1) الشرح الكبير (5/ 222).

(2)

روضة الطالبين (4/ 303)، والشرح الكبير (5/ 223).

(3)

المهمات (5/ 532).

ص: 253